حقوق المرأة في الإسلام


تعد الأسرة أقدم وأهم المؤسسات الاجتماعية التي عرفها الإنسان وليست الأسرة أساس وجود المجتمع فحسب بل هي مصدر الأخلاق والدعامة الأولى لتربية النشء والمحافظة على قيم المجتمع ومبادئه الثابتة وحين علم أعداء الإسلام هذا الأمر جيداٍ بدأوا هجمتهم ضد بلاد المسلمين سلطوا معاولهم وسهامهم نحو بناء الأسرة وقد علموا أنه بانهدام الأسرة ينهدم المجتمع وتتفكك أواصره ويدب الضعف والخور بين أفراده ومن هذا المنطلق فقد أكد الإسلام على أن المرأة مكرمة وأنها إنسانة وأنها أهل للتكليف واعتبر الإسلام المرأة إنساناٍ كريماٍ لها كل ما للرجل من حقوق إنسانية لأنهما فرعان من شجرة واحدة فهما متساويان في أصل النشأة ومتساويان في الخصائص الإنسانية العامة ومتساويان في التكاليف والمسئولية ومتساويان في الجزاء والمصير ولا قوام للإنسانية إلا بهما ويشهد على ذلك القرآن الكريم ” يا أيها الناس إنِا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباٍ وقبائل لتعارفوا” وقوله تعالى ” هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” إنما النساء شقائق الرجال”. إن عبودية المرأة كعبودية الرجل سواء بسواء وهما مطالبان بالإيمان وإقامة الواجبات وهذا أمر مجمع عليه يقول تعالى ” من عمل صالحاٍ من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة” ولهذا جمع الله تعالى بينهما في الوصف المترتب على أعمالهما ووعد الجميع بالجزاء الواحد في الآخرة قال تعالى” إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات فروجهن والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرةٍ وأجراٍ عظيماٍ” لقد جعل الإسلام للمرأة حقوقاٍ والأصل أن كل ما هو للرجل هو للمرأة من أحكام وتشريعات وحقوق إلا ما جاء النص على خلافه فالنساء يدخلن في خطاب الرجال عند جمع من الأصوليين.
أ- حقوق المرأة في الحياة الزوجية: لقد كفل الإسلام للزوجة كافة حقوقها المادية والمعنوية بما يحقق لها السعادة إن التزم كل فرد بما فرض عليه وقد نصت الآيات القرآنية والأحاديث على ذلك قال تعالى” وعاشروهن بالمعروف “ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم” استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم” وقال أيضاٍ ” خياركم خياركم لنسائهم”.
1- ومن حقوق المرأة من الزواج:
أ- اعتبار إذنها وعدم إكراهها على الزوج للحديث الصحيح “لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن”.
ب- المهر وذلك لقوله تعالى”وأتوا النساء صدقاتهم نحلة” هناك كثير من الدول غير المسلمة من تعرض على المرأة دفع المهر للزوج مما يجعلها تخرج للعمل والكدح تحصيلاٍ للمال المطلوب في المهر فلربما تأخرت على الزواج حتى يفوتها أو تذهب أنوثتها.
ج- النفقة لقوله تعالى “لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله: وقول النبي صلى الله عليه وسلم “اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله استحللتم فروجهن بكلمة ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد جعلت هذه النفقة من أفضل الصدقات كما أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
د- إعفاف الزوجة وفي ذلك ذهب الجمهور غير الشافعية على وجوب أن يطأ الزوج زوجته فيعفها ويحقق الوئام والمحبة في العشرة معها.
2- حقوق المرأة في التعلم والتأدب: يروي أن امراة جاءت للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالته: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماٍ نأتيك فيه تعلمنا ما علمك الله فقال اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا فاجتمعن فأتاهن رسول الله فعلمهن مما علمه الله وجاء أيضاٍ في السنة ما يحث على التعليم والتأدب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم اعتقها وتزوجها فله أجران”. أما النساء قبل الإسلام أو في بعض الشعوب فلم يكن لهن حظ من التعليم ويدل على ذلك ما أصدره البرلمان الانجليزي في عهد هنري الثامن ملك انجلترا من قرار يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب العهد الجديد فأين هذا من وضع الصحابة رضي الله عنهم للمصحف الذي وضع عند حفصة في عهد أبي بكر الصديق وهي امرأة.
3- حقوق المرأة المالية يقول الله تعالى” ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن” ولقد أثبت الإسلام للمرأة حق الملك بأنواعه والتصرف بأنواعه المشروعة من البيع والإجارة والوصية وجعل لها حق الدفاع عن مالها كالدفاع عن نفسها بالتقاضي وغيره كما كانت النساء رائدات في بعض المهن في صدر الإسلام كالمرأة التي صنعت المنبر من خلال غلامها النجار والرْبيع بنت معوذ كانت تبيع العطر وتتاجر فيه كذلك أم شريك كان لها دار ضيافة.
4- حقوق المرأة الاجتماعية: فللمرأة في الإسلام حق المشاركة في العبادات الاجتماعية كصلاة الجماعة والجمعة والعيدين وقد أذن للحيض منهن بحضور اجتماع العيد في المصلى دون الصلاة وكذلك المشاركة في ما يتعلق بإصلاح المجتمع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من الأعمال الاجتماعية بالإضافة إلى اشتراكها في الحروب والغزوات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
بعد هذه الحقوق وغيرها يتبين لنا أن الإسلام حافظ على المرأة في المجتمع المسلم وحرم الاعتداء على حقوقها وجعل لها حرية اختيار الزوج إذا كانت بكراٍ ولم يجبر المرأة على الزواج ومما ينده له الجبين في واقعنا المعاصر ما تقوم به بعض ما يسموا أنفسهم بالجماعات الإسلامية أو ما يدعون أنهم أصحاب الخلافة الإسلامية من خطف للنساء وترويعهم والتحكم فيهن بالبيع أو الشراء فالإسلام بريء من هذه الأفعال الإجرامية والتي لا ترضي الله عز وجل ولا ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعلينا جميعاٍ أن نهتم بالمرأة ونعتني بها لأنها محور أساسي في إصلاح المجتمع وأنها الحصن المنيع في تربية أبنائنا وتنشئتهم تنشئة إسلامية صحيحة ليكونوا كما كان الشباب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
شباب ذللوا سبل المعالي
وما عرفوا سوى الإسلام ديناٍ
تعهدهم فأنبتهم نباتاٍ
كريماٍ طاب في الدنيا عصونا
إذا شهدوا الوغى كانوا كماة
يدكون المعاقل والحصونا
وإذا جن المساء تراهم
من الإشفاق إلا ساجدينا
وهكذا انبت الإسلام قومي
شباباٍ مخلصاٍ حراٍ أميناٍ
وعلمه الكرامة كيف تبنى
فيأبى أن يذل أو يهونا
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عضو البعثة الأزهرية

قد يعجبك ايضا