تســـــــــــرب الطــــــلاب مــن مـدارس عمــــران يـدق ناقــوس الخطر


تعد ظاهرة هروب الطلبة من المدرسة حاجزاٍ قوياٍ أمام تقدم المجتمع وتطوره لما تشكله من أثر مباشر في تفشي ظاهرتي الأمية والبطالة وتأتي هذه الظاهرة نتيجة لعدم متابعة بعض أوليا الأمور لأبنائهم وبناتهم الطلاب والطالبات ولتحصيلهم العلمي وكذلك نتيجة لتفكك بعض الأسر وانشغال الإدارات المدرسية بأمور ذات اهتمامات فرعية وأقل أهمية بعيداٍ عن تلك الأساسية مثل ضبط الطلاب ومتابعة التزامهم بالدوام وإقامة المناشط الصيفية ومتابعتها.
بدورنا وللوقوف على المشكلة بكامل تفاصيلها قصدنا عدداٍ من المدارس والتقينا المسؤولين والتربويين فيها كما كانت لنا وقفة مع بعض طلبة المدارسولم نستثن من عناية اهتمامنا أن ندلف إلى مكتب مدير إدارة التوجيه بمكتب التربية والتعليم بمحافظة عمران وهذه هي المحصلة:
لتكن البداية مع الطالب/ فهد العكرمي حيث قال:
أظن أن الصحبة السيئة لها دور كبير في الأمر وأيضا كره الطالب للمدرسة الحمد لله لم يحدث معي هذا الأمر رغم أني فكرت فيه مرة ونويت أن اهرب لكن لحسن حظي جاء المدير وقفش الشباب وأنا هربت للفصل قبل أن يراني .وأضاف بقوله: يكون أغلب ما يسبب الهروب لدى الطلاب وبدون نقاش الملل وحب الفوضى وعدم احترام مكان العلم..
ضغوط نفسية
وعلق الطالب محمد عراف موقف الهروب من المدرسة في وقت الفسحة بغير إذن من الإدارة بالقول :الإحساس بالضغط الذهني في الحصص الثلاث التي تسبق الفسحة كأن تكون جميعها مواد علمية هو أحد أسباب الهروب: “أحيانا اضطر إلى الهروب لأنني “لا أريد أن أحضر حصة المدرس الفلاني, مشيراٍ إلى أنه يجد الوناسة والترفيه خارج المدرسة على حد قوله.
أسباب عديدة
ونوه التربوي نبيل محمد العشبي بأن ظاهرة الهروب من المدارس ترجع إلى عدة أسباب قد تكون تربوية تتمثل في عدم وجود بيئة مدرسية جاذبة للطالب مثل المناشط التي تشبع حاجات ورغبات الطلاب أو أسباب اجتماعية تعود إلى طبيعة نشأة الطالب بحيث يكون فاقداٍ لأحد الأبوين أو أحدهما ويعيش فراغاٍ اجتماعياٍ يفتقر فيه إلى الرعاية الكافية والتوجيه السديد, مشيراٍ إلى أنه يجب ألا نغفل الجوانب الاقتصادية التي تجعل من الطالب منعزلاٍ عن أقرانه لذا يبقى دور المرشد الطلابي بداخل المدرسة مهماٍ وحيوياٍ لدراسة حالة الطلاب والتعرف على احتياجاتهم وظروفهم الأسرية ومعالجة أسباب النفور من المدرسة, مؤكداٍ ضرورة توفير الأجواء التعليمية التي تجذب الطالب من قبل إدارة المدرسة .
منهج عقيم
أما الأخت/ حنان محمد العبسي مدرسة فقالت: أرئ بأن المنهج الحالي المتواجد في المدارس له الدور الأبرز في تدني العملية التعليمية ببلادنا وساهم بشكل كبير في تسرب الطلاب من المدارس في محافظة عمران مؤكدة بأن المنهج الحالي عقيم ولا يتوافق مع قدرات الطالب الراهنة بل أنه في بعض الفصول يفوق قدرات المدرس نفسه وهذا يؤدي بالفعل إلى إرباك المدرس في عمليتي التحضير والشرح كما ولد لدى الطالب حالة نفسية سيئة تسبب بمغادرته المدرسة إلى غير رجعة.
أبعاد اقتصادية
بدوره أرجع الأخ نجيب الشرعبي وكيل مدارس العلوم الحديثة المسؤولية إلى أبعاد تتعلق بالجانب الاقتصادي وقال:
إن الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعاني منه الأسرة اليمنية يعد عاملاٍ مهماٍ في تسرب الطلاب من المدارس إلى جانب عدم متابعة الأسرة لأبنائها باستمرار حيث يفقد الطالب الاستعداد النفسي للدراسة إضافة إلى ما شهده من إخوانه وأصدقائه الذين سبقوه وتخرجوا من الثانوية العامة ولم يستطيعوا إكمال الدراسة الجامعية ومن استطاع إكمال الدراسة الجامعية فإنه لا يستطيع الحصول على الوظيفية عامة كانت أو خاصة .
وأضاف : هناك العديد من المعالجات والتي تتمثل في استقرار الوضع الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة الفرد والتنسيق بين الجهات ذات العلاقة والاستفادة من مخرجات التعليم حسب التخصص والاحتياج كذلك يجب على الأسرة غرس حب التعليم في قلب الطالب على أن يتعلم من أجل العلم لا من أجل الوظيفة
مختتماٍ حديثه بالقول: تعد ظاهرة استمرار تسرب الطلاب من المدارس من أهم العوامل التي أدت إلى ارتفاع معدل الأمية والبطالة في البلاد رغم انتشار المدارس ومجانية التعليم وتعد البطالة أهم دوافع الانحراف بمختلف أنواعه وهذا يسبب كارثة مجتمعية إذا لم يتم تداركها وضع الحلول المناسبة لها
غياب المتابعة
أما وكيل مدرسة الزهراء محمود يحي الخدري هو الأخر يقول:
القضية يتحملها الجميع من الأسرة إلى إدارة المدرسة ثم مكتب التربية والتعليم في المديرية والمحافظة يعني حلقة وصل متكاملة فالأسرة تتحمل مسؤولية عدم متابعة ولدهم والمدرسة تتحمل مسؤولية في عدم إشعار أهله عند غيابه عن المدارس وكذلك المدرس له دور فعال فالتعامل بمسؤولية مع الطالب من قبل المدرس له آثار ايجابية في الالتزام بالدوام فعندما يكون المدرس ذا كفاءة عالية في التدريس والتعامل مع الطالب بأخلاق عالية تحببه في الحضور إلى المدرسة وأيضا إدارة المدرسة عندما تجلس مع الطالب وتدرس حالته النفسية والاجتماعية ومعالجتها فسوف يساعده على عدم ترك المدرسة وكذلك إدارة التربية والتعليم بالمديرية والمحافظة أولاٍ في توفر كل احتياجات الطالب من توفير الكتاب المدرسي وكذلك تغطية المدرسة بكادر المعلمين .
وواصل حديثه قائلاٍ: إن الكثير من المعاناة التي نعانيها في محافظة عمران تكمن بسبب عدم اكتمال الكادر التعليمي وكذا غياب الرقابة المتواصلة على المدارس فعند نقص المعلمين يؤثر سلبا على الطالب مما يجعله يهمل المدرسة الأهم من كل ذلك ظاهرة الغش المستشري في المدارس وغياب الضمير الإنساني في بعض الأشخاص..
وضع آلية تربوية
فيما يرى مدير المدارس النموذجية الأخ محمد شاكر أن الهروب من المدرسة موضوع شائك لابد من علاجه بالطرق العلاجية والوقائية التربوية وتكوين فريق متعاون لتعديل سلوك هؤلاء الطلاب بشكل إيجابي, موضحاٍ أن للرفقة دوراٍ في انحرافهم مشدداٍ على أهمية دور المرشد التربوي “المرشد الطلابي” بوضع آلية تربوية لمعرفة أسباب تأخير الطلاب أو الغياب أو الهروب وإجراء دراسة حالات للطلبة وعقد جلسات علاج فردي وجمعي وبيان أهمية الالتزام بالدوام الرسمي للمدرسة وتصحيح مفاهيمهم الخاطئة تجاه الهروب من المدرسة والآثار المترتبة على ذلك والحرص على مقابلة أولياء أمورهم لمساعدة أبنائهم على تجاوز مشكلة الهروب والتأخر ومن ثم وضع حلول تناسب ظروفهم, موضحاٍ أن المدارس لا تقوم بإبلاغ المنزل عن تغيب ابنهم إلا بعد ثلاثة أيام متتالية.
ضعف العلاقة
وفي ذات السياق يقول الأخ: مجاهد إسماعيل شعلل مدير مدرسة أبو ذر الغفاري:
الهروب هو تعمد الطالب الخروج من المدرسة أو الحصص الدراسية سواء بالخروج من الفصل أو البقاء في محيط المدرسة أو خارجها ويعد من مخالفات المواظبة في قواعد تنظيم السلوك والمواظبة الصادرة من وزارة التربية والتعليم لمدارس التعليم العامومن بعض مظاهر الهروب عدم إكمال اليوم الدراسي والتغيب عن حضور الحصص الدراسية والاختبارات المدرسية والمناسبات والأنشطة المدرسية والخروج من المدرسة دون إذن.
وأردف: كثيرة هي الأسباب التي تؤدي هروب الطلاب من المدارس لعل أبرزها الإيذاء اللفظي من المعلمين وغياب الأنشطة الصيفية في المدارس وعدم تنوعها أي- رتابتها- وإهمال رصد حالات الغياب في الحصص وصعوبة المقررات الدراسية مما يشعر الطالب بالعجز ويجبره على الهروب تجنباٍ للمواجهة, موضحاٍ أن لغياب عناصر التشويق والجذب داخل المدرسة دور في ذلك وكذا حجرات الدراسة من ناحية اتساعها وضيقها كما أن هناك سبباٍ جوهرياٍ وهو ضعف العلاقة بين المعلمين والطلاب وعدم تقبلهم وهناك أسباب خاصة بالطالب مثل عدم الرغبة في الدراسة أو وجود مشكلة مع أحد زملائه والرغبة في جذب انتباه الآخرين نحو مغامراته والتفاخر بها ومصاحبة رفقاء السوء والتأثر بهم ووجود ضغوط من خارج المدرسة على الطالب, وأشار إلى أن هناك أسباباٍ أسرية منها الإهمال وغياب السلطة الضابطة في المنزل وانشغال الأبوين وانخفاض الدخل المادي وعدم إشباع حاجات الطالب وميوله المادية والنفسية والتدليل الزائد من قبل بعض أولياء الأمور والثقة المفرطة.
وأشار إلى أن الآثار المترتبة على ذلك التأخر الدراسي الكلي أو الجزئي وبالتالي الرسوب ومن ثم التسرب وعدم الدراسة فينتج عنه البطالة والهدر التعليمي وسرعة الانتماء إلى الجماعات المشبوهة والضالة وبالتالي القيام بتهديد أمن الوطن والمجتمع مؤكداٍ على ضرورة توعية أسر الطلاب بأضرار الهروب وتقوية العلاقة بين المدرسة والمنزل وتفعيل قواعد تنظيم السلوك بالمدارس.
مسؤولية تشاركيه
من جانبه يقول وكيل مجمع الصعر التربوي عبدالكريم زعبل: إن حالات الهروب من المدرسة بدأت تتزايد في ظل المتغيرات التعليمية المتجددة وعدم الاهتمام الأبوي بالطالب” وأردف قائلاٍ :”ذات مرة أثناء الدوام الرسمي أبلغني أحد الأصدقاء بأنه مجموعة من الطلاب يقبعون في مقهى للإنترنت وعند معرفتي بذلك أبلغت مجموعة من أولياء الأمور الذين فوجئو بذلك والبعض الآخر أصر على أن ابنه في المدرسة ولم يكن يخرج”, مشيراٍ إلى أن دور المدرسة والمنزل لابد أن يكون تكاملياٍ لضبط التعليم والحفاظ على جودته وتحقيق المسؤولية التشاركيه تجاه الطلاب.
ظاهرة خطيرة
وكان لابد لنا من وقفة مع قاسم الطلقي مدير إدارة التوجيه بمكتب التربية والتعليم بمحافظة عمران وقد جاءت ردوده في سلة واحدة وفي سياق عام حيث قال:
تعد ظاهرة الهروب من المدرسة من أخطر أنواع الجنوح الذي قد يمارسه بعض الطلاب في فئة عمرية معينة ومحددة قد تكون بين المرحلة الابتدائية والمرحلة الثانوية أي المرحلة المتوسطة.
وأضاف :إن ظاهرة الهروب تعد ظاهرة تستحق الاهتمام ومن وجهة نظري فإن الأسباب تعود لثلاثة محاور منها ما هو متعلق بأسرة الطالب مثل الظروف المادية القهرية للأب وطريقة التوبيخ من قبل الوالدين والإهانات كما أن انفصال الوالدين سبب رئيسي في اضطراب الحالة النفسية للطالب وأخرى متعلقة بالمدرسة مثل عدم متابعة حالات الهروب من المدرسة وانشغال إدارات المدارس بقضايا أخرى وعدم تعزيز الأنشطة المدرسية المفيدة الكافية التي تلبي رغبات وحاجات الطلاب فمثلاٍ لا يكفي يوم واحد في الفصل الدراسي ليكون يوماٍ مفتوحاٍ فالواجب نهاية كل أسبوع أو كل شهر يوم مفتوح وتكون الجوائز قيمة وهناك أسباب تعود للطالب نفسه مثل شعور الطالب بالعجز عن متابعة الدراسة وتكرار الرسوب وكبر سن الطالب وكثرة السهر في المنزل أو خارجه وتعلقه بعادات سيئة مثل التدخين ومضغ القات وغياب الدافعية للدراسة.

قد يعجبك ايضا