واجب الفرد نحو وطنه

إن حب المرء لوطنه وشعوره بالانتماء إليه أمر فطري وعاطفة إنسانية أصيلة يشترك فيها جميع الناس على تنوع أعراقهم واختلاف مشاربهم والإسلام الذي هو دين الفطرة والإنسانية لم يقف في وجه هذا الميل الطبيعي بل أقر ذلك وعززه وجعل منه سبيلا للعمل الصالح وفعل الخير وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حبه لوطنه في موقف بالغ التأثير والروعة عندما وقف ليلة الهجرة على مشارف مكة المكرمة والتفت تلقاءها ليبثها كلمات الوداع الحارة قائلا: “ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك” فهذه الكلمات تعبير صادق عن حبه لوطنه الذي نشأ فيه وترعرع في أكنافه وتنعم من خيراته وأمضى فيه سنوات شبابه وكهولته وفي موقف آخر له صلى الله عليه وآله وسلم تراه عائدا من غزوة تبوك حتى إذا شارف المدينة المنورة أسرع من سيره وتهلل وجهه بالبشر قائلا: “هذه طيبة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه” إنها كلمات تعبر عن حبه ووفائه لتلك الأرض طيبة التي هاجر إليها توجد فيها أهلا وأصحابا وبشاشة وترحابا فبادلها حبا بحب ووفاء بوفاء.
وفي القرآن الكريم نجد ثناء عطرا على المهاجرين الذين تحملوا أشد المعاناة في مفارقة ديارهم وأوطانهم وقاسوا مرارة الغربة كما نجد الثناء في المقابل على الأنصار الذين نصروا وآووا المهاجرين “للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من درياهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون”.
ثم أثنى تعالى على الأنصار فقال: “والذين تبوأوا الدار والإيمان من قلبهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون”.
واجب بناء الوطن
واجب الوطن امتثالا لمهمة الاستخلاف في الأرض وإعمارها قال تعالى: ” هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها” فكل أمرئ منا في موقعه مستخلف ومطالب بالبناء على قدر وسعه وقدراته.
و يتجلى بناء الوطن في مجالات شتى يتجلى في الحفاظ على الممتلكات والمرافق العامة في الحفاظ على خيرات الوطن وثرواته وبيئته في إماطة الأذى عن الطريق في الكف عن الإسراف واستنزاف الموارد مهما قلت أو كثرت كل ذلك بناء الوطن.
بناء الوطن يتجلى كذلك في اتقان العمل النافع المفيد وفي حسن المعاملة فيما بيننا ومع الأجنبي الغريب وفي دعمنا للمنتج الوطني النافع.
كما يتجلى بناء الوطن في نشر الفقه والفضيلة وإقصاء الفاحشة والرذيلة ليكون مجتمعنا ناهضا بالقيم الفاضلة.
ومن بناء الوطن أيضا بناء الإنسان الصالح لأن الإنسان هو الثروة الكبرى والعامل الأهم في التقدم والتأخر وقد عرفت الأمم المتقدمة قيمة بناء الإنسان فأولته العناية الفائقة لذا كان لزاما علينا أن نرتقي بأنفسنا وأسرنا والناس من حولنا ثقافة وعلما ووعيا وفاعلية وتربية فارتقاؤنا ارتقاء للوطن وازدهارا ورفعة له بناء الوطن يتجلى في وقوفنا في وجه المفسدين والمنتهكين لحرمات الوطن من أبناء الوطن نفسه إنها مسؤولية الجميع لأن نتائجها تعم الجميع عاجلا أو آجلا.

قد يعجبك ايضا