الثورة نت /..
نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية .. الخميس 10 ربيع الآخر 1447هـ الموافق 2 أكتوبر 2025م.
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَـــــــا الإِخْـــــوَةُ وَالأَخَــــــــوَات:
السَّــــــلَامُ عَلَيْكُـــمْ وَرَحْمَـــــةُ اللَّهِ وَبَـرَكَاتُـــــهُ؛؛؛
على مقربةٍ من اكتمال عامين كاملين، وبعد انتهاء الدورة الـ 80 لجمعية الأمم المتَّحدة، وبعد أن بلغ السخط العالمي ذروته، يستمر العدو الإسرائيلي في إبادته الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وفي ارتكاب أبشع وأفظع الجرائم، مستنداً:
– إلى الشراكة الأمريكية، والدعم الأمريكي.
– وإلى التخاذل العربي، وفي العالم الإسلامي، التخاذل الرهيب، الذي طمأن العدو الإسرائيلي، وشجَّعه على مواصلة جرائمه.
في هذا الأسبوع كانت الحصيلة ما يزيد على الـ (ألفين وخمسمائة شهيد وجريح)، معظمهم من الأطفال والنساء:
– استهدف العدو الإسرائيلي النازحين، واستهدف أيضاً الأهالي، الذين هم بمئات الآلاف، لا يزالون في أحياء محاصرة في داخل مدينة غزَّة، ويستهدف الجميع: بالقتل بالغارات، بالعربات المفخخة، المحمَّلة بأطنان المواد المتفجِّرة، وأيضاً بالقناصة، بالقذائف… بكل اشكال الاستهداف.
– يستخدم التجويع باستمرار، كوسيلة من وسائل الإبادة، تؤدِّي إلى ارتقاء الشهداء يومياً.
– وكذلك يستهدف منتظري المساعدات في مصائد الموت، التي نصبها بالشراكة مع الأمريكي؛ لتكون هي أيضاً وسيلة من وسائل الإبادة للشعب الفلسطيني.
– يستمر في تدمير ما تبقى من الأبراج والمساكن بشكلٍ كبير، يسعى إلى تدمير كل المساكن، كل الأحياء السكنية في قطاع غزَّة؛ حتَّى لا تبقى مكاناً صالحاً للحياة، فهو مستمرٌ في كل أنواع جرائمه.
– مستمرٌ في التهجير القسري للشعب الفلسطيني، وإلى مناطق غير آمنة، يسمِّيها [آمنة]، ثم يستهدف النازحين إليها، وليس فيها أي مقوِّمات للحياة، ولا تتوفَّر فيها المتطلبات الضرورية لحياة الناس؛ ولـذلك نشاهد الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في العراء، من دون أيِّ مأوى، من دون أن تتوفَّر لهم أدنى متطلبات الحياة، والمقدار الضروري منها.
الأطفال في قطاع غزَّة ما بين شهداء، وما بين مجوَّعين، ومروَّعين، ومهدَّدين، تحت طائلة القصف والاستهداف، كل الأطفال في قطاع غزَّة على هذه الحالة.
العدو الإسرائيلي هو يتباهى ويستعرض بمشاهد الاستهداف والترويع للأطفال والنساء، حتَّى أساليبه في الاستهداف للمدنيين، وللأطفال، وللنساء، فيها وحشية، فيها دناءة، فيها إجرام، فيها تلذذ بالجريمة، وفيها أيضاً استعراض بما يفعله ضد الأطفال وضد النساء، هذا هو الحال في قطاع غزَّة.
المشاهـــد اليوميـــة، يشاهدها الناس الذين يتابعون في مختلف أنحاء الدنيا، كل مشهدٍ منها كافٍ ليحرِّك الضمير الإنساني، والمشاعر الإنسانية، وليحيي الشعور بالمسؤولية، في نفس أيِّ إنسان بقي فيه إنسانية، أبلغ من كلِّ كلمة، وأعظم تأثيراً من أيِّ محاضرة، وفوق الوصف، وفوق التعبير؛ ولـذلك من المهم للجميع أن يشاهدوا ما يحدث هناك:
– لأن لهذا أثره الكبير في النفوس، في إحياء الشعور بالمسؤولية، في الإدراك لأهمية الموقف.
– ولأن التجاهل والتغافل تجاه ما يحدث في غزَّة، تجاه مأساة الشعب الفلسطيني، تجاه الإجرام الصهيوني اليهودي، هو بحد ذاته أيضاً تنكُّرٌ للإنسانية، تنكُّرٌ للعدالة، تنكُّرٌ للحقائق المهمة القائمة في واقعنا، في منطقتنا، في أُمَّتنا، والتي لها تأثيرها الذي يفرض نفسه على واقعنا وحياتنا؛ وبالتـالي فيما يترتب على ذلك من مسؤوليات شئنا أم أبينا، يعني: التغافل والتجاهل لا يعفينا من المسؤولية، لا يدفع عنا التَّبعات، بل له تأثيراته السيئة.
ولذلك فالمتابعة في إطار الموقف، في إطار الاهتمام له، لها أهمية كبيرة جدًّا على مستوى:
– زيادة الوعي.
– زيادة الشعور بالمسؤولية.
– زيادة الاهتمام.
حالة التفاعل النفسي والوجداني التي تبقى قائمة، تبقى قائمة عندما تشاهد الأطفال والنساء وهم في حالة الشهادة، والبعض منهم في حالة الجراح، مضرَّجين بدمائهم، يصرخون ويستغيثون، يناشدون هذه الأُمَّة، والمجتمع الإنساني بكله، تشاهد كل تلك المشاهد المتنوعة جدًّا:
– المعبِّرة عن المظلومية في أنهى مستوى من المظلومية، في أعلى مستوى من المظلومية.
– وكذلك المعبِّرة عن الإجرام اليهودي الصهيوني، الذي يشهد على حقيقة العدو اليهودي الصهيوني، وحقيقة ما هي خلفيات توجُّهاته، الخلفيات التي تصنع مجرمين، خلفيات ثقافية عقائدية، منطلقات فكرية، تصنع مجرمين متوحِّشين في أسوأ مستوى من الإجرام والتَّوحُّش، والبعد عن الفطرة الإنسانية، والتباين التام مع مكارم الأخلاق، ومع الفطرة الإنسانية.
فيمـــا يتعلَّــق بالمسجـــد الأقصــى، المَعْلـم الإسـلامي المقـدَّس العظيـم:
يستمر الأعداء الصهاينة في انتهاك حرمته بشكلٍ مستمر، في هذه الأيام استمر الأعداء الصهاينة بشكلٍ مكثَّف بالتزامن مع رأس السنة العبرية، ومن ضمن الطقوس التي أجروها في انتهاكهم لحرمة المسجد الأقصى، هي: النفخ في البوق، ضمن التقاليد اليهودية الباطلة، لكن لذلك دلالات معيَّنة فيما يفعلونه.
يواصلون أيضاً كل أشكال الاعتداءات على الشعب الفلسطيني في الضِّفَّة الغربية:
– من جرائم القتل.
– من جرائم التدمير للمساكن، والاحتلال لبعضها.
– المصادرة للأراضي.
– الإحراق للمحاصيل الزراعية.
– تكثيف الاعتداء حتَّى على البدو الفلسطينيين، في المناطق التي يستقرُّون فيها، ويتنقَّلون فيها، يعتدون عليهم، يعتدون على ماشيتهم، وبكل أشكال الاعتداءات.
كذلك يستمرون في عمليات التهجير في الضِّفَّة الغربية، لمن قاموا بتهجيرهم من مخيمات: (جنين، وطولكرم، ونور شمس)، وضمن العمليات التي يحاولون فيها التغيير الديموغرافي للضِّفَّة الغربية.
المصادرة للأراضي، والضم للأراضي، يستمرون في ذلك في الضِّفَّة الغربية… كل أشكال الاعتداءات.
جرائم الاختطافات بشكلٍ مكثف.
يستمرون في تعذيب الأسرى واضطهادهم، وهناك أيضاً خطوة أقدم عليها العدو الإسرائيلي في محاولة لقوننة جرائمه تجاه الأسرى، حيث قامت ما تسمَّى [لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي] بالمصادقة على مشروع قانون لإعدام الأسرى (الأسرى الفلسطينيين).
العدو الإسرائيلي في جرائمه الوحشية، وفي تعذيبه للأسرى، يصل به الحال إلى أنَّه يقتل الأسرى أصلاً، وهناك أعداد كبيرة مِمَّن ارتقوا شهداء من الأسرى الفلسطينيين تحت التعذيب، ولكن العدو الإسرائيلي لا يكتفي بذلك، ويسعى لإصداره لما يسمَّى بقانون، أن يجعل جرائمه تجاه الأسرى، واستباحته لهم، أن يجعلها مسألة مقوننة في مخالفة، مخالفة لكل الأعراف، لكل القوانين والمواثيق الدولية، وهو في سياق ما هو عليه من إجرام، من وحشية، من طغيان، مثلما هو الحال عندما يصدر قانوناً لاغتصاب الأراضي، لهدم البيوت، كل ما يعمله في هذا السياق، وتحت هذا العنوان، لا يبيح له ما يرتكبه من جرائم، الجريمة لا تقونن، وإن سُمِّيَّت بـ (قانون)، أو قدِّم لها خلفية تحت عنوان قانون، لا تتحوَّل إلى قانونية؛ الجريمة تبقى جريمة، والعدوان يبقى عدواناً، والاغتصاب يبقى اغتصاباً، لا يمكن شرعنة الظلم، والإجرام، والطغيان، ولا أن يقدَّم له غطاء قانوني مهما كان.
مع كل ذلك، كان هناك في هذا الأسبوع الإعلان المشترك ما بين المُجْرِمَيْن (ترامب، ونتنياهو)، لما يسمَّى بـ [خطة ترامب]:
كان هناك إعلان مسبق، وفي إطار ذلك الإعلان- لما يسمَّى بـ [خطة ترامب]- كان هناك أيضاً إعلان لبعض بنودها، وبعض ما تضمَّنته من عناوين، ثم عندما ذهب المجرم (نتنياهو) إلى شريكه المجرم (ترامب)- شريكه في الإجرام، شريكه الأمريكي في كل الجرائم التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني- قُدِّمت له تلك الخطة؛ ليضيف عليها المزيد من التعديلات؛ حتَّى تصبح خطةً تتضمَّن كل ما يريده الإسرائيلي، الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، وفيها المصادرة للحقوق الثابتة، المشروعة، المعترف بها عالمياً في كل الدنيا؛ فهو يسعى إلى مصادرة الحق الفلسطيني في قطاع غزَّة.
ولـذلك في إطار تلك الخطة- لم تتضمَّن أبداً أن يبقى هناك سيادة فلسطينية على قطاع غزَّة- عملوا على أن تُشَكَّل هيئة إدارية أخرى، من الأمريكيين والبريطانيين… وغيرهم؛ لتكون هي من تسيطر إدارياً على قطاع غزَّة، لم يقبلوا حتَّى بالسلطة الفلسطينية! لم يقبلوا حتَّى بعنوان [الدولة الفلسطينية]، حتَّى بالمستوى الشكلي الذي اعترفت به البعض من البلدان الغربية، مع ما هو قائم من اعتراف دولي لمعظم البلدان في العالم، كل هذا يتنكَّرون له؛ يحاولون أن يجعلوا مسألة تحويل قطاع غزَّة إلى منطقة مستباحة، خالية من أيِّ حضور مقاوم ومجاهد للشعب الفلسطيني، ومن أيِّ عملٍ يسعى إلى استعادة الحق الفلسطيني، فأدخلوا ضمن ذلك بنوداً لنزع سلاح المقاومة، لتهجير المجاهدين من قطاع غزَّة… وغير ذلك.
الأمريكي لماذا اتَّجه هذا التَّوَجُّه ومعه الإسرائيلي؟ لأن الضَّجَّة العالمية، والاستياء العالمي من الوحشية، والعدوان، والإبادة الجماعية، التي يمارسها العدو الإسرائيلي بشراكةٍ أمريكية ضد الشعب الفلسطيني، بلغت الذروة، وكان واضحاً حتَّى فيما يتعلَّق بالوفود، التي حضرت من مختلف الدول إلى الأمم المتَّحدة في دورتها الـ 80، مدى السخط الذي فرض نفسه حتَّى على الوفود الرسمية، على الحكومات، على الأنظمة، والتي هي أقل استجابةً وتفاعلاً وتأثراً تجاه ما يحدث على الشعب الفلسطيني من الشعوب، لكن حجم الإجرام اليهودي الصهيوني، بشراكةٍ أمريكية، في قطاع غزَّة ضد الشعب الفلسطيني، في جريمة القرن والعصر، قد بلغ إلى مستوى مهول، ورهيب، وفظيع، ومخزٍ لكل المجتمعات الإنسانية، إلى درجة أنَّ الكثير من الزعماء، كثير من النخب، يتحدَّثون في مختلف البلدان في أنحاء العالم بهذا التعبير: أنَّ ما يقوم به العدو الإسرائيلي من:
– إبادة جماعية، وتجويع للأطفال الرُّضَّع حتَّى الموت، وللأطفال بمختلف فئاتهم العمرية، للشعب الفلسطيني بشكلٍ عام، أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزَّة.
– الإبادة المباشرة بالقتل لـ 11% من نسبة السكان في قطاع غزَّة حتَّى الآن.
– أسلوب الاستباحة الكاملة في القصف الشامل والكامل للأهالي في قطاع غزَّة.
– التدمير الكلي للأحياء السكنية.
– التعطيش.
كل أشكال الجرائم التي يمارسها العدو الإسرائيلي، ويشاهدها الناس في مختلف البلدان، قد بلغت إلى حدٍ تحرج الحكومات والأنظمة من ألَّا يكون لها صوت، لتعبِّر به عن استياء بلدانها وشعوبها من حجم ذلك الإجرام والطغيان، وتتضامن به مع الشعب الفلسطيني، المظلوم مظلوميةً لا مثيل لها في كل الدنيا، فهذا أصبح واضحاً، إلى درجة أنَّ البعض من الحكومات، التي هي من أكثر الحكومات تعاوناً مع العدو الإسرائيلي، والبعض منها من أقدمها تعاوناً مع العدو الإسرائيلي، كـ: (الحكومة البريطانية)، وهي معروفٌ دورها، تاريخها، ما قدَّمته للعدو الصهيوني من أيام احتلالها لفلسطين، وتمكينها للصهاينة اليهود من الاحتلال لفلسطين، كذلك ما تقدِّمه فرنسا، ما تقدِّمه ألمانيا؛ لكن الكثير حتَّى من الحكومات الأوروبية اضطرت إلى أن تعلن- ولو على نحوٍ شكلي- اعترافها بالدولة الفلسطينية، التعبير عن الاستياء من حجم الطغيان الإسرائيلي، والإجرام الصهيوني، وهذا بالنسبة لتلك الأنظمة التي لها علاقة وثيقة جدًّا بالأعداء اليهود الصهاينة، فما بالك ببقية العالم، ببقية البلدان والدول.
هذه الضَّجَّة العالمية، هذا الاستياء في كل الدنيا، الأنشطة المستمرَّة ذات الأهمية البالغة والكبيرة، لكل ذوي الضمير الإنساني في مختلف البلدان، من النخب وغيرها، على المستوى الشعبي والجماهيري، سواءً في أوروبا، في أمريكا، في أستراليا… في مختلف أنحاء الدنيا، مثَّل ضغطاً مستمرّاً، وعامل ضغطٍ مستمر؛ لمساندة الشعب الفلسطيني ومظلوميته، للضغط على الحكومات والأنظمة، ولاسيَّما أنَّه في بعض البلدان يتصاعد، يأخذ أشكالاً متنوعة من الاحتجاج والضغط:
– مثلاً: في إيطاليا، أنشطة لمنع تصدير ما يفيد العدو الإسرائيلي: أسلحة، وقود… أيًّا ممَّا يستعين به العدو الإسرائيلي على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، من العمال في الموانئ، من النقابات.
– أنشطة ضاغطة على المستوى الشعبي: المظاهرات بشكلٍ مستمر.
– أنشطة متنوعة، أجبرت بعض البلدان على إصدار قرارات بمنع المجرم (نتنياهو) من الدخول إلى أراضيها…
وهكذا أشكال متعدِّدة من الضغط المتصاعد، من التفاعل الشعبي في البلدان، له تأثيره الكبير في إحراج الأنظمة والحكومات والزعماء لاتِّخاذ مواقف سياسية دبلوماسية على نحوٍ متفاوت.
فكيف يلتفُّ الأمريكي على ذلك؟ ومن الأساليب التي اعتمد عليها الأمريكي منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزَّة، بكل إجرامه وحشيته، هو: أسلوب الالتفاف، عندما يعلو الصوت العالمي، عندما تكون الضَّجَّة العالمية بشكلٍ كبير، عندما تتأثر السمعة الأمريكية، عندما يتأثر النفوذ الأمريكي في العالم، عندما يشاهدون السخط الشعبي يتصاعد في مختلف البلدان، ويخافون من أن يتحوَّل إلى مواقف عملية، يقومون بالالتفاف، بإظهار خطوات وكأنها خطوات فيها حلول، أو فيها اهتمام بمعاناة الشعب الفلسطيني، وفيها مساعدة للشعب الفلسطيني، ولكنها عادةً ما تكون شكلاً من أشكال الاستهداف للشعب الفلسطيني بطريقة وقحة، ودنيئة، ومسيئة.
كلنا نتذكَّر ما يسمَّى بـ [الجسر البحري]، عندما بدأت مسألة التجويع تصل إلى مستويات يضجّ منها العالم، عندما يشاهد الشعب الفلسطيني وهو مجوَّع، وتمنع عنه المساعدات، أعلن الأمريكي آنذاك- ما قبل فترة- عن مسألة الجسر البحري لإيصال المساعدات إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، وكانت خطوة لها أهداف ومآرب أمريكية، وتخدم أغراضاً وأهدافاً أمريكية من جهة، ومن جهة أخرى: يتظاهر بها الأمريكي وكأنه مهتم بإيجاد طريقةٍ غريبةٍ جدًّا، وكأنه يستحيل إيصال المساعدات عبر البر، من خلال ما يسمِّيه بـ [الجسر البحري]، تجلَّى للعالم بعد ذلك أنَّ هذه مجرَّد عملية خداع، ومحاولة تلبيس على الناس، وأنَّه ليس لها أي جدوى، وليس الأمريكي جاداً نهائياً في أن يجعل منها وسيلةً فعليةً لإيصال الغذاء للشعب الفلسطيني، ما بعد ذلك انتهى مفعول هذه الحيلة، وهذه الخطوة المخادعة، والتي تحوَّلت واحدةً من أساليب الاستهداف للشعب الفلسطيني.
فيما بعد، بلغت الأمور إلى مستويات رهيبة جدًّا من التجويع، المجاعة الشاملة في قطاع غزَّة، ارتقاء الشهداء يومياً، الحالة الرهيبة جدًّا، وضجَّ العالم، خرجت المظاهرات في مختلف البلدان، استاءت المجتمعات البشرية في كل أنحاء الدنيا، بمختلف أديانها، وبمختلف توجهاتها، حينها اتَّجه الأمريكي نحو ما يسمى بـ [مؤسسة غزَّة الإنسانية]، عنوان له طابع إنساني، ومخادع جدًّا، وعلى أساس أنها مؤسسة تهدف إلى تقديم أو إيصال المساعدات إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، واتَّضح للعالم أجمع أنها وسيلة من وسائل القتل للشعب الفلسطيني، والانتهاك لكرامة الشعب الفلسطيني، والتعذيب والاضطهاد للشعب الفلسطيني، وتحوَّلت إلى مصائد للموت، وأصبح هذا العنوان عنواناً معروفاً على مستوى العالم، يسمِّيها الناس في مختلف أنحاء الدنيا بـ [مصائد الموت]، واعترف حتَّى الأمريكيون، الذين هم بصفة أمنيين فيها (في تلك المصائد)، أنهم يباشرون جرائم القتل، جرائم الاستهداف حتَّى للأطفال، للأطفال، للنساء، للكبار، للصغار، من أبناء الشعب الفلسطيني، وظهرت المشاهد الموثَّقة، مشاهد الفيديو، التي توثِّق أنواع الإجرام بحق منتظري المساعدات من أبناء الشعب الفلسطيني، المجوَّعين، المظلومين، المضطهدين، والأمريكي مستمر في هذا المسار: في مسار التعذيب، الالتفاف، الخداع، بوسائل وبعناوين مخادعة؛ لكنها تأتي دائماً:
– لخدمة العدو الإسرائيلي.
– وفي إطار الشراكة الأمريكية مع العدو الإسرائيلي.
– وفي إطار الاستهداف للشعب الفلسطيني بكل أشكال الاستهداف، الاستهداف لقضيته العادلة، المُحِقَّة، الاستهداف لحقوقه المشروعة، الثابتة، المعترف بها عالمياً، الاستهداف بالقتل، بالجريمة، بالجناية، بالظلم، بالاضطهاد، بالتعذيب بكل أشكاله.
هذا هو الأسلوب الأمريكي.
فالأمريكي اتَّجه للالتفاف على الضَّجَّة العالمية، وقدَّم- بخداع كبير لكل العالم، خداع من جهة، ومحاولة لتقديم غطاء لمن يريد غطاءً، ليتَّخذ موقفاً سلبياً تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه الإخوة المجاهدين في قطاع غزَّة، والمقاومة الفلسطينية- ما قدَّمه تبنَّى فيه المطالب والأهداف الإسرائيلية بشكلٍ صريح، ومكشوف، بل ويفتخر (ترامب) بذلك، كما قلنا: قُدِّمت تلك الخطة إلى (نتنياهو)؛ ليجري عليها أيضاً المزيد من التعديلات، حتَّى تتحوَّل وكأنها إسرائيلية، وفي اعتراف المجرم (نتنياهو): [أنها تتضمَّن ما يسعى له العدو الإسرائيلي في قطاع غزَّة، وإنما يسعى إلى أن يحصل على ذلك إمَّا بسهولة]، كما عبَّر، [وإمَّا بالطريقة الصعبة]، يعني: استكمال الإبادة.
في الكلمة التعقيبية للقاء (نتنياهو، وترامب)، تحدَّث المجرم (ترامب) عن خطته تلك في إطار ما يقدِّمه لخدمة إسرائيل، مستشهداً أيضاً بما سبق وأن قدَّمه لها، ومن ذلك:
– اعترافه بالقدس عاصمةً للعدو الإسرائيلي، ونقله السفارة إليها، في خطوة قال: [أنه لم يجرؤ قبله أي رئيس أمريكي على تطبيقها]؛ لأنهم كانوا يعدون بالاعتراف، أو يعترفون، لكن لم ينقلوا السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو أقدم على هذه الخطوة؛ ليتعامل فعلياً على هذا الأساس، وليقدِّم الخطوة كخطوة فعلية، تتحوَّل إلى واقعٍ فعلي، يتعامل على هذا الأساس: على أنَّ القدس عاصمة لإسرائيل.
وهذه الخطوة هي من أخطر، وأسوأ، وأقبح، وأظلم ما ارتكبه المجرم (ترامب) ضد القضية الفلسطينية، ضد الأُمَّة الإسلامية جمعاء؛ لما تعنيه لنا القدس كمسلمين، وما يعنيه لنا المسجد الأقصى كمقدَّس من أعظم مقدَّساتنا الإسلامية، فهو يفتخر بذلك في سياق تعقيبه على خطَّته، وأنَّها تأتي في نفس السياق.
– افتخر أيضاً بأنَّه قدَّم الجولان السوري المحتل للعدو الإسرائيلي، وَهَبَه للعدو الإسرائيلي، ضمن الخدمات التي يقدِّمها للعدو الإسرائيلي.
– قال عن نفسه بأنه: [أعظم رئيس أمريكي صديق لإسرائيل، وأنه يقدِّم لها ما لم يقدِّمه أي رئيسٍ أمريكيٍ قبله].
فكان مقدِّماً لخطته في هذا السياق نفسه: في سياق الخدمات التي يقدِّمها لإسرائيل:
• يسعى لمصادرة الحق الفلسطيني بشكلٍ واضح:
ولهـذا- كما قلنا- لم يقبل حتَّى بالسلطة الفلسطينية، أن تكون غزَّة تحت إدارة السلطة الفلسطينية، مع أنَّه ليس ما نطالب به، أو نريده؛ لأن السلطة الفلسطينية دورها ضعيف، ولكن المسألة هي متروكة للفلسطينيين، يعني: عالمياً، المعترف به ضمن العالم بكله، أنَّ إلى الشعوب نفسها هي أن تقرِّر حق المصير، ما يسمُّونه بـ [تقرير حق المصير] في العالم بكله، كيف ينزعون عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة حق إدارته لنفسه، ويفرضوا وصايتهم عليه، ويريدون أن يكون لهم هم سلطة على قطاع غزَّة (للأمريكي، والبريطاني)، أن يكون (ترامب) على رأس ما يسمُّونه بـ [مجلس السلام]! مجلس مصادرة الحقوق الفلسطينية- هذا هو الاسم الواقعي- والاستهداف للشعب الفلسطيني، والتمهيد للسيطرة الإسرائيلية المباشرة.
كما حصل في التاريخ، بريطانيا سيطرت على فلسطين، واحتلَّت فلسطين، وما بعد احتلالها لفلسطين- في البداية تحت عنوان الانتداب- قامت بتسليم فلسطين للصهاينة اليهود:
– مكَّنتهم من الاحتلال.
– قدَّمت لهم السلاح.
– قمعت الشعب الفلسطيني واضطهدته.
– وفَّرت كلَّ وسائل الحماية والدعم والمساندة للصهاينة اليهود.
– وساندتهم حتَّى وصلوا إلى المستوى الذي اطمأنت فيه أنهم سيتمكَّنون من السيطرة على فلسطين، ثم ذهبت وتركت فلسطين لاحتلالهم.
يريدون من جديد أن يقدِّموا نفس تلك الطريقة مع قطاع غزَّة:
– تجريده من إدارة الشعب الفلسطيني، من الإدارة الفلسطينية، من أن يكون من يديره هم أبناؤه، يديرون أنفسهم بأنفسهم، وبلدهم بأنفسهم.
– وينزعون منه سلاحه، كل وسائل الحماية، كل وسائل الدفاع، كل وسائل المقاومة، وهي مشروعةٌ له، حقٌ مشروعٌ له في المواثيق الدولية، في مواثيق الأمم المتَّحدة… في غيرها، في القانون الدولي… في غيره، في الأعراف عند المجتمعات البشرية بكلها.
مع ذلك يريدون أن يجرِّدوه من كلِّ هذه الحقوق، ومن كلِّ وسيلة يدافع بها عن هذه الحقوق؛ بل أن تتحوَّل أي محاولة لِلتَّمسُّك بهذه الحقوق، والدفاع عنها، تتحوَّل إلى فعلٍ مجرَّم، مستهدف من الجميع.
• يسعون لتوريط الأنظمة العربية، في التجنُّد الأمني لخدمة العدو الإسرائيلي، والتَّحَرُّك ضد المجاهدين:
وكان (ترامب) صريحاً في ذلك، أنَّ على الأنظمة العربية هي أن تتولى الموقف هي، لتجريد حركة حماس، كتائب القسَّام والفصائل الفلسطينية المجاهدة في قطاع غزَّة، المدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني، تجريدها من سلاحها المقاوم، السلاح الفلسطيني؛ فهو يريد أن يتحمَّل العرب هم هذا الدور، هذه المهمة القذرة جدًّا في الاستهداف للشعب الفلسطيني.
ثم استمر في الحديث عن هذه الترتيبات المتعلِّقة بقطاع غزَّة، تحت عنوان [تغيير الشرق الأوسط]، يعني: أنها في إطار واضح، إطار عام: إطار تثبيت السيطرة الإسرائيلية في هذه المنطقة، وإزاحة أي عائق أمام السيطرة الإسرائيلية؛ لأن الأمريكي يريد أن يكون الإسرائيلي وكيله في هذه المنطقة، وأن يكون هو المسيطر عليها.
وهذا هو التَّوَجُّه الأمريكي الواضح، ومعروف عندما يتحدَّثون عن [تغيير الشرق الأوسط]، أنهم يقصدون تغيير واقع المنطقة بكله لمصلحة مَنْ؟ لمصلحة العدو الإسرائيلي، وعلى حساب ماذا؟ على حساب حُرِّيَّة، واستقلال، وكرامة، ودين، وحقوق هذه الشعوب العربية والإسلامية في هذه المنطقة، تكون هي الخاسرة، العدو الإسرائيلي يثبِّت سيطرته وهيمنته بشكلٍ كامل.
(ترامب) كان له أيضاً- في كلمة أخرى- تأكيد على أنَّه عمل على إعادة فرض الهيمنة الأمريكية على العالم، هذا هو التَّوَجُّه الأمريكي، والتَّوَجُّه الإسرائيلي معاً، يتَّجهون إلى السيطرة على بقية الشعوب والبلدان، ولكن المتضرِّر الأكبر من ذلك هو: أُمَّتنا الإسلامية، شعوبنا، بلداننا، هي الأكثر تضرراً من هذا التَّوَجُّه الأمريكي والإسرائيلي؛ لأنها مستهدفةٌ به أكثر من غيرها، ولأن الآخرين الكثير منهم هم في موقف المناوئ، المنافس، هناك الصين، هناك روسيا، هناك بلدان أخرى متحرِّرة، وهناك بلدان أيضاً فرضت لنفسها حُرِّيَّتها على مدى زمن طويل، مثلما هو الحال في كوبا، في كوريا الشمالية، مثلما هو الحال في فنزويلا، وبعضها لا يزال مستهدفاً بضغوط مكثَّفة، مثلما هو الحال في فنزويلا؛ لأن الأمريكي يطمع طمعاً كبيراً جدًّا في مخزونها الهائل، واحتياطيها الكبير من النفط، فهو يريد أن يسيطر على فنزويلا؛ لأهداف متعدِّدة، في مقدِّمتها: طمعه لاحتياطيها من النفط.
ولكن الحال بالنسبة لبلداننا: هناك عداء على كل المستويات، وأطماع كبيرة جدًّا، وخلفية عقائدية باطلة، ضالَّة، هي: المعتقد الصهيوني، الذي يتحرَّك على أساسه الأمريكي والإسرائيلي ضمن مخططهم الصهيوني.
لا يجوز للعرب أبداً أن يتحوَّلوا إلى أداة ضغط بيد الأمريكي والإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ومقاومته، ومجاهديه الأعزاء، والفصائل الفلسطينية الحُرَّة، لا يجوز لهم أن يتحرَّكوا ليضغطوا بتلبية خطة (ترامب)، بصورتها تلك المصادرة للحقوق الفلسطينية، الرامية إلى تثبيت السيطرة الإسرائيلية، هذا لا يجوز أبداً، تعتبر تلك خيانة، تعتبر خدمة للعدو الإسرائيلي، تجنُّداً لمصلحته، وهذا ما لا يجوز ولا ينبغي.
الشعب الفلسطيني هو شعبٌ حر، فصائله المجاهدة بكلها هي تتَّخذ قراراتها متمسِّكةً بالثوابت والحقوق المشروعة والأصيلة للشعب الفلسطيني.
المساعي الأمريكية والإسرائيلية هي أن يكون الشعب الفلسطيني، ومقاومته، ومجاهدوه، بفصائلهم، مُخَيَّرين ما بين:
– إمَّا الاستكمال للإبادة والاحتلال.
– أو الاستسلام.
إمَّا أن يستمر العدوان بما فيه من إبادة، وتدمير شامل، وتهجير قسري، وارتكاب أبشع الجرائم، وتحت عنوان: [أنَّ حركة حماس والحركات الفلسطينية لم تقبل بخطة السلام]، تحت هذا العنوان، هذا هو الخداع الأمريكي، وأيضاً إن قبلت؛ تكون النتيجة هي نفس النتيجة، إن قبلت بها كما هي.
لكن- كما قلنا- ما عرفنا عليه إخوتنا المجاهدين في فلسطين، فصائلهم المجاهدة، والحُرَّة، والعزيزة، هي أنهم يتمسَّكون بثوابتهم، يتمسَّكون بالحقوق الثابتة، بالقضية العادلة للشعب الفلسطيني، ومع ذلك أيضاً يجيبون بإجابات حكيمة، تنزع عن العدو أساليبه الالتفافية والمخادعة.
لكن ما يهمنا أن نؤكِّد عليه هو هذه النقطة: ألَّا يتحوَّل العرب وبعض الأنظمة الإسلامية إلى أداة ضغط عليهم، بل ينبغي أن يتحرَّك الجميع معهم:
– سواءً لكشف الخداع الأمريكي والإسرائيلي.
– أو في التأكيد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والتَّمَسُّك بالثوابت التي لا ينبغي التفريط بها، والتفريط بها ضياع للشعب الفلسطيني ولمستقبله.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ}[آل عمران:149-150]، فعلاً إذا اتَّجهت حكومات وأنظمة هذه الأُمَّة، وشعوب هذه الأُمَّة، لطاعة الأمريكي والإسرائيلي، لطاعة أئمة الكفر، الطغاة، الظالمين، المجرمين، المستكبرين؛ فالنتيجة الحتمية هي الخسارة، وخسارة رهيبة جدًّا؛ لأن ما يسعى له الأمريكي والإسرائيلي، في المخطط الصهيوني، هو:
– المصادرة لِحُرِّيَّة وكرامة هذه الأُمَّة.
– طمس هويتها الإسلامية.
– احتلال أوطانها.
– الاستعباد لها من دون الله.
– الإذلال.
– الإهانة.
– الاضطهاد.
– التعذيب.
– التدمير.
كل ما في مؤامراتهم ضد هذه الأُمَّة هو شر مطلق، يستهدفون به هذه الأُمَّة.
فيمـــا يتعلَّــق بالصمـــود الفلسطينــي:
بالرغم من طول المدَّة الزمنية، من الحصار، والقتل، والعدوان الشامل، والحصار الشديد جدًّا، إلَّا أنَّ إخوتنا المجاهدين في قطاع غزَّة مستمرون في عملياتهم البطولية المتنوعة، في معظم محاور القتال، منها: الاستهداف للعدو الإسرائيلي بقذائف الهاون، واستهداف الآليات العسكرية لجنوده، واستهداف قطعان المجرمين الصهاينة في بعض المنازل التي يقتحمونها.
– ونشرت كتائب القسَّام فيديو لتنفيذ عملية بطولية، نفَّذها مجموعةٌ من المجاهدين شرق خان يونس.
– سرايا القدس أيضاً نفَّذت عمليات قنص لجنود صهاينة، وكذلك تدمير آليات عسكرية.
– كتائب الشهيد أبو علي مصطفى استهدفت تجمُّعات لجنود العدو الإسرائيلي برشقات صاروخية، كان هناك أيضاً عِدَّة رشقات صاروخية.
وأيضاً بقية الفصائل، والعمليات كثيرة، عمليات بطولية نشرتها كتائب القسَّام في فيديوهات موثَّقة، فيها أداء بطولي، وتفانٍ في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
فيمـــا يتعلَّــق بلبنــــان:
– يستمر العدو الإسرائيلي في اعتداءاته.
– في هذا الأسبوع كان الإحياء العظيم والمشرِّف لذكرى استشهاد شهيد الإسلام والإنسانية السَّيِّد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ”، تحت عنوان: (إنَّا على العهد)، وكان فيه كلمة قوية لقيادة حزب الله.
ذلك الإحياء العظيم للحضور الشعبي الواسع، بما أثبتته حاضنة المقاومة في لبنان، من وفاء، من ثبات، تحت هذا العنوان العظيم والمهم: (إنَّا على العهد)، له دلالة كبيرة ومهمة جدًّا:
بعد كل ما قد حدث: من إجرام إسرائيلي، من ضغوط إسرائيلية أمريكية، ومن بعض الأنظمة العربية المتعاونة مع الإسرائيلي، مِمَّا قد قدَّمته تلك الحاضنة الشعبية من تضحيات كبيرة في سبيل الله تعالى؛ لكنَّها أثبتت وفاءها، أثبتت ما هي عليه من قيم، تلك القيم العظيمة، التي كان يهتف لها شهيد الإسلام والإنسانية، سماحة السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ”، بقوله: (يا أكرم الناس، ويا أشرف الناس، ويا أطهر الناس)، تلك الحاضنة مستمرَّة، تحمل الراية، حزب الله مستمر يحمل الراية، بثباتٍ عظيم.
كلمة الأمين العام لحزب الله، سماحة الشيخ/ نعيم قاسم، كانت كلمة قوية، تؤكِّد على المسار نفسه، على الثبات في الطريق، على حمل الراية، ومواصلة المشوار بكل عزٍّ وثبات.
في سـوريــــا:
تستمر الاستباحة الإسرائيلية، والتكتيك الإسرائيلي فيما يفعله من ممارسات في جنوب سوريا هو لتثبيت السيطرة، ليست مجرَّد أحداث وجزئيات متنوعة، من: توغُّلات، إقامة حواجز، مداهمات، اختطاف… وغير ذلك، كلها جرائم، كلها اعتداءات، ولكنها في إطار هذا الهدف، وهو: تثبيت السيطرة الإسرائيلية على الجنوب السوري، والاستباحة المستمرَّة اليومية، وهذا مِمَّا يحرص عليه العدو الإسرائيلي أن يكون يومياً: مداهمات، احتجاز البعض، إقامة حواجز، اعتداءات، كل ما يفعله هناك في إطار تثبيت السيطرة.
لأول مرَّة في دمشق صهيونيٌّ ينفخ بالبوق في كنيسٍ في قلب دمشق، وهذه خطوة رمزية من جانب العدو الإسرائيلي، لكن لها دلالة، لها دلالة على حجم هذا الاختراق إلى داخل دمشق.
فيمـــا يتعلَّــق بالتضــــامـن الــدولي:
• خرجت مظاهرات في خمس دول عربية، وفي خمسة عشر بلداً في مختلف أنحاء العالم، منها:
– مظاهرة كبيرة وحاشدة في ألمانيا (في برلين).
– في إيطاليا كان هناك مظاهرات كبيرة في عِدَّة مدن إيطالية، وهي مظاهرات مهمة؛ لأن الحكومة الإيطالية فيها البعض من المسؤولين يظهر أنهم صهاينة، منطقهم، مواقفهم المؤيِّدة للعدو الإسرائيلي المجرم، كلامهم ضد الشعب الفلسطيني، هو منطق نفس الصهاينة؛ ولـذلك لتلك المظاهرات الحاشدة، وللأنشطة المتنوعة هناك- ومنها: ما تقوم به النقابات- لها أهمية كبيرة جدًّا.
• من أشرف المواقف، فيما يتعلَّق بالمواقف الدولية والبلدان الأخرى، هي: مواقف الرئيس الكولومبي، المتقدِّمة على معظم زعماء العرب والمسلمين، معظم زعماء العرب والمسلمين لم ترتقِ مواقفهم إلى مستوى مواقف الرئيس الكولومبي:
– دعا إلى تشكيل جيشٍ لتحرير فلسطين.
– قطع كل أشكال العلاقة مع العدو الإسرائيلي: العلاقة الاقتصادية، العلاقة الدبلوماسية.
– مواقفه، تصريحاته قوية جدًّا.
ونتمنى لو أنَّ الزعماء العرب كانوا بمستوى مواقفه، هو تحرَّك بدافع إنساني، بدافع الضمير الإنساني، والمشكلة عندنا في العالم العربي، في معظم العالم الإسلامي، لا بقي للكثير من الزعماء والمسؤولين والنخب لا ضمير إنساني، ولا دافع ديني، ولا دافع قومي، ولا دافع وطني، ولا دافع أخلاقي… ولا أي دافع، موت للضمير الإنساني، حالة رهيبة جدًّا من التخاذل، حالة رهيبة للغاية.
• نجح عمَّال الموانئ ونقابات العمال في إيطاليا من منع تصدير شحنة وقود إلى العدو الإسرائيلي؛ بينما السفن من أربع دول عربية، وبلد إسلامي، لا تتوقَّف أسبوعياً، نرصد من بلد هو من أكبر البلدان العربية، في بعض الأسابيع يصل العدد إلى ثمان سفن، تذهب من موانئه إلى العدو الإسرائيلي، ويستمر في ذلك بشكلٍ مستمر.
• أعلنت سلوفينيا رسمياً- بقرار حكومي- حظر دخول المجرم (نتنياهو) إلى أراضيها.
فهناك تضامن، هناك تفاعل عالمي، نأمل- إن شاء الله- أن يتصاعد أكثر وأكثر.
• أسطـــول الصمـــود:
من أشكال التضامن البارزة، والرمزية، والمهمة: ما يقوم به مجموعة من الناشطين الأحرار من تحرُّك لكسر الحصار على قطاع غزَّة، يسعون لذلك.
المحاولة الأخيرة البارحة هي: العملية التضامنية الثامنة والثلاثين، يعني: حاولوا، ويحاولون باستمرار، ويؤكِّدون أنهم لن يتوقَّفوا عن ذلك، هم يستمرُّون، في كل مرحلة يجهِّزون أسطولاً من السفن، يحمل المساعدات الإنسانية، يحمل الناشطين المتضامنين مع فلسطين، مع غزَّة، ويتحرَّكون بالرغم من المخاطر الكبيرة؛ بهدف كسر الحصار عن قطاع غزَّة، هذه المرَّة نحو أكثر من أربعين سفينة أبحرت باتجاه غزَّة، تحمل أولئك الناشطين الذين هم من بلدان متعدِّدة، ومعهم مساعدات إنسانية.
العدو الإسرائيلي- كما في المرَّات السابقة- اعتدى أيضاً هذه المرَّة على الأسطول، اختطف الناشطين، صادر المساعدات؛ مع ذلك هم نجحوا، أولئك المتضامنون هم نجحوا في فضح العدو الإسرائيلي، وهم يحاولون أن يلفتوا أنظار العالم إلى معاناة الشعب الفلسطيني، يعملون ما بوسعهم، يلفتون أنظار العالم، يقيمون الحُجَّة على هذه الأُمَّة قبل غيرها، هذه الأُمَّة المحيطة بفلسطين، العرب والمسلمون المحيطون بفلسطين، ويتفرَّجون على التجويع للشعب الفلسطيني، على الأطفال والنساء والأهالي يتضوَّرون جوعاً حتَّى الموت، على القتل والإبادة الجماعية.
فيمـــا يتعلَّــق بالإسنــــاد مـن يمـن الإيمــان والجهـــاد، في (معركـة الفتـح الموعـود والجهـاد المقـدَّس):
• تستمر العمليات العسكرية:
نُفِّذت في هذا الأسبوع بـ (ثمانية عشر) ما بين صواريخ وطائراتٍ مسيَّرة:
– منها: ما هو إلى العمق الفلسطيني؛ لاستهداف أهداف تابعة للعدو الإسرائيلي.
– ومنها: ما هو في البحر كذلك؛ لمنع السفن التي تخالف قرار الحظر (حظر الملاحة على العدو الإسرائيلي).
– ومنها: ما كان في التَّصَدِّي للعدو الإسرائيلي في يوم الخميس الماضي.
تم استهداف سفينة مخالفة لقرار حظر الملاحة على العدو الإسرائيلي، وبذلك بلغ عدد السفن المستهدفة في عمليات الإسناد إلى: (مائتين وثمانية وعشرين سفينة)، وهذا عدد مهم، يشهد على مدى جديَّة الموقف اليمني، فاعليته، تأثيره، وفي نفس الوقت له تأثيره على العدو الإسرائيلي:
– من المعروف عالمياً أنَّ ذلك حقَّق نتيجة مهمة جدًّا، في تعطيل ميناء أم الرشراش، الذي يسمِّيه العدو بـ [ميناء إيلات]، وما نتج عن ذلك من خسائر كبيرة للعدو الإسرائيلي في وضعه الاقتصادي، بقدر ما كان يحصل عليه من مكاسب، وإرادات مالية، ومصالح اقتصادية، هذا من جانب.
– من جانب آخر: هناك دلالة استراتيجية كبيرة في منع العدو الإسرائيلي من الملاحة عبر البحر الأحمر إلى باب المندب، وخليج عدن، موقف له أهمية استراتيجية كبرى، يعترف بها كل العالم: من مراكز أبحاث، من مسؤولين، من دراسات، من تصريحات حتَّى الصهاينة بأنفسهم.
• المظاهـــرات في الأسبـــوع الماضــي:
بلغت إلى: (ألف وأربعمائة وستة عشرة مظاهرة ووقفة) في يوم الجمعة الماضي، ما بعد العدوان الإسرائيلي في يوم الخميس خرج شعبنا العزيز في يوم الجمعة خروجاً مليونياً عظيماً، مشرِّفاً وكبيراً.
• الأنشطة المستمرَّة للتعبئة: مستمرَّة بأنواعها:
– دورات (دورات عسكرية).
– مسير عسكري.
– مناورات.
– عروض عسكرية في عددٍ من المحافظات.
• فيما يتعلَّق بالعدوان الإسرائيلي في الأسبوع الماضي، بما يقارب (خمسة وثلاثين غارة وقصف بحري)، استهدف منشآت مدنية:
هذا العدوان، كسابقاته من جرائم العدو الإسرائيلي وعدوانه على بلدنا، لن يكسر إرادة شعبنا، لن يكسر إرادة شعبنا؛ لأن شعبنا العزيز انطلق في موقفه الحق والعظيم في نصرة الشعب الفلسطيني، وضد العدو الإسرائيلي، وضد الاستباحة الإسرائيلية لهذه الأُمَّة، وضد المخطط الصهيوني، الذي يستهدف كل هذه الأُمَّة، في حُرِّيَّتها، وكرامتها، واستقلالها، ومقدَّساتها، ودينها، ودنياها، وهو يعي عظمة، وأهمية، وضرورة هذا الموقف بكل الاعتبارات؛ ولهـذا هو يتحرَّك كجهاد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بقدسية الجهاد، بعظمة الجهاد، بفضل الجهاد، كفريضة إسلامية عظيمة مقدَّسة، يترتب عليها المكاسب الكبرى في الدنيا والآخرة.
موقفنا كجهاد في سبيل الله موصولٌ بالله، يصلنا بالله، برحمته، بفضله، بكرمه، بأجره، نتحرَّك:
– في إطار تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، توجيهات الله، هداية الله، هذا الموقف ليس موقفاً طائشاً، أو عبثياً، أو سخيفاً، وراءه تنظير من جهةٍ هنا أو هناك، أو تحليلات، أو مقترحات؛ بل في إطار تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أوامر الله “جَلَّ شَأنُهُ”، هداية الله الحكيمة في كتابه الكريم.
– وفي إطار فرائضنا، وواجباتنا، والتزاماتنا الإيمانية والدينية العظيمة والمقدَّسة: في إطار تمسُّكنا بالقرآن الكريم، في إطار ايماننا بالله، بوعده الحق، بدينه الحق العظيم، في إطار اتِّباعنا واقتدائنا برسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم”، الذي قال الله عنه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21].
– في إطار الفطرة الإنسانية.
– في إطار مكارم الأخلاق.
– في إطار الموقف الراشد الواعي لخطورة العدو الصهيوني، والمخطط الصهيوني، وما يعنيه المخطط الصهيوني تجاه أُمَّتنا.
موقف له كل هذه الجذور، موقف مبني على هذه الأسس، موقف له هذه المنطلقات العظيمة، يعني: أعظم موقف، موقف مسؤول في غاية المسؤولية، موقف في غاية الرشد، والحكمة، والصواب، والحق، والموقف الحق، والقضية العادلة، كما يقولون: [لا غبار عليه]، موقف عظيم، موقف مهم، وموقف مؤثِّر.
ولذلك في إطار هذا الموقف، حينما نقدِّم التضحيات، هي تضحيات في سبيل الله، محسوبة، مثمرة عند الله، كل ما نقدِّمه في إطار هذا الموقف، هي تَقْدِمة عظيمة، محسوبة، ومثمرة.
الإنسان عندما يتحرَّك في سبيل الله، في الجهاد في سبيل الله، حينما ينفق من ماله، ويقدِّم من ماله وممتلكاته، أو يضحِّي من ممتلكاته، فهو موعودٌ مِمَّن؟ من الله بالعوض العظيم، والأجر العظيم: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:261].
كل أشكال المعاناة في إطار هذا الموقف محسوبةٌ عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وَعَدَ- وهو الذي لا يخلف وعده- وَعَدَ عليها بالأجر العظيم، والخير الكبير في الدنيا والآخرة: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[التوبة:120-121]، فكل معاناة، كل متاعب: النصب، عندما تخرج في المظاهرات، أو تتحرَّك في الميدان وأنت في ميدان القتال في سبيل الله، أو أي نشاط في هذا الإطار: {مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ}[التوبة:120]، نيل من العدو بأيِّ مستوى من النيل، أي تحرُّك في إطار هذا الموقف العظيم المقدَّس، في إطار الجهاد في سبيل الله تعالى، فيه نصب، فيه تعب نفسي، بدني، أي مستوى من المتاعب، أو جوع، أو ظمأ… أو غير ذلك، كل هذا مكتوب عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، حتَّى الحركة بالمشي مكتوبة عند الله: {وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا}[التوبة:121]، في بلادنا يقطعون الجبال أيضاً، وليس الوديان، يصعدون فيها، يتحرَّكون، ما بالك بالساحات أو المدن السهلة الحركة فيها؟! كل شيء مكتوب عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، جهد محسوب، ليس جهداً ضائعاً، محسوبٌ عند مَنْ؟ عند الله “جَلَّ شَأنُهُ” في الدنيا والآخرة.
ثم على مستوى التضحية بالنفس، حينما تصل المسألة إلى التضحية بالنفس، يعني: الشهادة، يعني: الشهادة في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الشهادة التي هي فوزٌ عظيم، وارتقاء إلى مقام الشهداء، {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[آل عمران:169-170].
ومع ذلك: الوعد الحقيقي من الله بالنصر، الذي هو في نهاية المطاف تتويجٌ لكل التضحيات، لكل الجهود، من الله العظيم، الرحيم، الكريم، والقوي، العزيز، القاهر، الجبار، المتكبِّر، القادر على كل شيء، رحيمٌ بعباده الذين استجابوا له، آمنوا به، تحرَّكوا في سبيله، صبروا، قدَّموا التَّضحيات، ثبتوا، جسَّدوا قيم تعاليمه، في الثبات، في الوفاء، في الصبر، هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” من يتقبَّل منهم جهودهم، وتضحياتهم، وعطاءهم، وصبرهم، من يقدِّر لهم وفاءهم، مع أنَّ كل ذلك هو لمصلحتهم، وهو غنيٌ عن كل ذلك؛ لكنه الرحيم، العظيم، الكريم، وهو أيضاً القوي العزيز، القادر على أن ينجز لهم ما وعدهم به من النصر، وهو القائل: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:47]؛ ولـذلك نحن نسعى أن نجسِّد القيم الإيمانية، المبادئ الإيمانية، المنطلقات الإيمانية، المواقف الإيمانية، التَّحَرُّك في إطار الالتزامات الإيمانية؛ لنحظى من الله بهذا الوعد العظيم: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:47].
هو القائل: {إِنَّا}[غافر:51]، يعني: هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو القوي العزيز، وهو القاهر فوق عباده، وهو المهيمن، الجبَّار، المتكبِّر، {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر:51]، نصرٌ في الدنيا، ونصرٌ في الآخرة، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[غافر:52].
أمَّا الخسارة فهي في الاتِّجاهات الأخرى:
– خيار الاستسلام وما ينتج عنه من سيطرةٍ للعدو، وما بعد السيطرة من استباحة تامَّة لكل شيء، من: استعباد، وإذلال، وإهانة، ودوس للكرامة، وإبادة، ونهب، وسيطرة… وكل شيء، فهي الخسارة، هي الخسارة الحقيقة والفعلية.
– أو من يتعاون مع العدو، من يتحرَّك مع العدو، ينفق المال مع أسوأ عدوٍ حاقدٍ، مجرمٍ، ظالم، ويشارك معه في ظلمه ضد أُمَّته؛ وبالتـالي حتَّى- في نهاية المطاف- على نفسه، يقدِّم التضحيات مع العدو، يرابط، يقاتل، يخسّر، يتحرَّك إعلامياً، يتحرَّك في كل المجالات مع العدو؛ لـذلك يتحمَّلون الأوزار الرهيبة، الآثام العظيمة، يبوءون بغضب الله، بلعنة الله، بسخط الله، بوعيد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، القائل: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة:51]، القائل: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ}[آل عمران:28]، الوعيد المتكرِّر في القرآن الكريم، معنى ذلك: هي الخسارة الحقيقية؛ أمَّا في الاتجاه الصحيح ليست خسارة.
الناس في هذه المرحلة، وفي هذا الزمن، لن يتركهم أعداؤهم، لن يتركوهم أبداً، هم يسعون إلى السيطرة على هذه الأُمَّة، إلى الاستباحة لهذه الأُمَّة؛ فحينما تكون في إطار الموقف الحق، مع الله، على أساس هديه، تعليماته، كتابه، في إطار فرائضك، ومسؤولياتك الدينية، والتزاماتك الإيمانية، معتمداً على وعود الله، راجياً لله، {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ}[النساء:104]؛ أنت في الاتِّجاه الصحيح، تبني نفسك، تبني واقعك، تبني قوَّتك، تقف بوجه عدوك، تحقِّق إيمانك بثقتك بالله، بثقتك بوعد الله، بتوكُّلك على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفي إطار قضية مآلاتها في نهاية المطاف محسومة بما نحن واثقين منه ثقة إيمان، ثقة إيمان، أقوى الثقة، أقوى الثقة هي ثقة الإيمان.
مآلات الصراع مع العدو الإسرائيلي، مهما كان فيها في مراحلها حتَّى النهاية من تقلبات، أو أحداث، أو أوجاع، أو آلام، مهما كان فيها من جهود، من تضحيات، مهما كان فيها من تأثيرات، لكن لها نهاية محسومة، مؤكَّدة في كتاب الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، نحن نؤمن بها إيماننا بالله، بوعده الحق، إيماننا بكتاب الله، إيماننا بكلمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الله هو القائل في القرآن الكريم عن علوِّ بني إسرائيل، طغيانهم، إجرامهم، إفسادهم في الأرض: أنَّ عاقبته المحتومة هي النهاية، هي الزوال: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}[الإسراء:7]، هو القائل: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}[الإسراء:8]؛ ليؤكِّد أنَّها سُنَّة من سننه في أولئك المجرمين الصهاينة، الظالمين، مستمرَّة لا تنقطع، مهما كان حجم الدعم لهم من هنا أو هناك، هذا لا يمكن أبداً أن تكون نتيجته إسقاط وعد الله الحق، وعد الله الصحيح.
ثم في سنن الله، أولئك مجرمون، كل أمرهم قائمٌ على الإجرام: الاحتلال، القتل، الإبادة، الاستهداف للمقدَّسات، الاستعباد للناس، الإذلال للناس، الكذب، الدجل، الضلال، الباطل، الشر، الكفر، الطغيان؛ ولـذلك لا يمكن أبداً أن يستمر ذلك إلى ما لا نهاية.
فعندما نتحرَّك في إطار الموقف الحق، في إطار تعليمات الله وتوجيهاته، في إطار الثقة بالله، في إطار الالتزامات الإيمانية، في إطار الموقف الذي تشهد له الفطرة الإنسانية، تشهد له حتَّى المواثق الدولية، والقوانين الدولية، والأعراف البشرية، يشهد له شرع الله، هو في إطار أمر الله الحق، توجيهات الله الحكيمة؛ فنحن في الموقف الصحيح، التضحية فيه تضحية في محلِّها، الجهود فيه مثمرة، النتائج محدَّدة، في إطار وعود الله، التي هي وعدٌ حقٌّ لا يتخلَّف أبداً.
ولذلك ينبغي أن نستمر في موقفنا، سعينا أصلاً هو:
– في الارتقاء والبناء لقدراتنا العسكرية.
– في بناء دعائم وضعنا الاقتصادي على أساسٍ من مواجهة التحديات والأخطار.
– أن نبقى في اهتمام مستمر، تحرُّك مستمر.
نحن في الموقف الصحيح، له صداه العالمي، له تأثيره الحقيقي، والمؤكَّد، والواضح، والجلي، على عدونا، عدو الله، عدو الإنسانية بكلها، ولهذه الجهود، لهذه التضحيات، لهذا العمل، لها ثمرة محدَّدة، في إطار الضمانة الإلهية، ضمانة الله، وعد الله الحق.
أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج المليوني، يوم غد الجمعة إن شاء الله تعالى، خروجاً عظيماً كبيراً، في العاصمة صنعاء (في ميدان السبعين)، وفي بقية المحافظات والساحات:
– جهاداً في سبيل الله تعالى.
– استجابةً لأمره.
– نصرةً للشعب الفلسطيني المظلوم.
– وقوفاً بوجه كلِّ المؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، في قضيته العادلة، وحقه الثابت المشروع.
أرجو أن يكون الحضور كبيراً، عظيماً، حاشداً، يجسِّد قيم هذا الشعب، يمن الإيمان، والعِزَّة الإيمانية، والكرامة الإنسانية، يمن الوفاء والشهامة.
{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}[التوبة:41]، تَحَرَّكُوا بَارك اللهُ فِيكُم، وَكَتَبَ أَجْرَكُم، وَبَيَّضَ اللهُ وُجُوهَكُم، وَرَفَعَ قَدْرَكُم، وَحَقَّقَ لَكُم وَعَلَى أَيْدِيكُم النَّصرَ العَظِيم لِلعِبَادِ وَالبِلَاد، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاءَ.
نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيه عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَلِمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء.
وَالسَّـــــلَامُ عَلَـيْكُـــمْ وَرَحْـمَـــــةُ اللَّهِ وَبَــرَكَاتـــُهُ؛؛؛