-جاءوا من كل حدب وصوب، وتداعوا إلى دولة قطر الجريحة، من خمسين دولة تدين بالإسلام، ونصف هذا العدد تقريبا ينتمي إلى أمة العرب، وهناك في الدوحة، تفننوا في إلقاء الخطب، ومنهم من جاء بالشعر، واستعان بكل محاسن اللغة، من نثر وسجع وطباق وجناس واستعارة، حتى ظن كثير من الناس أن القمة هذه المرة ستكون استثنائية وقراراتها ونتائجها سترتقي إلى مستوى التحديات، فالوضع حرج للغاية، والعدو وصل بغطرسته إلى عمق الوطن العربي وطالت وحشيته كبار القوم، والألم لم يعد مقتصرا على غزة وفلسطين واليمن وقلة من المستضعفين من أبناء الأمة. وإذا بكل ذلك يتبخر ويتلاشى في بيان خجول لا يساوي الحبر والورق الذي كتب عليه.
-ليت كل هذه الدول تطاولت في مواقفها لتساوي أو تقترب من موقف “سلوفينيا” تلك الدولة الأوروبية الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 20 ألف كيلو متر مربع وبعدد مليوني نسمة ولم يكن أحد ينتظر منها شيئا في مواجهة جرائم ووحشية نتنياهو وترامب بحق سكان غزة.
-أكثر ما لفت الانتباه والاشمئزاز في آن معا وحاز على مكانة من الاهتمام والمتابعة من قمة الدوحة بقضها وقضيضها، ما جاء على لسان مسئول قطري، وربما كان من مسؤولي الجامعة العربية، أو منظمة المؤتمر الإسلامي، لا فرق، وهو يقول بكل ثقة ومشحونا بالأمل بعد انقضاء القمة أن المجتمعين يعولون بدرجة رئيسية على الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها ترامب للضغط على إسرائيل من أجل عدم تكرار الهجوم العدواني على قطر، ووضع حد للعدوان على غزة، وغيرها من الهجمات الإسرائيلية التي باتت تستهدف أكثر من بلد عربي وإسلامي.
-في تلك الأثناء كان روبيو: وزير الخارجية الأمريكي، ومبعوث ترامب للسلام، يرقص برفقة نتنياهو وقطيع من الصهاينة المتطرفين رقصة تلمودية خرافية أمام ما يطلقون عليه حائط المبكى، غير بعيد من قلب الأقصى المبارك بعد أن أوصل إليهم رسالة ترامب برضاه التام عن كل ما فعله نتنياهو وما سيفعله وما ينوي فعله، وفي اليوم التالي كان نتنياهو يباشر قراره باقتحام مدينة غزة والإعلان رسميا عن نية جيشه البربري تحويل المدينة الأكثر ازدحاما في العالم إلى قبر كبير وأكثر من مليون إنسان إلى قتيل أو جريح أو مشرد، وأن لا شيء سيمنعه من مهاجمة أي بلد يظن أنه يؤوي قادة المقاومة بما في ذلك مهاجمة قطر مجددا.
– إضافة إلى تعطش ترامب للمال والدم، لا شيء يغري نتنياهو ورفاقه في حكومة الاحتلال الإرهابية، في مواصلة جرائمهم في فلسطين والمنطقة عموما، غير اجتماعات من هذا النوع ونتائج من هذا الصنف الذي هو والعدم سواء، فلا يغيث أنين طفل جائع ولا يمد يده ليرفع الركام عن امرأة هدم العدو بيتها عليها وعلى رؤوس أبنائها ولا يحس بأدنى مسؤولية إزاء شعب عربي مسلم يُباد عن بكرة أبيه، ويا لفرحة ترامب ونتنياهو بالضجيج الذي ليس له أثر أو صدى وبالجعجعة التي لا يُرى لها طحينا.