عمل خيري ..وثقافة مجتمعية منذ القدم


عمل الخير ميزة أمتاز بها اليمني منذ القدم فهو صاحب أرق قلبا كما وصفه رسولنا الكريم صلوات الله عليه وآله, وهذا يرتسم في جميع أعمال الخير التي يقوم بها اليمنيون وسعيهم الدؤوب لمساعدة الغير وإيثاره على النفس.. أعمال الخير التي يقدمها كل فرد في مجتمعنا كثيرة برغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد …
سقايات المياه واحدة من تلك الأعمال الخيرة التي يقدم عليها الفقير قبل الغني في كل محافظات الجمهورية ولكن في حضرموت الوضع مغاير تماما ..
حرارة الشمس قاسية في حضرموت والحر الشديد فيها باعتبارها ساحلية يتطلب شرب الماء أكثر لسد عطش الناس والتخفيف من وقع الحر على أجسامهم لهذا بادر أهل الخير هناك لبناء سقايات المياه ,وهذا الإجراء ليس وليد اللحظة فهذه السقايات بدأت فكرة بنائها بتاريخ 1311هـ أثناء فترة حكم السلطان منصور بن غالب الكثيري وفي سيئون كانت اللبنة الأساسية للسقايات التي بنيت بشكل مستطيل أبعادها 8 2م ×82 و1م وبني الحوض الخاص بها من الحجر الذي يغطى بقبتين بنيت من الطين المدعم بأعواد الخشب وأشجار العلب السدر وتدهن واجهاتها بالنورة ولها فتحتان بوابتان من الناحية الشمالية كمنفذ للرياح الذي يعتبر عاملا رئيسيا في عملية تبريد المياه داخل السقاية .
بناء السقايات لإسقاء الظمآن لم يكن الأمر الوحيد الذي فكر فيه الحضارم وبناءها في أماكن عديدة في مفرق عيفان وادي حضرموت مرورا بمدن القطن وشبام والحوطة وغيرها من الأماكن ولمسافة تقدربخمس ساعات بين هذه المدن حتى الوصول إلى سيئون وانتشارها على حافتي الطريق ليس هذا فقط فقد قام فاعل الخير في حضرموت بتطوير بنايتها حتى باتت تبنى من الاسمنت والرخام وبدلا من أن يحمل الماء إلى داخل السقاية قاموا بتوصيل مواسير المياه لتزويد السقايات بالماء بشكل متواصل ولم يهمل المواطن الحضرمي الجانب الجمالي فقام بزخرفتها بالجص الابيض ووضع الإنارات الملونة الجذابة حتى يتسنى للعابرين رؤيتها في جنح الظلام ..
مثل هذه الأعمال الإيجابية والتي يسعى من خلالها من يقوم ببناء تلك السقايات لكسب الأجر تعد ضمن الصدقات الجارية التي يسعى من قام ببنائها الى عودة الأجر صوب أحد أفراد أسرته المتوفين وهذا يبين مدى تأصل فعل الخير بداخل من يقوم بذلك ..
ورغم كل ذلك لابد من التنويه إلى أن مثل هذه السقايات قد تتسبب بعدد من الأمراض الصحية إذا لم يهتم صاحب السقاية بتنظيفها بشكل مستمر ليضمن نظافة الإناء الذي قد يتسبب بانتقال الامراض المعدية من شخص إلى آخر خاصة وان الكثير من المارة يشربون من نفس الإناء..
نحن لا نقلل من قيمة هذه السقايات وفائدتها ولكن لفت الانتباه للأخطار التي قد تتسبب بها هذه السقايات مهم حتى نأخذ الحذر والحيطة … وأن نستكشف نظافة الكوب الموضوع في السقاية أو أن نقوم بصب الماء إلى إناء آخر لوقاية أنفسنا من انتقال بعض الأمراض التي تنتقل بسبب عدم نظافة الإناء الذي يتناوب المارة على شرب الماء منه.
تصوير/فاروق الشعراني .

قد يعجبك ايضا