التوازن اليمني في الصراع الإسرائيلي

الدكتور محسن القزويني

 

لم يمض وقت طويل على تصريحات نتنياهو لقناة أي 24 الإسرائيلية حول رؤيته عن إسرائيل الكبرى حتى اجتاح الجيش الإسرائيلي الأراضي السورية فوصل إلى مشارف دمشق والسويداء ، ولم يمض شهر على ما صرح به نتنياهو عن مهمته التاريخية والروحانية وارتباطه العضوي والعاطفي بإسرائيل الكبرى، حتى اعلنها حربا شاملة على غزة تحت دعوات التهجير وضم غزة لإسرائيل الكبرى وأخيرا جاءت الضربة الإسرائيلية على قطر لتؤكد للعالم بأن إسرائيل ماضية في تنفيذ مخططها في قيام ما يُسمى بإسرائيل الكبرى فكل ارض عربية موعودة توراتيا هي ارضٌ مباحة لإسرائيل تستطيع ان تصول فيها وتجول وهي بالضبط الأرض المحشورة بين الخطين الأزرقين في العَلَم الإسرائيلي بين النيل والفرات.

والسؤال: إلى متى تبقى الدول العربية تحسن الظن بعدوها الغادر وتنساق لمخططاته التوسعية تحت عناوين التطبيع مرة والحلف الإبراهيمي طورا؟ وهي لا تريد ان تصدق ان المخطط الإسرائيلي سيستهدفها في يوم من الأيام عندما تصل طائراتها إلى عواصمها مثلما وصلت إلى الدوحة، والسؤال المطروح حاليا: ما العمل وما هو الرد العربي على العدوان الإسرائيلي على عاصمة عربية؟ طالما بقت السماء العربية مفتوحة أمام العربدة الإسرائيلية.. فالجواب؛ ليس أمام الدول العربية المهددة من قبل إسرائيل الا شدِّ ازر المقاومة الباسلة التي لا زالت تُؤِّرق العدو الصهيوني وتُدخِل الرُعب والفزع إلى قلوبهم وتدفع بنتنياهو إلى الاختباء كلما سمع صوت الصواريخ والمسيرات اليمنية وهي تصل إلى العمق الإسرائيل .

مع الأسف لا زال بعض الإعلام العربي يساير إسرائيل ويُسمي انصار الله في اليمن بالميليشيات الحوثية ومن المضحك المبكي عندما يخرج تصريح من وكالات عربية قائلة (صواريخ المليشيات الحوثية تضرب إسرائيل) وهي تعلم جيدا انه لم يبق في الميدان في مقارعة العدو الإسرائيلي إلا اليمنيون الأبطال الذين لا دخل لهم في الصراع العربي الإسرائيلي، فلا هناك ارض يمنية محتلة من قبل إسرائيل ولا هناك حدود مشتركة لليمن مع إسرائيل ،فليس لليمنيين أي دافع يدفعهم للبقاء في ميدان المعركة سوى الإحساس بالمسؤولية الوطنية و الإسلامية، وأيضا للدفاع عن المظلومين المضطهدين من أهالي غزة. فهؤلاء اليمنيون الذين اشتروا كرامة الأمة وعزتها بدمائهم يستحقون منا كل تقدير، فهم يستحقون الدعم والمساندة لانهم باتوا الوحيدين اليوم يحاربون إسرائيل و يستطيعون ان يقرروا مصير الحرب.

ونحن لا ننسى مناشدات نتنياهو بوقف اطلاق النار عندما عجزت القبة الحديدية عن مواجهة الصواريخ الإيرانية بعد 12 يوما من الحرب.

ونقولها بكل ثقة: إنَّ إسرائيل ليست بعبعا كما يتصورها البعض ويخشاها البعض الآخر فقد كشفت عن عجزها في مرات عديدة في حروبها المستمرة، فبالأمس وصلت المسيرات اليمنية إلى مقربة من ديمونة وبالأمس القريب دكت الصواريخ اليمنية مطار بن غوريون، وهي إلى الآن عاجزة عن تحرير رهينة واحدة من رهائنها لدى حركة حماس، فهذه إسرائيل قوة خاوية لا تقدر إلا على قتل الأطفال والنساء والشيوخ في غزة وفلسطين، وأمامنا فرصة ذهبية فإسرائيل اليوم في أسوأ مراحلها التاريخية بعد ان تكشّفت للعالم، وأصبحت في عزلة سياسية ودبلوماسية حتى من قبل الدول الحليفة لها حتى ان بريطانيا قررت عدم مشاركتها في معرض معدات الدفاع والأمن الدولي في خطوة غير مسبوقة ،حيث كان من المقرر ان يكون لإسرائيل غرفة مشاركة في المعرض، ولعل اهم مظاهر العزلة الإسرائيلية قرار 15 دولة وجهت نداءً جماعيا في نيويورك تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين، وضمن هذه الدول حلفاء لإسرائيل وهذا يدلل على أثر الضغط الشعبي على القرار الدولي فهذا الموقف لم يأت من فراغ بل نتيجة الإضرابات والمسيرات الشعبية التي اجتاحت العالم وطالبت الدول باتخاذ موقف حازم من إسرائيل التي تقوم بإبادة جماعية للشعب الفلسطيني.

ومنذ 10 مايو 2024 الذي أقرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة انضمام فلسطين للأمم المتحدة أخذت الدول تعترف بالدولة الفلسطينية حيث بلغت 147 دولة من أصل 193 ولم يبق إلا الدول المساندة لإسرائيل والتي ستقوم في نهاية شهر ايلول وبجهود فرنسية سعودية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. لكن هذا لا يكفي طالما ظلت إسرائيل بمنأى عن العقاب لأن الدولة الفلسطينية ستبقى حبرا على ورق إن لم تقر إسرائيل بالوجود الفلسطيني وهذا لا يتحقق بالعمل الدبلوماسي فقط بل لابد من مساندة المقاومة في فلسطين واليمن فهي الوسيلة المؤثرة على القرار الإسرائيلي والتي ستدفعها أخيرا إلى الرضوخ والاستسلام للأمر الواقع.

كاتب عراقي

قد يعجبك ايضا