علماء ودعاة:الاهتمام بالعبادات فقط دون الأخلاق ليس من الإسلام في شيء

دعانا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكارم الأخلاق وحثنا عليها ومع ذلك نرى انحرافاٍ عن دعوة المصطفى في هذا الجانب إلا من رحم الله رغم أنه من أهم صفات المسلم ومن أساسيات الدعوة المحمدية فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بْعثت لأْتمم مكارم الأخلاق)) وفي الحديث الذي يرويه أبي هريرة رضي الله عنه : قال سْئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يْدخل الناس الجنة ¿ فقال : تقوى الله وحسن الخلق ) . حول ما مفهوم الأخلاق وما أهميتها في الإسلام وكيف أصبحت تعاملات المسلمين اليوم وما دور الأخلاق في إرساء دعائم الحضارات و نشر الإسلام كان لنا الاستطلاع التالي مع عدد من علماء الإسلام ودعاته.
في البداية تحدث الدكتور محمد العولي مدير عام مركز السلام لتحفيظ القرآن الكريم وعلومه بقوله : لقد عني الإسلام بالأخلاق منذ بزوغ فجره وإشراقة شمسه فالقرآن في عهديه المكي والمدني على السواء اعتنى اعتناء كاملاٍ بجانب الأخلاقº مما جعلها تتبوأ مكانة رفيعة بين تعاليمه وتشريعاته حتى أن المتأمل في آيات القرآن الكريم يجد أن الأخلاق تشغل حيزاٍ كبيراٍ منه كما يجد إشارات الشارع الحكيم وتنبيهاته إلى سجايا الأخلاق  في كل أوامره ونواهيه وبعثة النبى صلى الله عليه وسلم كانت لتقويم الأخلاق وإتمام مكارمها يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه : (إنما بعثتْ لأتمم مكارم الأخلاق), مضيفاٍ ? : إن القرآن قد نوه بذلك أيضاٍ في غير ما آية نحو قوله تعالى(هْوِ الِذي بِعِثِ في الúأْميينِ رِسْولاٍ منúهْمú يِتúلْو عِلِيúهمú آيِاته وِيْزِكيهمú وِيْعِلمْهْمْ الúكتِابِ وِالúحكúمِةِ وِإنú كِانْوا منú قِبúلْ لِفي ضِلِالُ مْبين ( وتلك مكانة عالية ترتقيها الأخلاق في الإسلام.
ومدح الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي اختاره واصطفاه بقوله سبحانه: (وِإنِكِ لِعِلِى خْلْقُ عِظيمُ) ولا يمدح الله نبيه صلى الله عليه وسلم بشيء  إلا وله مكانة عظيمة عنده تعالى, مشيراٍ إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أكمل المؤمنين إيماناٍ أحسنهم خلقاٍ) وأصحاب الخلق الحسن خيار الناس في الإسلام يدل لذلك حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول(إن من خياركم أحسنكم أخلاقاٍ(.
“مكانة الأخلاق”
ومن جهته أوضح الداعية أيمن الجبري أن مما يبين مكانة الأخلاقº دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يحسن خلقه وهو صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاٍ كقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت) والخلق الحسن مجلبة لمحبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم(أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقاٍ). وفي حديث جابر رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم : (إن من أحبكم إلى وأقربكم مني مجلساٍ يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاٍ) وحسن الخلق كالعبادة من صيام وقيام ليل فعن عائشة رضي الله عنها قال صلى الله عليه وسلم : ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)).
وأثقل ما يجد المؤمن في ميزانه يوم القيامة حسن الخلق كما جاء الخبر بذلك فقوله صلى الله عليه وسلم : (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق).
وإن حسن الخلق وتقوى الله أكثر ما يدخل الناس الجنة ففيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: )تقوى الله وحسن الخلق (فجعل حسن الخلق مساوياٍ للتقوى وأكثر ما يدخل الناس الجنةº بل وقد تبو أصحاب الأخلاق معالي الجنة ومعالمها المرموقة يقول صلى الله عليه وسلم : (أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المرء وإن كان مْحقاٍ وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاٍ وفي أعلى الجنة لمن حسن خلقه).
وفي نفس السياق تساءل الشيخ محمد مصطفى خطيب جامع الحسن بن علي بقوله:
لماذا نرى بعض المسلمين ملتزمين بالعبادة غير ملتزمين بالأخلاق.. ثم أجاب عن نفسه هذا يدل على عدم فهم القرآن والسنة الفهم الصحيح وقد قال أحد الصالحين قديماٍ لأن أصحب الرجل الفاجر حسن الخلق خير لي من أن أصحب الرجل العابد الذي لا خلق له.
وأما الشيخ محمد علي الشرفي خطيب جامع الزهراء فيقول: إن المشاهد لسلوكيات المسلمين في الوقت الراهن لتصيبه دهشة شديدة مما آل إليه أمر المسلمين حتى لقد انتشرت مقولة: إن في بلاد المسلمين إسلاماٍ بلا مسلمين وفي بلاد الغرب مسلمين بلا إسلام!! وذلك للدلالة على عدم اتصاف المسلمين بأي أخلاق للإسلام في الوقت الذي يتحلى فيه الغربيون بكل صفات الإسلام مع عدم إسلامهم فتجد بعض الناس من المسلمين لا يفتر لسانه عن ذكر الله طوال طريقه فإذا حدثت مشاحنة بسيطة بينه وبين من يقود سيارته بجواره إذا بسيل السباب والشتائم يندفع من لسانه الذي كان يذكر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله كل ذلك أدى لحدوث هذا الانفصام النكد بين الدين والأخلاق أو بين العبادة والسلوك الذي نجده الآن. ومن أمثلة بعد الدين عن السلوك كذلك أننا نجد أحدهم يصلي ويصوم ويجتهد غاية الاجتهاد في العبادة ولكنه لا يصون نفسه عن أكل الحرام ولا لسانه عن الغيبة والنميمة وبعضهم يتحجر تحجراٍ شديداٍ في مسألة من مسائل العبادة يريد أن يتقيد ويلتزم بها تمام التقيد والالتزام ولكنه حين نأتي للسلوك نجد منه تهاوناٍ شديداٍ ومخلاٍ في تطبيق هذا السلوك ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
وتؤكد الدكتورة إيمان عبدالله إن إي حضارة لا تقوم إلا على دعامتين: علمية وأخلاقية. وهذا ما يؤكد لنا قرب انهيار الحضارة السائدة والمهيمنة على العالم الآن. ولكنه في ذات الوقت لا يبشر بأن تكون أمة الإسلام هي الوارث الطبيعي لهذه الحضارة ذلك أن أخلاقيات أمة الإسلام ما زالت بعيدة عن المستوى الذي يمكن أن تقود به العالم الآن. وسقوط الأمة في إحدى هاتين الدعامتين يؤدي لسقوطها في الأخرى ولا شك ومن ثم انهيارها واندحارها فيما بعد. ولننظر إلى الإسلام وكيف انتشر في أنحاء العالم. كان ذلك بسبب أخلاق التجار الذين حملوا معهم رسالة الإسلام وهم يجوبون العالم شرقا وغربا فأدى ذلك لاعتناق الكثيرين للإسلام ودخولهم في دين الله أفواجاٍ . وأخيراٍ أقول للجميع: (اجعل كلامك شهداٍ عسلاٍ طيباٍ فالكلمة الطيبة صدقة تنشرح لها الصدور وتمتص بها متاعب القلوب).

قد يعجبك ايضا