علماء ودعاة: إدخال السرور على قلوب المسلمين من أعظم الأعمال التي يحبها الله


■ استطلاع / أسماء حيدر البزاز –
(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) حسن الخلق هو جوهر الإنسان ورصيد لا ينقطع من المثوبة والألفة والمحبة بين الناس حتى فاقت مكانة حسن الخلق درجة الصائم القائم وأكثر ما تثقل به الميزان يوم القيامة , فجاءت هذه المواعظ والدعوات الخالصة والصادقة من الدعاة والعلماء لإحياء وإعادة ترميم تلك الأخلاقيات الحسنة التي بدأ بعضها يندثر , مروضين النفس بحلة أخلاقية تخلق جوا إيمانيا وأخويا مليئاٍ بالتسامح وردم الخلافات وتعزيز أواصر المحبة والتآلف ,, نتابع:

وبهذا الصدد أوضح العديد من العلماء والدعاة والواعظين أن أمتنا بحاجة ماسة إلى نهضة أخلاقية وتربوية تعزز القيم الدينية والإيمانية وتحمي أبنائنا وشبابنا من الانحراف وبؤر الضياع , إذ أن حسن الخلق من أبرز المعاني السامية التي جاء من أجلها وفي سبيل ترسيخها الإسلام وباعتباره مدرسة لتعزيز تلك المبادئ والقيم فقد قال صلوات ربي وسلامه عليه وآله : (عليك بحسن الخلق وطول الصمت فو الذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما) وإن أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق و المسلم المسدد ليدرك درجة الصائم القائم بحسن خلقه وكرم مرتبته , فأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف , ويكفينا قول نبينا الأكرم : إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون.
قالوا يا رسول الله وما المتفيهقون قال المتكبرون وقول التابعين (أربع ترفع العبد إلى أعلى الدرجات وإن قل عمله وعلمه :الحلم والتواضع والسخاء وحسن الخلق وهو كمال الإيمان). وقال الفضيل بن عياض (لأن يصحبني فاجر حسن الخلق أحب إلي من أن يصحبني عابد سيئ الخلق).
مبررات
من جانبه أوضح العلامة محمد المتوكل أن البعض قد يتخذ من مواقف بعض الأشخاص السلبية والخاطئة مبررا لسلك سوء الخلق بأفعاله وردوده وأن الشخص الفض البذيء اللسان هو من يحترمه الآخرون خوفا من تجرأه عليهم وهذا مفهوم خاطئ وخطير مهما كانت المبررات , وهذا واضح وخير مثال على ذلك قطع الأرحام وتجريح بعضهم بحجج واهية وخلافات شخصية وأحقاد خلفتها صراعات قديمة وقد تكون أرحامهم أقربهم إليهم منزلة ومكانة كالوالد والوالدة والأخ والأخت وغيرهم , فتمر عليهم سنة تتبعها سنين لا يسألون عنهم ولا يتفقدون أحوالهم ولا يعلمون عظمة جرمهم , ومن كان بارا بأهله وأقاربه ومجتمعه يصلهم ويقطعونهم يحسن إليهم ويجافونه فلا يجعل من ذلك مبررا لسوء خلقه , ففيهم يقول نبينا الأكرم : ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ) ويقول : يأيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام )
البشاشة والطلاقة
ومن جهته دعا العلامة أحمد المعمري إلى إضفاء مبدأ التسامح و البشاشة وطلاقة الوجه والابتسامة والتبسم في وجوه الآخرين , فديننا لا مكان فيه للمنغصات والهموم وتعكير الجو بالمشاكل والخناقات والصراعات , بل للطرفة الهادفة والمداعبة والترويح عن النفس لا للعبوس والقنوط واليأس , أضف إلى أن تبسمك في وجه أخيك صدقة , وقد قالها صحابة رسول الله رضوان الله عليهم جميعا : ما رأيت أحدٍا أكثر تبسمٍا من رسول الله صلى الله عليه وآله سلم , وكان من أحسن الناس ثغرا ,
أنفعهم للناس
ومضى يقول: إن من أحب الأخلاق وأفضل الأعمال وأعظمها هو إدخال السرور والسعادة على قلوب المسلمين والتحلي بالبشاشة والابتسامة والأخلاق الحسنة والكلمة الطيبة , حيث يقول صلوات الله عليه وسلامه : [ احب الناس إلى الله انفعهم وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على قلب المسلم ] وقال :[ أحب الأعمال إلى الله بعد الفرائض ادخال السرور على المسلمين ] حتى البسمة في وجه أخيك صدقة والكلمة الطيبة صدقة وإدخال السرور كما ذهب السلف أن تشبع جوعته أو أن تستر عورته , وعندما سئل بعض الصحابه رضي الله تعالى عنهم : ما بقي من لذاتك في الدنيا ¿¿¿ قالوا : ادخال السرور على الاخوان. ,
وعن الجرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه قال: “ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ اسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي” فمن لقي أخاه المسلم بما يحب ليسره بذلك , أسره الله عز وجل يوم القيامة .
وختم حديثه قائلا : فما أجمل أن يكون المسلم متحليا بهذه الحلة الأخلاقية الإيمانية بروح طريفة معطاءة لمن حوله يسعدهم ويفرحهم لا يستمتع بتنغيصهم وأحزانهم كما هو ديدن البعض.
المحبة والألفة
ويرى عبد الرحمن مهيوب – مرشد دين أن الأخلاق الحسنة تسمو بصحابها بإضفاءه روح التسامح والمحبة والثني عن الخلافات الحزبية والمناطقية والطائفية وتقديم رابطة الدين والدم فوق كل شيء والعفو عن كل ما مضى (خْذú الúعِفúوِ وِأúمْرú بالúعْرúف وِأِعúرضú عِنú الúجِاهلينِ) , ( وِلúيِعúفْوا وِلúيِصúفِحْوا أِلاِ تْحبْونِ أِنú يِغúفرِ اللِهْ لِكْمú ) , فلنجعل هذه الدعوة شعارا واقعيا لصفاء القلوب وتطهيرها من الضغائن والأحقاد المتصدية للقلوب فرحم الله امرئ سمحاٍ إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) .
وقال : لا يخفى على أحد قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه في المسجد : يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة , فدخل رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه بيده فسلم على النبي وجلس ولما كان اليوم الثاني قال: يدخل من هذا الباب عليكم رجل من أهل الجنة : فدخل ذلك الرجل الذي دخل بالأمس تنطف لحيته من وضوئه مْعلقاٍ نعليه في يده فجلس ثم في اليوم الثالث فقال عبد الله بن عمرو بن العاص : فقلت في نفسي : والله لأختبرن عمل ذلك الإنسان فعسى أن أوفق لعمل مثل عمله فأنال هذا الفضل العظيم أن النبي أخبرنا أنه من أهل الجنة في أيامُ ثلاثة
فأتى إليه عبد الله بن عمرو وطلب أن يبيت عنده ثلاث ليال , قال : لا بأس قال عبد الله : فبت عنده ثلاث ليال والله ما رأيت كثير صلاةُ ولا قراءة ولكنه إذا انقلب على فراشه من جنب إلى جنب ذكر الله فإذا أذن الصبح قام فصلى فلما مضت الأيام الثلاثة قلت : يا عم رسول الله ذكرك في أيامُ ثلاثة أنك من أهل الجنة فما رأيت مزيد عمل !! قال : هو يا ابن أخي ما رأيت قال : فلما انصرفت دعاني فقال : غير أني أبيت ليس في قلبي غش على مسلم ولا أحسد أحداٍ من المسلمين على خير ساقه الله إليه قال له عبد الله بن عمرو : تلك التي بلغت بك ما بلغت وتلك التي نعجز عنها “
أروع الضروب
وأما الداعية أماني الريمي – جامعة القرآن الكريم وعلومه فقد استهلت حديثها بدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عنى سيئها إلا أنت.
وأضافت قائلة : لقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم مثالاٍ عظيما لحسن الخلق حتى امتدحه الله بقوله : ( وِإنِكِ لِعِلى خْلْقُ عِظيمُ ) فكان خلقه القرآن , ولهذا جاءت رسالته معززة لهذه القيم وباعثة لإحيائها فما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق , وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ¿ فقال : تقوى الله وحسن الخلق ) وقوله : أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه )
ترويض النفس
ودعت الريمي إلى ترويض النفس على الصبر والكلمة الطيبة والبعد عن فحش القول والغضب المذموم وخلق جو التسامح والألفة وتجنيب النفس إثم النزاع والصراع انطلاقا من قاعدة (اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم (إنكم لن تسعدوا الناس بأموالكم فأسعدوهم ببسط الوجه وحسن الخلق) حتى إن أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق .
وختمت حديثها بالقول : ولا ننسى في ذلك وصية رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وآله لأبي هريرة ( يا أبا هريرة عليك بحسن الخلق ) قال أبو هريرة : وما حسن الخلق يا رسول الله ¿ قال : (تصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك وتعطى من حرمك ) . ويا سبحان الله حتى الكلمة الطيبة صدقة , وكما يقولون ( البشاشة مصيدة المودة والبر شيء هين : وجه طليق وكلام لين ) وأن خير ما أعطى للإنسان حسن الخلق.

قد يعجبك ايضا