التوكل على الله.. قوة وعزة في مواجهة الطغيان

القاضي/ حسين بن محمد المهدي

 

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ).

إن الأمة الإسلامية تمر بمنعطف خطير، يتجبر فيه الإنسان على أخيه الإنسان، وهذه الصهيونية اليهودية تتجبر على شعب فلسطين؛ فتقتل وتُبيد عشرات الآلاف، وتهدم مساكنهم، وتحتل أرضهم، وتقتلهم صباح مساء على مسمع ومرأى من العالم، وهي مع ذلك تعتدي على من ينكر هذا المنكر في اليمن ولبنان وإيران وغيرها.

وإن السعادة والأمان في مقاومة هذا الطغيان. وقد حكى الله عن الحكيم لقمان: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).

فالمؤمن بفطرته وسجيته يأبى الذل والهوان، ويتوكل على الحي القيوم في كل وقت وآت: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا).

ففي التوكل على الله قوة وعزة، وأمن وسكينة، وعزيمة وطمأنينة، وأخذ بالأسباب، والاعتماد على الملك الوهاب: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).

وقد وعد الله من يتوكل عليه بالمعونة والتأييد والتوفيق والتسديد، فقال: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).

فَسَاسَةُ الأمة الإسلامية بحاجة إلى التوكل على الله، والاجتماع والتشاور والعمل لإزاحة الصلف الصهيوني؛ حتى يكف عدوانه عن غزة، وأن يُقذف الوجل والخوف من قلوبهم؛ ليمتلكوا القوة والقدرة على اتخاذ قرارات مصيرية تدفع عن الأمة الإسلامية ما وقعت فيه من الحيرة والتردد، اقتداءً بأنبياء الله ورسله، وأنصار الله في يمن الإيمان والحكمة.

فقد روي عن ابن عباس أنه قال: “حسبنا الله ونعم الوكيل” قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين قالوا: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).

فالتوكل على الله هو أحد المفاهيم التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، ويعتمدها أنصار الله وحزبه والمؤمنون به. فهو يعني الاعتماد على الله في جميع أمور الحياة، بما في ذلك مواجهة الأعداء، مع الأخذ بالأسباب والعمل الجاد. إنه ليس مجرد خمول أو ترك للعمل، بل هو ثقة مطلقة بأن الله هو المدبر لكل شيء، وأنه لن يضيع من يتوكل عليه. وهذا العلامة محمد أحمد مفتاح، الذي كلف برئاسة الحكومة اليمنية في يمن الإيمان والحكمة، يخرج من بين ركام الدمار الذي أحدثته صواريخ الصهيونية مع بعض رفاقه ممن كتب الله لهم الحياة، شعارهم: “حسبنا الله ونعم الوكيل”.

فللتوكل على الله خصائص عظيمة، نوجز بعضًا منها:

١- راحة البال والطمأنينة:

عندما يتوكل الإنسان على الله، فإنه يأمن من القلق والخوف من المستقبل؛ لأنه يؤمن بأن الأمور كلها بيد الله وحده: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا).

٢- تحقيق الأهداف:

لأن التوكل على الله يعطي الإنسان قوة داخلية لمواجهة الصعاب، ويساعده على تحقيق أهدافه بالصبر والمثابرة.

٣- النصر والعزة:

فالتوكل على الله سبب للنصر والعزة، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).

٤- البركة في القول والعمل والرزق:

فالتوكل على الله يجلب كل ذلك: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).

أما خصائص المتوكلين، فهي كثيرة، نوجز منها:

١- الإيمان الراسخ:

فالمتوكل على الله يؤمن إيمانًا لا يتزعزع بأن الله هو القادر على كل شيء، وأنه لن يخذله.

٢- الأخذ بالأسباب:

فالمتوكل على الله لا يتواكل في أموره، بل يعمل العمل الجاد، ويأخذ بالأسباب المتاحة، ويبذل قصارى جهده في إنجاح عمله.

٣- الصبر والثبات:

فالمتوكل على الله يصبر على الابتلاءات والمحن؛ لأنه يعلم أن كل ما يصيبه هو خير له من عند الله.

٤- الشكر:

يشكر المتوكل ربه على نعمه، ويحمده، ويستعين به في كل الأحوال.

إن التوكل على الله يمنح الفرد شخصية قوية، وعزيمة لا تلين، ويجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات وصنع القرارات. ويجعل المجتمع أكثر ترابطًا وأقوى عزيمة، حيث يتعاون أفراده على نفع المجتمع كله، ويثقون بأن جهودهم لن تضيع.

قد يعجبك ايضا