مبررات المجرمين وداعميهم

طاهر محمد الجنيد

 

الفكر الإنساني يختلف كليا عن الفكر الإجرامي، الإنساني يدافع عن الإنسانية أما الإجرامي فيدافع عن المجرمين.

المشاهد الإجرامية التي سُمح لها بالوصول إلى العالم، غيَّرت كثيراً من قناعات المشاهير، كيف لو تم السماح لوسائل الإعلام العالمية بالدخول إلى غزة ونقل ما يجري إلى العالم، فقد يؤدي ذلك إلى إحداث ثورات إنسانية وهو ما لا يريده التحالف الإجرامي أن يحدث.

الإجرامي الصهيوني يبدو اليوم حريصاً على ممارسة كل أنواع الإجرام ضد الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية والاستناد إلى ميراثه الديني؛ والنصارى يدعمونه مستحضرين الحروب الصليبية والهندوس أيضاً يدعمونه، ومثل ذلك صهاينة العرب وكلهم يرون أن إبادة المسلمين واجب ديني لإرضاء الله ودخول الجنة.

المسلمون لا يحق لهم الدفاع عن أنفسهم أو مواجهة الإجرام الذي يتعرضون له، لأن ذلك إرهاب؛ منطق إجرامي لفطرة منتكسة ترى قتل وإبادة المسلمين واجباً دينياً ودفاع المسلمين حراماً ويستوجب الإبادة.

أحرار العالم وأوروبا نددوا بالإجرام ودافعوا عن مظلومية الشعب الفلسطيني وهوما جعل احد مجرمي الحرب وجرائم الإبادة (سموترش) يتهم دول الغرب بالنفاق .

سلطة رام الله التي لم تعد تسيطر على شيء بعد أن أعاد الاحتلال فرض سيطرته، مازالت تراهن على الاحتلال، لكنه يعلنها صراحة (القدس عاصمة أبدية ولن نسمح بقيام دولة فلسطينية) وهذا الرأي تجمع عليه حكومة كيان الاحتلال ومع ذلك فمازالت العواصم العربية تقدم المبادرات على أساس حل الدولتين الذي نسفت أساساته من الواقع بإجراءات أحادية الجانب والإعلان صراحة بالسعي لإنشاء (إسرائيل الكبرى) وعدم السماح بقيام دولة فلسطين.

تصريحات الأنظمة العربية ومنها سلطة محمود عباس، لم تعد مفهومة ولا مقبولة وكأنهم لا يدركون شيئا من تصريحات المجرمين الذين يتحركون قولا وعملا ويبسطون سيطرتهم سواء من خلال عملائهم أو بقواتهم.

أما مناصرو الإجرام الصهيوني من صهاينة العرب، فيريدون ذلك للقضاء على الإسلام وكضمان للحفاظ على سلطانهم، وأما مناصرو الإجرام من الأنظمة الغربية فيريدون ذلك لكي ينالوا رضوان الله، لا لأنهم يعبدون الله ويؤمنون به، لكن لأنهم يعبدون إسرائيل من دون الله.

نواب أمريكا الداعمون بشدة لإسرائيل والمطالبون باستخدام القنابل الذرية لحسم الإجرام في أسرع وقت ويقولون بوجوب دعم استكمال جرائم الإبادة والتهجير القسري وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية؛ وعدم التخلي عن إسرائيل، لأن ذلك سيؤدي حتما إلى تخلي الله عن أمريكا، مع أن أمريكا تؤمن بالقوة ولا تؤمن بالله؛ والله الذي يؤمنون به ليس الله الذي تقدسه الأديان السماوية الصحيحة لا المُحرفة، بل انهم يؤمنون بالله الذي يوجب قتل الأبرياء، الشيطان سوّل لهم وأملى لهم أنه الله.

أمريكا والتحالف الصهيوني الصليبي (صهاينة العرب والغرب) لم يتركوا مجالا لدعم الإجرام إلا وسلكوه، فقد عاقبوا قضاة محكمة العدل الدولية، بدأوا بالمدعي العام (كريم خان) ثم بالمقررة الأممية (البانيز) وأضافوا اليهما أربعة قضاة آخرين (كيمبرلي-ونيكولاغيو-ونزهة شميم-ومامي ما نديني)، ليس لأنهم متحيزون ولكن لأنهم لا يدعمون الإجرام الصهيوني .

في مقابل ذلك يدعمون نائبة رئيس محكمة العدل الدولية (جوليا سبوتيندي) التي عارضت كل قرارات المحكمة الأخيرة، ليس من منطلق العدالة، بل (لأن الرب يعتمد عليها بالوقوف إلى جانب إسرائيل)، كما صرحت بذلك .

لقد بلغ الحقد والإجرام الصهيوني الصليبي على الإسلام والمسلمين إلى حد جعل الإبادة لهم وقتلهم أمراً للفوز برضوان الله وبالجنة، حسب زعمهم .

يكفي أن تقوم ناشطة يهودية متعصبة (لورا لومر) بالتحرك ضد أي نشاط لا يريدونه ولو كان الأمر المساهمة في علاج من قتلت القنابل والصواريخ الأمريكية أهلهم وأحدثت فيهم عاهات مستديمة، فقد تكرمت مؤسسة خيرية أمريكية بمنح تصاريح علاج لبعضهم، لكن (لورا) احتجت وجعلت الحكومة الأمريكية تلغي تلك التصاريح، بدءاً من ترامب ووزير خارجيته إلى بقية المسؤولين هناك .

معظم الذين تم منحهم تصاريح علاج من الأطفال، بترت أطرافهم العلوية أو السفلية وغيرها، لكن بحسب تخرصات الإجرام (هجرة غير شرعية ستؤدي إلى مقتل أمريكيين)، فسكان غزة في نظرها إرهابيون يجب إبادتهم والقضاء عليهم؛ وتساندها أخرى في أفعالها الإجرامية (كارين كندي)، إذ ترى أن ما تقوم به من أعمال هو بدلا عن الله .

إجرام وسفه وانحطاط إلى أبعد مدى، المجرم يرى أن الله معه والداعم له أيضاً (ترامب-نتنياهو) يدّعيان أن الله معهما وملهمهما وانهما يمثلان إرادة الله وبالتالي فلا فرق يذكر بينهما ومثل ذلك وزير الخارجية الأمريكي روبيو الذي يقول: لا بد من قصف واحتلال غزة وتدميرها عن آخرها ويتفق معه مجرم الحرب غالانت بأن كل من في غزة حيوانات ومن يحتج أو يعارض ذلك غوغاء يريدون تدمير أمريكا وإسرائيل.

معاقون أطفال يبحثون عن العلاج، لكنهم في نظر الإجرام إرهابيون يجب إبادتهم، أما من ينادي بالإبادة ويمارسها قولا وفعلا ويسعى لتدمير كل شيء على الأرض فهو مدافع عن نفسه ويستحق الدعم والدفاع عنه، لأن التخلي عنه سيؤدي إلى تخلي الله عن الإمبراطورية الإجرامية.

السياسي الإجرامي اليهودي موشيه فيغلين يريد إحراق غزة كما أحرقت بريطانيا (درسدن) الألمانية، وكما أحرق الأمريكيون (هيروشيما وناجازاكي) سواء بالمجاعة أو القنابل، حتى أنه يجب قتل الأجنة في أرحام الأمهات.

والمجرم الآخر بن غفير لا يريد المفاوضات، بل يريد احتلال غزة وتدميرها وفرض التهجير القسري على سكانها وإخراجهم منها بالقوة، وهؤلاء في نظر المجرمين والداعمين لهم ليسوا بمجرمين، بل يستحقون الدعم والدفاع عنهم، لأنهم يمثلون إرادة الله ومن يتخلى عن دعمهم سيتخلى الله عنه.

في ثمانينيات القرن الماضي عجز اللوبي الصهيوني عن ترحيل بعض الناشطين الفلسطينيين من بريطانيا الداعمين للقضية الفلسطينية وعجزوا عن إقناع الشرطة بمنعهم من التحرك فأرسل كيان الاحتلال فريقا مدرباً ونفذ تفجيرا قرب السفارة الإسرائيلية هناك ولفقت التهمة للناشطين وتم ترحيلهم وهو ما قالته المحققة البريطانية التي أشرفت على القضية، لكن هذه الأيام الموساد الإسرائيلي ينظم حفلات إجرامية ليستفيد منها ويبدو أن حادثة اغتيال الناشط الأمريكي الداعم للاحتلال شارلي كيرك خلال فعالية رسمية في جامعة –وادي يوتا- هي لخلق مبرر لفرض مزيد من القيود والإجراءات للتضييق على حركات المعارضة التي تصاعدت بشكل كبير، رغم الإجراءات القمعية ضدها.

إن المجرمين المدافعين عن الإجرام الصهيوني الذين يجعلون دعم الإجرام والدفاع عنه إرضاء لله مثلهم كمثل من بنى ماخورا للدعارة والمشروبات الكحولية جوار كنيسة وهي قصة مشهورة في أمريكا، فقد جعل القائم على الكنيسة يدعو الله أن يدمر الماخور بما فيه وهو ما حدث فعلا حينما ضربته صاعقة، فدمرته، فما كان من صاحبه إلا أن رفع دعوى على مشرف الكنيسة مطالبا بالتعويض، لأنه السبب، فما كان منه إلا أن أنكر ذلك فتعجب القاضي وقال: إنها أول مرة أرى فيها ملحدا يؤمن بالله ومؤمنا ينكر تدخل العناية الإلهية.

 

قد يعجبك ايضا