
تعد مديرية الخبت أحد أهم مديريات محافظة المحويت من حيث الجغرافيا والمردود الاقتصادي وكذا الإرث التاريخي الذي تحتفظ به فهي المديرية الأكبر مساحة بين مديريات محافظة المحويت الثمان وتبلغ مساحتها مايقارب 840كيلومتر مربع وهي تقع في الغرب من عاصمة المحافظة – مدينة المحويت – تبعد عنها بمسافة (30) كيلو متر تقريباٍ تبعد بحوالي (140كيلو متر ) عن العاصمة صنعاء – وتحدها من جهة الشمال منطقة الطور محافظة حجة ومن جهة الغرب مديرية القناوص محافظة الحديدة .
تمثل المديرية بجبالها وسهولها لوحة جمالية متكاملة تمتد من سهول تهامة حتى تلاقي قمم مدينة المحويت ويتنوع مناخها بين الحار في سهولها وأوديتها وبين العليل في قمم جبالها الشامخة التي تناطح السحاب وتمثل متنفساٍ سياحياٍ وصيفيا لأبناء المحافظة وأبناء المناطق التهامية المجاورة كما انها بماتحتويه من إرث تاريخي يتمثل في الأسواق والأماكن الاثرية والقلاع التاريخية تعد كتاب مفتوحا يحكي قصص الماضي وشاهداٍ حياٍ يحتفظ بأثر ممن مضوا ليريه لنا في الحاضر.
وهناك عدة روايات لتسمية المديرية بالخبت فهناك من يعيد تسميت الخبت نسبة إلى الأرض الأقل ارتفاعاٍ كونها تتوسط وتنخفض بموازاة قمتين جليتين شاهقتين هما قمة حفاش من الجنوب ملحان من الشمال وجبال المحويت من الشرق أما الرواية الثانية فذكرت انها سميت بالخبت نسبة إلى الخبت بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد سدد بن زرعة بن حمير الأصفر بن حمير الأكبر بن سبأ والذي يقال إنه كان الأخ الثالث لحفاش بن عوف وملحان ابن عوف ملحان المجاورتين لمديرية الخبت .
ملتقى المسافر
وتعتبر مدينة المرواح الجميلة بتفاصيلها الجغرافية هي مركز لمديرية الخبت وتتواجد بها المكاتب الحكومية والأمنية والقضائية “والمرواح “بكسر الميم وفتح الواو :تعني الملتقى الخاص بالرحل والمسافرين يلتقون للراحة المؤقتة من عناء السفر وقد ورد ذكر ” المرواح ” في كتب تاريخية عدة بأنها ” خبت ” بمعنى الأرض المنخفضة أسفل جبال “حفاش ” وملحان ” شمالاٍ وتنسب إلى مرواح بن حفاش بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة وبأنها كانت منطقة مغيولة أي الغيول والينابيع المائية وبالتالي كثيرة الزروع وملتقى للرحل والمسافرين والقوافل التجارية القاد مة من تهامة إلى ملحان وحفاش والقاد مة من المحويت أيضاٍثم مركز للتسوق وقضاء حوائج الناس من أبناء المناطق والقرى المجاورة .
شواهد حية
ويوجد في عزلة المرواح عددا من المواقع والمعالم التاريخية والأثرية التي لازالت آثارها باقية حتى الآن وتشكل اهمية حضارية كبيرة (كحصن مخبان) الوا قع شمال (المرواح) والذي يحتوي على العديد من البرك والسد ود الما ئية الصغيرة ولايزال بحصنه وسوره المنيع قائماٍ حتى الآن- يليه حصن (العنتري) في الجهة الشرقية من المد ينة أعلى هضبة مرتفعة موجودة
في المنطقة حيث يبرز في موقعه المتميز شرقاٍ كسياج حجري عالي ومنيع
ببواباته المحكمة إلى جانب احتوائه من الداخل على العديد من المدافن
أماكن حفظ الغلال- والبرك المقضضة التي تجسد الكثير عن أصالة وعراقة الانسان اليمني السابق كما يوجد كذلك في الجهة الشرقية من هذه المدينة موقع أثري هام آخر يسمى (بالقمراء) عبارة عن أطلال وبقايا مبان محصنة وبرك عديدة و يقال إن عدد البرك والسدود المائية التي كانت توجد فيها تصل إلى نحو 360 بركة لايزال بعضها موجوداٍ والبعض الآخر اندثر بفعل الخراب والإهمال.
يقارب عدد سكان مديرية الخبت المائة ألف نسمة يتوزعون على 21عزلة ومايزيد عن ثمانمئة قرية تمثل في تناثرها لوحة بديعة لاتخلو من الجمال ويشتغل معظمهم في الزراعة وتربية النحل وبعض الحرف القديمة كصياغة الفضيات وتشكيل أعساف النخل .
العسل بعد الزراعة
وتعد مديرية الخبت موطن العسل الأساسي وتتصدر قائمة المديريات في محافظة المحويت من حيث تربية النحل وانتاج العسل اليمني الذي يحظى بشهرة وجودة كبيرتين في اليمن ودول الخليج حيث تشتهر المديرية منذ القدم بتربية النحل وتجارة العسل كأحد مصادر الدخل الأساسية للسكان وخلال الأعوام العشرة الماضية ارتفعت نسبة تربية خلايا النحل بشكل كبير جدا وأصبحت تمثل المصدر الأساسي للدخل بعد الزراعة.
إضافة إلى ذلك انتاج الزيوت الطبيعية التي تشتهر بها المديريات منذ القدم حيث توجد العديد من معاصر زيت الجلجلان التي لاتزال تحتفظ بطابع انتاجها القديم عن طريق الجمال والمعاصر التقليدية القديمة .
والى جانب المنتجات الطبيعية والزراعية والحيوانية فالحرف التقليدية تتعتبر مهنة أساسية لبعض سكان هذه المديرية وتعتبر بعض مناطقها كمدينة أذرع مركزاٍ هاماٍ لصناعة وصياغة الفضيات والتي مازال أغلب السكان يمارسونها حتى اليوم كما أغلب سكان قرى المديرية يعملون في الصناعات الخزفية وحياكة المعاوز والكوافي التي مازالت ميزة يتفاخر بها أهالي هذه المديرية إلى جانب صناعة وسْفر الأكل المصنوعة من سعف النخل وكذا صناعة المقالي والأدوات الفخارية من مادة الطين التي لا تزال تمارس حتى اليوم .
قلاع وحصون
ومديرية الخبت أهمية تاريخية وحيث استوطنها اليمنيون منذ القدم وبها العديد من الحصون والقلاع الحربية كحصن منابر وحصن مخبان – وحصن الزيكم و قلعة الصافح نمرة – أذرع وحصن الناعمة نمرة , قصبة زجدة نمرة
, شرف نمرة , وحصن العنتري العمارية وحصن مخبان ,عبس ) ويعود الارتباط التاريخي لتلك المناطق إلى ما قبل الدول العثمانية
ولعل أبرز الحصون والقلاع التاريخية في مديرية الخبت هو حصن الوقيعان الذي يقع أعلى قمة جبل براش«جبع» ويتميز بموقع استراتيجي إذ يطل على منطقة عبس في محافظة حجة وسهول تهامة وأجزاء من مديريتي حفاش وملحان يمتاز هذا الحصن بموقعه الاستراتيجي والحصين وقد استخدمه الأتراك كمركز حكومة لهم بعد وصولهم إلى المنطقة أما تاريخ بنائه فيكتفي اهل المنطقة بالتأكيد على أنه قديم جداٍ وغير معروف بالتحديد ويحكى أن هذا الحصن استخدم في عهد دولة الغساسنة .
أما السبب الآخر فهو حدوث معركتين حاسمتين بين السادة العلويين حكام المنطقة والأتراك وقصة هاتين المعركتين تبدأ منذ أن التقى الأتراك العثمانيون مع أبناء المنطقة من السادة العلويين في جبل منابر في الشعافل ودارت معركة هزم فيها العلويون ومعهم أبناء المنطقة إلى حصن الوقيعان لكن الأتراك كان لديهم جواسيس أدخلوهم من المنافذ السرية للحصن وعاجلوا أبناء المنطقة بضربات مؤلمة وهزموا للمرة الثانية ثم استولى الأتراك على هذا الحصن بما فيه ودمروا القرى المجاورة له وحصن الوقيعان منيع جداٍ من ثلاث جهات وتحيط بالحصن مزارع ويتكون الحصن من عدة طوابق تحيط به خنادق وتحيط به أيضاٍ أسوار ثلاثة عريضة يصل ارتفاعها إلى سبعة أمتار ويوجد به غرف أرضية استخدمت كغرف للحرس وسجن ومخازن للغلال .
إشارات ضوئية
والى جانب والقلاع التاريخية التي تتميز بها مديرية الخبث هناك العديد من القرى التي لا تزال تحافظ على أصالتها وفنها المعماري القديم وتحتوي «مسجد الصافح» الأثري في عزلة بني عمارة والذي رفع سقفه عام 1052م هجرية ويوجد بجوار المسجد “قصبة” شبيهة بالبرج يبلغ ارتفاعها حول 70 متراٍ كانت تستخدم من قبل العثمانيين وكذا الغساسنة لإيصال الإشارات الصوتية القادمة من جبال المحويت وحجة وحفاش ومن ثم توصيلها إلى سهل تهامة عن طريق أبواق مكبرة للصوت وبين القصبة والمسجد العديد من الخنادق المبنية بأحجار ضخمة بعضها وضعت كعلامات تشير صوب الشمال.. ويذكر سكان المنطقة أنه كان يوجد بالاتجاه الشمالي قصر يسمى الغصين الذي يعتقد أنه كان لأحد ملوك الغساسنة الذين سكنوا هذه المنطقة وقد طمست آثار هذا القصر ولم يبق منه إلا أحجار متراكمة ويحيط بهذا القصر من الخارج خندقان أحدهما من الداخل والآخر من الخارج وبساحته بركة عميقة مازالت تستخدم حتى اليوم.
بحاجة للإهتمام
ويمكن القول أن مديرية الخبت بماتتمتع به من مناخ معتدل وهواء عليل وماتكتنزه من شواهد تاريخية وجمال قراها ومناطقها فهي تمثل متحفا مفتوحا تجمع للزائر متعة الحاضر وعبق التاريخ ممزوج بسحر الطبيعة الخلاب بما تحتويه المديرية من غابات وبساط أخضر يبعث على البهجة والابهار في النفوس .
وهي بحاجة إلى اهتمام حقيقي من قبل الجهات المعنية لأنها وبرغم ما تتمتع به من معوقات سياحية وتاريخية إلا أنها تشكو الإهمال.