الإسلام دين الرحمة

إن للدين الإسلامي مظاهر جميلة تبهر المتأملين وهي تماما كالأزهار المتفتحة على شجرة ممتلئة بالأوراق الخضراء التي تلفت الأنظار إليها وتجذب الانتباه ولم لا والدين الإسلامي دين أخلاق وسلوك وآداب وقيم رفيعة فالصدق شيمته والأمانة جلبابه والرحمة تاج على رأسه والعدل سمته الذي ميزه عما سواه.. وفي هذه الطور وقفات وتأملات ورحلة داخل بستان الإيمان لنقطف تلك الزهرة الجميلة صاحبة العطر الطيب الفواح.. إنها زهرة الرحمة والتي لا يتصور من خلالها مسلم دون رحمة.. لماذا¿ لأن خالقه رحمان .. رحيم.. قال عن نفسه تبارك تعالى “وربك الغني ذو الرحمة” الأنعام.. وقال عز وجل أيضا “كتب ربكم على نفسه الرحمة” الأنعام.
ورسول الإسلام هو نبي الهدى والرحمة والذي كان إرساله من الحق تبارك وتعالى للعالمين رحمة فقال سبحانه وتعالى “وما أرسلناك إلا رحمة للعاملين” والرحمة هي منبع كريم يفيض بالعطاء سواء كان من الله عز وجل لعباده أو من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأمته أو بين الخلائق وبعضهم البعض.. ولنا هذا المشهد الكريم الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: “إن لله مائة رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام.. فبها يتعاطفون وبها يتراحمون.. وبها تعطف الوحش على ولدها.. وأخر الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة” وفي رواية “جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءا واحدا.. فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه فرحمة تعالى لا يستطيع عقل إدراكها ولا الإحاطة بها فهو القائل تبارك وتعالى ” ورحمتي وسعت كل شيء” الأعراف.
ثانيا: من مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم
إن النبي صلى الله عليه وسلم هو موضع القدوة لأمته فأخلاقه صلى الله عليه وسلم إجمالا متصف بالكمال الدال على كمال تكوينه صلى الله عليه وسلم وجماله ولقد تحدث صلى الله عليه وسلم عن نفسه فقال في الحديث الذي رواه البيهقي في شعب الإيمان وغيره من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنما أنا رحمة مهداة”.
وقال صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه “إنما أنا لكم مثل الوالد لولده” وهذه الأحاديث تدل على رحمته صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالمسلمين ومنه أيضا ما رواه مسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت: جاءتني سكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منها تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها- فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار”.
وهذا الحديث بين مدى رحمته صلى الله عليه وسلم بهذه الأطياف المختلفة من الناس وكلها من جنس الضعفاء روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: “الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله”.
والمتأمل في هذه الأحاديث وغيرها مع الآيات القرآنية يجد أن تعاليم الإسلام كلها تجعل دائرة الرحمة دائرة واسعة تشمل الوجود كله وتجعل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد وتجعل المؤمنين مسئولين عن الرحمة بكل ذي كبد رطبة..
وتتسع دائرة الرحمة لتتعدى إلى مواطن ربما يعتقد البعض أنه ليس فيها رحمة ولكن نبي الرحمة بين للناس كافة وللبشرية جميعا ما هي أخلاق الإسلام وما هي أوصافه وآدابه.
روى الإمام الطبراني من المعجم من حديث أبي موسى الأشعري.. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية قال: اغزوا باسم الله وفي سبيل الله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا طفلا صغيرا ولا امرأة ولا شيخا كبيرا.. يا الله إنها رحمة الإسلام وأخلاقه حتى في حال الحرب.. أين أعداء الإسلام من هذه القيم¿ أين هذه المنظمات التي تدعي الرعاية لأسرى الحروب أو للأطفال اليتامى.. أو الأرامل¿ فمن خلال ما سبق نقول إن الإسلام قد سبق أمثال هذه المنظمات والجمعيات بقرون عديدة.
ثالثا: من لا يرحم لا يرحم
إنها رحمة الله تبارك وتعالى والتي رغب عباده فيها بطريقة حميدة وهي أن طريق العبد لرحمة الله تعالى هي رحمة العبد لمن سواه أو لإخوانه من المسلمين ورحمته الواسعة وأيضا لتشمل رحمته الحيوان ولقد قال صلى الله عليه وسلم: “ارحموا واغفروا يغفر لكم…” وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: “ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.. من لا يرحم لا يرحم”.
* عضو بعثة الأزهر الشريف في اليمن

قد يعجبك ايضا