الثورة / متابعات
يعيش قطاع غزة واحدة من أقسى الكوارث الإنسانية في تاريخه، حيث تتقاطع المجاعة مع حرب مدمرة تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، وسط شلل تام في الإغاثة الدولية
يأتي هذا فيما يشهد القطاع ارتفاعًا حادًا في أعداد الوفيات الناجمة عن سوء التغذية، وسط استمرار الحصار الإسرائيلي وتدهور الوضع الإنساني.
وكشف المكتب الإعلامي الحكومي أن عدد الوفيات تضاعف منذ عام 2023 بنحو 35 مرة، إذ ارتفع من 4 حالات فقط في ذلك العام إلى 50 حالة في 2024، ثم قفز إلى 212حالة منذ بداية 2025، من بينهم 98 طفلًا . فيما بلغ إجمالي ضحايا لقمة العيش في مراكز المساعدات المزعومة حتى يوم أمس 1,743 شهيداً وأكثر من 12,590 إصابة.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم بوتيرة مقلقة، مؤكدة أن سوء التغذية منتشر على نطاق واسع، وأن الوفيات المرتبطة بالجوع آخذة في الارتفاع. .
وأشارت المنظمة إلى أن القيود الإسرائيلية على دخول الغذاء والمساعدات الطبية أدت إلى انهيار شبه كامل للنظام الصحي في القطاع، الذي يعاني أيضًا نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية. ودعت إلى إعادة فتح المعابر فورًا، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق، معتبرة أن إنقاذ الأرواح يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا.
ومن جهتها، أعلنت الأمم المتحدة أن مستوى سوء التغذية الحاد بين الأطفال في قطاع غزة وصل إلى أعلى مستوى تم تسجيله. وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، خلال مؤتمر صحفي “إن أزمة الجوع وسوء التغذية في غزة تتفاقم بشكل متزايد، خاصة بين الأطفال” .
وأشار إلى أنه في شهر يوليو الماضي وحده، تم فحص 136 ألف طفل دون سن الخامسة، وتم تشخيص 12 ألفًا منهم بسوء تغذية حاد، و 2500 طفل في خطر شديد على حياتهم.. موضحاً أن هذه النسبة تمثل زيادة بنسبة 18 بالمئة مقارنة بشهر يونيو .
مسرحية هزلية
إلى ذلك وفي مشهد بات يتكرر خلال الأيام والأسابيع الأخيرة، تتحول السماء فوق غزة إلى مسرح لعمليات إنزال جوي لمساعدات إنسانية، تلقيها طائرات تابعة لدول عربية وأجنبية على مناطق مختلفة من القطاع.
وبينما يُفترض أن تكون هذه الحمولات طوق نجاة لمئات آلاف المحاصرين، فإنها في أحيان كثيرة تتحول إلى مصدر خطر، يصيب من قصدت إنقاذهم.
وبحسب مصادر طبية وشهود عيان، فقد أسفرت بعض عمليات الإنزال عن سقوط المساعدات مباشرة فوق رؤوس المدنيين أو فوق خيامهم، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد منهم، بينهم أطفال ونساء، وتهدم خيام وإتلاف ممتلكات بسيطة تمثل كل ما تبقى لعائلات نازحة.
وبلغ إجمالي ضحايا عمليات الإنزال الجوي الخاطئ للمساعدات منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة 23 شهيداً و124 إصابة حتى الآن.
ترويج للوهم
وتواجه آلية الإسقاط الجوي انتقادات فلسطينية ودولية لعدم جدواها مقارنة بالنقل البري، فضلاً عن تسببها بخسائر في الأرواح والممتلكات، وتحويلها إلى مشاهد مصوّرة تبثها وسائل الإعلام للترويج للدول والمنظمات المانحة.
وفي هذا الصدد، قالت وزارة الداخلية بغزة، إن “الآثار السلبية لإسقاط مظلات المساعدات وما تخلقه من فوضى وخسائر أكبر بكثير من أي منفعة تحققها للمجوعين”.
وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ، إن غالبية هذه الإنزالات الجوية تسقط في مناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال أو في أحياء مفرغة قسرياً، ما يُعرّض من يقترب منها للاستهداف والقتل المباشر.
وأشار إلى سقوط شحنات من عمليات الإنزال الجوي داخل البحر أدت إلى غرق 13 فلسطينياً من المدنيين العام الماضي.
وندد «المكتب الإعلامي» في غزة، باستمرار سياسة «هندسة التجويع والفوضى» التي يقودها الاحتلال الإسرائيلي، محمّلًا تل أبيب والإدارة الأمريكية والدول المنخرطة في الإبادة الجماعية والمجتمع الدولي المسؤولية الكاملة
ومنذ 2 مارس الماضي، أغلق الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، منقلبًا على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 18 يناير 2025 والذي نصّ على إدخال 600 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميًا.
وحتى إشعار آخر، ستظل السماء في غزة تحمل الأمل والخطر معًا، فيما ينتظر الناس على الأرض شيئًا واحدًا، أن تصل المساعدات إليهم دون أن تودي بحياتهم.