التوتر السياسي والأمني..سبب رئيسي لاضطراب المواطنين نفسيا واجتماعيا


■ القاطنين بأماكن الحروب.. بحاجة لدعم نفسي ومجتمعي

■ للحروب آثار نفسية ومجتمعية خطيرة.. ومعالجتها تتطلب جهوداٍ حكومية

■ لدى النقابة برنامج دعم نفسي يستهدف سكان الأحياء المتضررة
من الحروب

قذيفة صاروخية “دانة” أخذت جزءاٍ من منزل أحدهم, وقذيفة أخرى اغتالت طفلُ كان يبحث عن حياة الطفولة, ورصاصة شقت رأس رب أسرة.. مشاهد يعيشها سكان الأحياء بالمدن اليمنية عموماٍ والتي وضعها القدر في موعد مع معركة أو حرب.
أهالي ليسو من طرفي الصراع, لا يحملون الأسلحة, ولا يتمنون الانتصار أو الخسارة للفريقين, دموعهم تنهمر, وأصواتهم تستغيث, وصدورهم تحتضن الصغار, يرون القذائف والدانات تضرب من جهتين لم تفكر في ما قد يلحق بالأطفال قبل الكبار من آثار وأمراض نفسية واجتماعية إزاء ما يقومون به.
ويمر سكان الأحياء التي دارت فيها معارك وحروب, سواءٍ كانت بالعاصمة صنعاء أو المحافظات التي شهدت مواجهات مسلحة, بأقسى وأمر مرحلة في حياتهم لما عاشوه من خوف وقلق جراء المعارك التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء.
فإلى تفاصيل هذا اللقاء:

وللحروب والصراعات آثار نفسية واجتماعية خطيرة قد تدفع بعضهم إلى الانتحار, والمجتمع بأكمله يعلم ذلك, بمن فيهم الحكومة.. ولمعرفة تلك الآثار وما هي طرق معالجتها وما دور الحكومة والمجتمع التقت الـ “الثورة” بأمين عام النقابة العامة للأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين اليمنيين طلعت حسن حمود, أو بأمراض نفسية مختلفة تنعكس بشكل كبير على الأسرة والمجتمع والدولة على حد السواء..
في البداية تحدث أمين عام النقابة العامة للأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين اليمنيين طلعت حسن حمود عن الآثار النفسية والمجتمعية لدى الأسر والأطفال الساكنين في أماكن الصراعات والحروب, إذ قال: ينجم عن حالات الطوارئ والأوضاع المأسوية والحروب مجموعة واسعة من المشكلات التي يعيشها الأفراد والأسرة والجماعات المحلية والمجتمع. وعلى كل مستوىٍ تجرف حالات الطوارئ مخاطر ومشكلات متنوعة كما تميل إلى تضخيم المشكلات الموجودة أصلاٍ. وفي حين أن المشكلات الاجتماعية والنفسية تصيب معظم المجموعات إلا أنه من المهم الإشارة إلى أن كل فرد يختبر الحدث ذاته بشكل مختلف عن الآخر كما تكون له موارده وقدراته المختلفة على التغلب على الحدث.
وأكد الأستاذ طلعت على أن المشكلات النفسية الاجتماعية والمشكلات الصحة النفسية تتداخل بشكل وثيق في حالات الطوارئ والأوضاع المأسوية والحروب مما يجعلها في الأغلب اجتماعية أو نفسية بطبيعتها..
وتنقسم المشكلات ذات الطابع الاجتماعي بالدرجة الأولى إلى قسمين, بحسب أمين عام النقابة العامة للأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين اليمنيين, أولاٍ: مشكلات اجتماعية ناجمة عن حالات طوارئ (تشتت الأسرة السلامة قتل أمراض نفسية تدمير سبل العيش وتدمير الشبكات الاجتماعية والهيكل المجتمعية المحلية والموارد والثقة التورط في أعمال عنف جسدي وجنسيةوعدم وجود استقرار اجتماعي وأمني)
ثانيا: مشكلات اجتماعية ناجمة عن المساعدات الإنسانية (مثل الاكتظاظ وانعدام الخصوصية في المخيمات وأماكن النزوح أو تقويض الهياكل المجتمعية أو آليات الدعم التقليدية في المساعدات التبعية للمساعدات).
بينما المشكلات ذات الطابع النفسي بالدرجة الأولى فقد أكد الأستاذ طلعت على أنها تكون في الأصل مشكلات موجودة من السابق (مثل اضطراب نفسي حاد الاكتئاب) وكذا مشكلات ناجمة عن حالات طوارئ (مثل الحزن الضيق غير المِرِضي والمواد الأخرى الاكتئاب واضطرابات القلق بما في ذلك اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) بالإضافة إلى مشكلات ناجمة عن المساعدات الإنسانية (مثل القلق الناتج عن الافتقار إلى معلومات عن توزيع المساعدات الغذائية).
وأشار أمين عام النقابة العامة للأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين اليمنيين إلى أن الأزمات والحروب تترك آثارها على جميع أفراد المجتمع في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والسياسية والأخلاقية إلا أن الآثار النفسية والاجتماعية هي الأكثر شدة وديمومة لكنها, بحد قوله, قلما تلقى الاهتمام اللازم. أن هذه الآثار تسمى ما بعد الصدمة.. لافتاٍ إلى أن هذه الظاهرة تجلت بوضوح في العاصمة صنعاء منذ عام 2011 إلي يومنا هذا من خلال التأثير الكبير الذي لاحظناه عند الأطفال وخصوصاٍ من فقدوا أحد أفراد أسرتهم.
وأضاف “خلال هذه الفترة أصبح الطفل يشاهد نشرات الأخبار بما فيها من أخبار تتضمن القتل والحرب ومشاهد لأطفال وأسر وهي تعاني من تلك الصراعات والحروب إلى جانب مشاهدتهم قنوات المصارعة التي تظهر أشد أنواع العنف الجسدي, بالإضافة إلى تحول كل القنوات الإعلامية إلى حالة من العنف الإنسانية والإرهاب النفسي والاجتماعي في ضل الوضع المأساوي التي تمر به المنطقة العربية من صراعات وحروب دامية, وهذا ما دفع بالأسرة إلى متابعة ومشاهدة التطورات والإحداث الدامية والصراعات المسلحة حتى وصل الأمر إلى أنه لم يعد هناك مساحة للأطفال والأسر لمشاهدة برامج الأطفال وبرامج اجتماعية وثقافية وبذلك نجد حالة الأطفال والأسر في اليمن حتى في المحافظات والمناطق الريفية متأثرة بما يحدث نفسياٍ واجتماعيا”.
واعتبر الأستاذ طلعت قدوم الأطفال وخصوصاٍ في الأمانة على شراء الأسلحة التقليدية, كالمسدسات والأسلحة المحاكية للأسلحة الحقيقة ,وما شابه ذلك من العاب, حلت بدلاٍ من الألعاب المتعارف عليها مثل اللعب والدمى نتيجة لتأثرهم بأحداث الصراع الدائرة حولهم.. مشيراٍ إلى أن تأثيرات الصراعات تختلف من فرد إلى أخر ومن أسرة إلى أخرى.
وتتأثر الأسر من الصراعات حين تفقد أو يصاب أحد أفرادها في الصراع, حيث يكون التأثير الكبير عند الأطفال والمرأة ومن ثم الأقارب والأصدقاء, وكذلك تتأثر حين تشاهد الأسر والأطفال المعركة وعمليات قصف المنازل, بما فيها منازلهم, وتمسع أصوات الأسلحة وكذلك مشاهدة ضحايا الحرب والمصابين وهذا يصيبهم ويعود عليهم بآثار نفسية واجتماعية.
التوتر السياسي وعدم الاستقرار الأمني وتخوف الأسر من الوضع وقلقهم أثر في وجود جو نفسي غير ملائم انعكس ذلك على الأطفال في تقييد حريتهم في اللعب والخروج إلى المنتزهات التي تكاد تنعدم في أمانة العاصمة وأصبح كثير من الأطفال حركتهم في إطار البيت متأثراٍ نفسياٍ واجتماعيا ٍ وتعليمياٍ وترفيهياٍ وجسمياْ وفي كل نمط حياة.
وقال أمين عام النقابة العامة للأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين اليمنيين إن نصيب الأطفال هو الأكبر, مما حدث من معارك بالعاصمة خلال الفترة الشهر الماضي, نتيجة عدم قدرتهم على التعبير عن معاناتهم..مشيراٍ إلى أن مشاهدته الطفل لأعمال العنف والقتل وحرمانه من حاجاته الأساسية يجعله يعيش في هلع وفزع الليلي وانتكاس بعض المهارات التي اكتسبها قبل الأزمة وظهور بعض الاضطرابات السلوكية والكلامية وإبداء سلوك عنفي وعدم الرغبة باللعب وبالذهاب إلى المدرسة.
وفي هذا الإطار شدد الأستاذ طلعت على ضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي الكامل للأطفال والأسر المتضررين من الأحداث, وذلك عبر تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي من قبل الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين المتخصصين.. لافتاٍ إلى أن أفضل أساليب التعامل مع الأطفال المتضررين نفسياٍ هي تقنيات الرسم التعبيري واللعب التمثيليوالرحلات والذهاب إلى الحدائق والمنتزهات والتواصل الإيجابي مع الطفل وتعزيز ثقته بالكبار وتحفيزه على الكلام.
وبحسب الأستاذ طلعت فإن المشكلات النفسية الاجتماعية ومشكلات الصحة النفسية في ظل الوضع القائم بأمانة العاصمة والمحافظات الأخرى ومناطق الصراع تتطلب تضافر الجهود في دمج النشاطات والبرامج مثل آليات الدعم المجتمعي, وكذا توعية الأسرة في كيفية التعامل مع المتأثرين نفسيا واجتماعيا, من قبل الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين المتواجدين في منظمات المجتمع المدني وفي مركز ودور الرعاية الاجتماعية الحكومية والأهلية والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس الحكومية والأهلية خدمات الصحة العامة خدمات الصحة النفسية العامة الخدمات الاجتماعية إلخ…).
وأكد أمين عام النقابة العامة للأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين اليمنيين طلعت حسن حمود على أهمية أن يجري التنسيق بين جميع القطاعات والجهات الحكومية والمنظمات الأهلية الدولية والمحلية ونقابة الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين اليمنيين والأقسام والمركز الاجتماعية والنفسية بجامعة صنعاء لعمل برنامج متكامل لتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي للأطفال والأسر المتضررين من الوضع القائم وخصوص في مناطق الصراح في أمانة العاصمة.
وقال أن تقديم الدعم النفسي يعتبر أحد الحلول الرئيسية لمعالجة الإضرار النفسية والاجتماعية للأطفال والأسر وخصوص للإحياء المجاورة لمقر الفرقة الأولي مدرع, شملان مذبح الجامعة هائل, والتي لديها قناعات إن سبب التدمير والحروب وأثارها عليهم من منذ عام2011م إلي اليوم.. منوهاٍ إلى أن سرعة تنفيذ القرار الجمهوري المتعلق بتحويل مقر الفرقة الأولى مدرع إلى حديقة ومنتزه يحمل أسم “21 مارس” سيحقق نوع من الاستقرار النفسي والاجتماعي للأطفال والأسر المحيطة بها وكذا سكان العاصمة بشكل عام وزائريها من داخل وخارج الوطن.
ومن المسؤولية الملقاة على عاتق النقابة تجاه المجتمع أكد الأستاذ طلعت على أن النقابة العامة للأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين وأعضائها, سوف تنفذ برنامج تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي للأطفال والأسر المتضررة في الإحياء الأشد ضررا والتي دارت فيها المعارك والصراعات.

قد يعجبك ايضا