العلماء: يجب أن يكون تعاملنا مع الأبناء بين الشدة والرحمة وكسب صحبتهم


■ تحقيق / أسماء حيدر البزاز –

الصبي أمانة عند والديه وقلبْه الطاهر جوهرةَ نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما يْنقش عليه وقابل لكل ما يمال به إليه فإن عْود الخير عِلمه وعْلمه ونشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكلْ معلم له ومؤدب وإن عْود الشر وأْهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه الوالي له وقد قال الله – عز وجل -: ? يِا أِيْهِا الِذينِ آمِنْوا قْوا أِنúفْسِكْمú وِأِهúليكْمú نِارٍا وِقْودْهِا النِاسْ وِالúحجِارِةْ عِلِيúهِا مِلِائكِةَ غلِاظَ شدِادَ لِا يِعúصْونِ اللِهِ مِا أِمِرِهْمú وِيِفúعِلْونِ مِا يْؤúمِرْونِ ? ,, علماء ودعاة يتحدثون عن عظمة وضرورة غرس التربية والقيم الإيمانية في نفوس الأبناء حفاظا على استقامتهم وحصناٍ حصيناٍ من الوقوع في براثن المجهول والانحراف .. نتابع

, قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : “ما نحل والد ولداٍ نحلاٍ أفضل من أدب حسن ” . و قال رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم: “لأن يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع على المساكين “. ومن هنا قال العلماء: إذا بلغ الولد ست سنين أدب فإذا بلغ تسع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاث عشرة سنة يضرب على الصلاة فإذا بلغ الرشد زوجه أبوه.
وروى البيهقي عن الحاطبي قال: سمعت ابن عمر يقول لرجل: “أدب ابنك فإنك مسؤول عن ولدك ماذا أدبته وماذا علمته¿ وإنه لمسؤول عن برك وطواعيته لك “.
شكاوى متعددة
ومن هنا جاءت العديد من شكاوى الآباء من انحراف في اخلاق وتربية أبنائهم وتمردهم على واقعهم , وهو ما أوضحه لنا والد عبد الرحمن حيث أوضح أن له ثلاثة أبناء لا يحافظون على صلواتهم أو بالأصح لا يصلون ويقضون أوقاتهم في مراكز النت وأمام شاشات التلفاز لمتابعة المسلسلات والأفلام الهابطة وإن منعهم من متابعتها في المنزل فيشاهدونها في بيت أصدقائهم , أضف إلى كونهم عصاة لأوامر والديه ولا يستمعون لنصيحتهم بحجة إنهم متخلفين وغير متعلمين وإن تصرفاتهم هي الصح وهم الخطأ !!
أصحاب السوء
وهو ما اشتكى منه أحد الآباء من صحبة أبنه لأصدقاء وصفهم بأصدقاء السوء فلا يعود ولده إلا في أوقات متأخرة من الليل بحجة أنه يذاكر مع أصدقائه إلا إنه أكتشف بعد ذلك إن ولده الوحيد من ضمن عصابات السرقة والتقطع والنهب عندما تم اعتقاله هو ومجموعة من رفاقه بتهمة سرقة إحدى المنازل !!
من جهته أخلى أب آخر مسؤوليته من تصرفات ابنه المشينة قائلا : يعلم الله كم نصحت وضربت وتابعت ولدي خوفا عليه من هذا الواقع المؤلم والمهين ولكن لا حياة لمن تنادي , فمنذ طفولته وهو معلق بمتابعة ومشاهدة أفلام العنف والاقتتال والمصارعة , فكنت أقول في نفسي أهم شيء أنه في المنزل بعيد عن الشارع وأخطاره , فما لبث مدة قصيرة حتى سار الشارع مبتغاه ومرتعه وهذه النتيجة !!
إرشاد تربوي
من جهتها أوضحت يسرى باذيب – مرشدة اجتماعية الأساليب الصحيحة التي ينبغي أن يتبعها الآباء في تربية أبنائهم قائلة : للتغيرات التي شهدها العصر وسائل تربوية حديثة تلائم وتناسب عقليات هذا الجيل الجديد وتؤتي ثمارها في الاتجاه الصحيح , فالوسائل التربوية التقليدية الذي يتبعها البعض بقولهم ما تربينا عليه نربي عليه أبناءنا هو الخطأ بعينه إذ أن لكل زمن أسلوبه وطبعه , وقد بين الكتاب والباحثون حقيقة هذا الأمر وصحته من عدم جدواه , مشرعين بذلك عدد من الوسائل التربوية المتعددة منها : التربية بالملاحظة: وهو ما جسِده النبي _صلى الله عليه وآله و سلم_ في ملاحظته لأفراد المجتمع تلك الملاحظة التي يعقبها التوجيه الرشيد والمقصود بالتربية بالملاحظة ملاحقة الولد وملازمته في التكوين العقيدي والأخلاقي ومراقبته وملاحظته في الإعداد النفسي والاجتماعي والسؤال المستمر عن وضعه وحاله في تربيته الجسمية وتحصيله العلمي وهذا يعني أن الملاحظة لا بد أن تكون شاملة لجميع جوانب الشخصية.
ومضت تقول : ويجب ألا تتحول الملاحظة إلى تجسس فمن الخطأ أن نفتش غرفة الولد المميز ونحاسبه على هفوة نجدها مع الحذر من التضييق على الولد ومرافقته في كل مكان وزمان , ومن ثم تأتي التربية بالموعظة وقد وضح الباحثون ذلك بأنها تعتمد على جانبين الأول : بيان الحق وتعرية المنكر والثاني : إثارة الوجدان فيتأثر الطفل بتصحيح الخطأ وبيان الحق وتقل أخطاؤه وأما إثارة الوجدان فتعمل عملها º لأن النفس فيها استعداد للتأثر بما يْلقى إليها والموعظة تدفع الطفل إلى العمل المرغب فيه.
جوهرة نفيسة
الصبي أمانة عند والديه وقلبْه الطاهر جوهرةَ نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما يْنقش عليه وقابل إلى كل ما يمال به إليه فإن عْود الخير عِلمه وعْلمه ونشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكلْ معلم له ومؤدب وإن عْود الشر وأْهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه الوالي له وقد قال الله – عز وجل -: ? يِا أِيْهِا الِذينِ آمِنْوا قْوا أِنúفْسِكْمú وِأِهúليكْمú نِارٍا وِقْودْهِا النِاسْ وِالúحجِارِةْ عِلِيúهِا مِلِائكِةَ غلِاظَ شدِادَ لِا يِعúصْونِ اللِهِ مِا أِمِرِهْمú وِيِفúعِلْونِ مِا يْؤúمِرْونِ ?
هكذا استهل محمد الحوري – مرشد ديني حديثه بحكمة الإمام الغزالي وقال : يجب أن يكون التعامل في تربية الأبناء ما بين الشدة والرحمة في النصح والإرشاد والنزول إلى مستويات الأبناء ومعرفة تفكيرهم وكسب صحبتهم وبناء الثقة وجسر التواصل فيما بينهم وتشجيعهم على الصراحة والحديث معهم أسوة بنبينا الأكرم محمد صلوات الله عليه وآله : لِيúسِ منِا مِنú لِمú يِرúحِمú صِغيرِنِا وِيِعúرفú حِقِ كِبيرنِا , وعندما دخل عيينة بن حصن على رسول الله صلى الله عليه وسلم – فرآه يقبل الحسن والحسين فقال : أتقبلهما يا رسول الله ¿ قال عيينة : وإن لي عشرة فما قبلت أحدا منهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لا يرحم لا يرحم , وأيضا مجاراته للأطفال ولعبه معهم وممازحتهم حتى أحبوه وتعلقوا به , وهذا ما يجب على الآباء حتى لا يوسعوا الفجوة بينهم بين وأبنائهم فتصير تصائحهم لا تغني ولا تسدي شيئا , فعِنú سِهúل بúن سِعúدُ رِضيِ اللِهْ عِنúهْ : أِنِ رِسْولِ اللِه صِلِى اللِهْ عِلِيúه وِسِلِمِ أْتيِ بشِرِابُ فِشِربِ منúهْ وِعِنú يِمينه غْلامَ وِعِنú يِسِاره الأِشúيِاخْ فِقِالِ : للúغْلام أِتِأúذِنْ لي أِنú أْعúطيِ هِؤْلاء فِقِالِ الúغْلامْ وِاللِه يِا رِسْولِ اللِه لا أْوثرْ بنِصيبي منúكِ أِحِدٍا قِالِ : فِتِلِهْ رِسْولْ اللِه صِلِى اللِهْ عِلِيúه وِسِلِمِ في يِده .
وكيف يربي ويعلم رسولنا الأكرم الأبناء أسس وتعاليم الدين الاسلامي برفقة ولين قائلا لابن عباس : يِا غْلامْ إني أْعِلمْكِ كِلمِاتُ احúفِظú اللِهِ يِحúفِظúكِ احúفِظú اللِهِ تِجدúهْ تْجِاهِكِ إذِا سِأِلúتِ فِاسúأِلú اللِهِ وِإذِا اسúتِعِنúتِ فِاسúتِعنú باللِه وِاعúلِمú أِنِ الأْمِةِ لِوú اجúتِمِعِتú عِلِى أِنú يِنúفِعْوكِ بشِيúءُ لِمú يِنúفِعْوكِ إلا بشِيúءُ قِدú كِتِبِهْ اللِهْ لِكِ وِلِوú اجúتِمِعْوا عِلِى أِنú يِضْرْوكِ بشِيúءُ لِمú يِضْرْوكِ إلا بشِيúءُ قِدú كِتِبِهْ اللِهْ عِلِيúكِ رْفعِتú الأِقúلامْ وِجِفِتú الصْحْفْ .
جملة من القيم
من جانبها أوضحت الداعية أحلام ياسين – جامعة القرآن الكريم وعلومه : أن ديننا الإسلامي جاء بجملة من معاني التأديب لغرس عقيدة الإيمان في نفوس أبنائنا منذ نعومة أظافرهم والتربية الإيمانية على الإيمان بالقدر خيره وشره وغرس عقيدة اليوم الآخر وما فيه من حساب وصراط وجنة ونار حيث روى الترمذي في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه وقد كان غلاماٍ صغيراٍ. قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماٍ فقال لي: يا غلام إني أعلمك كلمات: أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده تجاهك. إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف “.
متطرقة إلى أبرز المخاطر التي تستهدف أبنائنا وشبابنا ومنها الفراغ الذي يتحكم في الأطفال والمراهقين وهو سبب مهم في زيغ الأبناء وانحرافهم والطفل من طبيعته يحب اللهو واللعب فإذا لم تهيأ له فرصة اللهو المباح واللعب البريء فإنه في الغالب سيبحث عن بدائل أخرى وربما لا يجد هذه البدائل إلا عند رفقاء السوء الذين سيقعون به حتماٍ إلى الانحراف والفساد والإسلام قد وجه إلى معالجة هذا الأمر في حياة الناشئين والناس فقال عليه وعلى آله الصلاة والسلام: “اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك
محذرة من الغفلة والإهمال في تربية الأبناء وما ينتج عن ذلك من إتاحة الفرصة لرفقاء السوء أن يصطادوا الأبناء المهملين من قبل آبائهم ومنها سرعة انجذاب الأولاد لداعي الفساد ومنها شيوخ الجريمة في المجتمع ومن أجل ذلك كانت توجيهات الإسلام حاسمة وصريحة في هذا الميدان قال الله تعالى: { يِا أِيْهِا الِذينِ آمِنْوا قْوا أِنúفْسِكْمú وِأِهúليكْمú نِاراٍ وِقْودْهِا النِاسْ وِالúحجِارِةْ عِلِيúهِا مِلائكِةَ غلاظَ شدِادَ لا يِعúصْونِ اللِهِ مِا أِمِرِهْمú وِيِفúعِلْونِ مِا يْؤúمِرْونِ}.

قد يعجبك ايضا