تحت لـهيب الـصـراعات

ترزح بلادنا منذ فترة تحت وطأة ظروف قاسية وجهود حثيثة مبذولة لتأجيج الأوضاع وافتعال الأزمات الأمر الذي وضع المجتمع تحت تأثير ظروف قاسية تبعث على القلق والتوتر وتضيف الكثير من الضغوط المؤثرة على حياة الإنسان اليمني من مختلف الاتجاهات.
هذه المنغصات أعباء إضافية إلى جانب ظروف قاسية في الحياة المعيشية وتغلغل الفقر وارتفاع البطالة وفقدان الأمل لدى الكثير من الشرائح بحياة أفضل وتعايش مجتمعي مزدهر.

ما تعيشه اليمن من محن ومنغصات وأزمات مفتعلة وصراعات تلقي بظلال قاتمة على وضعية المجتمع وبمؤثرات عديدة في الجانب التنموي والإضرار بالمواطنين وتدمير جهود مكافحة الفقر والبطالة.
ويرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور علي الورافي أن الصراعات التي يرزح مجتمعنا تحت لهيبها منذ فترة ليست بالقصيرة تلحق أضراراٍ بالغة بالنسيج الاجتماعي وتستنزف إنسانيتنا وتدمر مجتمعنا.
ويقول إن الأزمات الطاحنة والمتلاحقة والصراعات المستمرة والخطيرة والفتن المخيفة تستنزف البلد وطاقة الإنسان اليمني والأهم ترسم صورة سيئة عن الأيادي والكوادر العاملة اليمنية في الداخل وبشكل خاص في أسواق العمل الخارجية الاقليمية منها والدولية لأنه يصبح مثار جدل وشبهة تخيف الآخرين من استقطابه وتشغيله نظرا لمحدودية فرص العمل المتاحة في السوق المحلية وارتفاع معدلات البطالة لنسب عالية.

بدائل
يرى الدكتور الورافي أن الناس بحاجة ماسة لتخفيف التوتر عنهم وإزاحة الضغوطات عن كاهلهم ولهذا فإن هناك العديد من الأشياء توفر بدائل مثلى للصراعات وأهمها الأشياء التي تحد من البطالة وتخفف من الفقر.
ويرى أن الوظائف تبعث الأمل في الحياة وتنشر السلام في ربوع الأرض ويمكنها جلب الاستقرار إلى بلد هش ونامُ مثل اليمن.
ويؤكد أن الوظائف ذات المردود الإنمائي الأكبر هي تلك التي ترفع من مستويات الدخل وتساعد المدن على الاضطلاع بوظائفها بشكل أفضل وتربط الاقتصادات الوطنية بالأسواق العالمية وتحافظ على سلامة البيئة وتجعل للناس مصلحة في الحفاظ على سلامة مجتمعاتهم كما أنها أفضل ضمانة ضد الفقر والمعاناة.

معدلات
يشير تقرير أممي في هذا الصدد إلى أن معدلات الفقر تنخفض كلما تمكن الناس من خلال العمل من الخروج من براثن الفقر والمعاناة وكلما مكنت الوظائف النساءِ من زيادة الاستثمار في أطفالهن.
ويرى التقرير أن مستوى الكفاءة يزداد كلما صار العمال أكثر إتقاناٍ لأعمالهم وكلما ظهر المزيد من الوظائف المنتجة واختفت تلك الأقل إنتاجية.
وتزدهر المجتمعات كلما تشجع الوظائف التنوع الثقافي للعمالة وتوفر بدائل عن الصراع.
وفي هذا الخصوص ترى الأمم المتحدة التي تتابع عن كثب أوضاع التنمية ومتغيراتها بحسب ما ورد في التقرير أن من الأهمية بمكان أن تحافظ الحكومات على علاقة طيبة مع القطاع الخاص الذي يوفر 90 % من جميع الوظائف ولذلك ينبغي العمل على تهيئة أفضل السبل اللازمة لمساعدة الشركات والمشروعات الصغيرة على النمو.

مراحل
يرسم التقرير الصادر عن الأمم المتحدة نهجاٍ من ثلاث مراحل لمساعدة الحكومات في تحقيق هذه الأهداف أولها وضع أساسيات قوية بما في ذلك تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وإيجاد بيئة مواتية لأنشطة الأعمال وبناء رأس المال البشري وسيادة القانون.
أيضاٍ بحسب التقرير يجب ألا تصبح سياسات العمل عقبة أمام خلق الوظائف ويجب أيضا أن تتيح الصوت المسموع وتوفر الحماية الاجتماعية للفئات الأشد ضعفاٍ وحرمانا في المجتمع وتتمثل المرحلة الثالثة بضرورة قيام الحكومة بتحديد الوظائف التي يمكن أن تعود على التنمية بأقصى فائدة في ظل الأوضاع الخاصة بالبلد وإزالة المعوقات التي تمنع القطاع الخاص من خلق المزيد من هذه الوظائف.

ضرورة
تقتضي الضرورة كي يتمكن المجتمع من التصدي لآفة الصراعات وجهود تمزيق وتدمير النسيج الاجتماعي ولمشكلة البطالة بين الشباب توفير المهارات الملائمة لاحتياجات سوق العمل وتحقيق تكافؤ الفرص في إجراءات الدخول إلى الأسواق. لكن ثمة حاجة لرفع سن التقاعد وتوفير مزايا حماية اجتماعية بتكلفة مناسبة.
ويمكن أن يساعد التركيز على السمات الأساسية للفئات المختلفة في زيادة توضيح أنواع الوظائف التي يمكنها المساهمة بأكبر قدر في التنمية في كل حالة ويتيح هذا التركيز تحليل المفاضلات الممكنة بين مستويات المعيشة والإنتاجية وتماسك النسيج الاجتماعي في أي سياق معين.
كما أنه يعطي أيضاٍ بحسب التقرير الأممي” مؤشرات على العراقيل التي تحول دون توفير الوظائف وفي نهاية المطاف على أولويات واضعي السياسات عندما يحددوا أكثر القيود أهمية أمام خلق الوظائف وكيفية تذليلها.

قد يعجبك ايضا