الشرطة المجتمعية يا قوم

صحيح أنني أكتب عن استراتيجية الشرطة المجتمعية في صحيفة الثورة الرسمية والتي توزع إلى مكاتب الوزراء والمسؤولين منذ العام 2008م و كتب عنها كثيرون غيري , لكن ما الذي أنجز فعلا في أمر غاية في الأهمية كهذا¿
لاشيء حقا باستثناء تضمين البيانات الختامية للمؤتمرات السنوية لقادة الشرطة نصوصا عن الشرطة المجتمعية (رغم أننا آخر دول العالم التي لم تطبق هذه الاستراتيجية بعد) بدأت بالحث على انتهاجها واختتمت بما جاءت به المادة السابعة لآخر تلك المؤتمرات ( المؤتمر الثاني والعشرين عام 2013م ) التي ورد في نصها ” والعمل على إنشاء الشرطة المجتمعية ” , لكن لم يتخذ من ذلك شيء على أرض الواقع وقد اكتملت السنة وها نحن نستعد لاستقبال قادة الشرطة في مؤتمرهم الثالث والعشرين هذا الشهر .
وزير الداخلية اليوم هو الوزير الثالث بعد هذا النص والوزير الخامس بعد أول إشارة إلى أهمية الشرطة المجتمعية كاستراتيجية عمل حديثة للشرطة وأملنا فيه بعد الله كبير لأن يخرج هذه الاستراتيجية من ظلمات التجاهل العمد المخيم عليها منذ سنون إلى فضاء التطبيق الذي عبره يبدأ الحل الوحيد والأكيد لمشكلتنا الأمنية المزمنة.
لماذا نرى فيها الحل ¿
– لأن الشرطة المجتمعية عند اكتمال تطبيقها ستجعل المجتمع شريكا فاعلا في العمل الأمني مع أجهزة الشرطة التقليدية ( الرسمية ) وبهذا يكشف الغطاء عن المجرمين والإرهابيين ويجدون أنفسهم محصورين بين الأداء المحترف من أجهزة الشرطة الرسمية وبين تعاون المجتمع معها من جهة أخرى , فتقل قدراتهم على ارتكاب أفعالهم الإجرامية والإرهابية , فيأمن المجتمع شرورهم .
– لأن الشرطة المجتمعية ستوجد المتطوعين من أبناء المجتمع الذين يقومون بيعض الأعمال الأمنية التطوعية والتي رغم محدوديتها إلا أنها ستحل كثيرا من المشاكل البينية عبر أكواخ الخدمة أو مجالس الأحياء مما يوفر لمراكز الشرطة فرصة استثمار الجهد والوقت للأعمال الأمنية الأشد خطورة والخطط الأمنية الهامة .
– لأن الشرطة المجتمعية تتضمن في استراتيجيتها إصلاح الخلل الاجتماعي المنتج للجريمة وتتضمن حلولا مسبقة لما يسبب الجريمة وبذلك تكون وقاية من الجريمة قبل وقوعها وتستأصل الجريمة من جذورها كما تجفف منابع الإرهاب.
– لأنها تحصن المجتمع بأهمية عمل الشرطة وكيفية نزع الخوف من الجريمة وبالتالي يستطيع المجتمع مواجهة الجريمة والمساعدة في مكافحتها.
ما دعاني للعودة إلى الكتابة مجددا عن الشرطة المجتمعية أمران :
أولهما : أننا حين نكتب عن أمر نرى فيه أهمية فإن واجبنا الاستمرار في الكتابة والمتابعة حتى اكتمال تنفيذه وتحقق الغاية منه.
ثانيهما : أنني أثق في أن اللواء / جلال الرويشان وزير الداخلية الجديد ومن خلال نجاحاته التي تحدثت عنه في عمله السابق سيكون من يبدأ فعلا بخطوات عملية نحو التطبيق ونتمنى أن يتجاوز المعوقات وألا يكون في خطوته القادمة لجان فلم تحقق اللجنة التي أنشئت في العام 2008م لأجل الشرطة المجتمعية شيئا حتى الآن.
لعل المجتمع شبه مستعد للتعاون والعمل ضمن هكذا استراتيجية إذا تأكد له أن فيها حلا للمشكلة الأمنية التي باتت تؤرقه , وظهر لي شخصيا استعداد المجتمع للتعاون في كل المبادرات والفعاليات التي أقمتها بدءا بإنشاء مجاميع أصدقاء الشرطة حين كنت في قيادة الشرطة الراجلة وحتى المبادرة التي بدأناها قبل أشهر ونعمل عليها الآن وهي مبادرة ” نحو مجتمع آمن ” , ولابد أن تفاعل المجتمع سيكون أكثر عندما يكون العمل رسميا من قبل وزارة الداخلية ويبقى في غاية الأهمية هو قيام وزارة الداخلية بإعادة تأهيل جهاز الشرطة بحيث يؤمن منتسبوه أنهم يعملون في جهاز خدمي ومن المهم جدا رضاء الجمهور المتلقي للخدمة الأمنية عن ذلك الأداء.

همسة أمنية :
أبناؤنا أمانة في أعناقنا , وهم عماد المستقبل للأسرة وللوطن .
لنتذكر دائما الجديث الشريف : ” كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول .

قائد شرطة الدوريات الراجلة – سابقا.

alwajih@yahoo.com

قد يعجبك ايضا