في هذا اليوم، لم يكن خطابُ السيدِ القائدِ -حفظه الله- مجردَ كلماتٍ مُلقاةٍ، بل كان زلزالًا أيقظ القلوبَ، ونارًا أضرمتْ في الوجدانِ. لم يكن مجرد خطابٍ سياسيٍّ، بل كان مزيجًا فريدًا من القرآنِ، والعالميةِ، والوجدانيةِ الصادقة، يلامس المشاعرَ، ويهزُّ الروحَ، ويُعيدُ ترتيبَ الأولويات.
خطابٌ لم يترك قلبًا إلا وأثّر فيه، ومن لم يشعر بصدقِ كلماته، فليعلمْ أن في قلبه غشاوة، وأن روحه قد تاهت عن طريق الحق، لقد كانت كلماتُ القائدِ تخرجُ من قلبٍ ملؤهُ الحُرقَةُ والألم، وكأنّه يقتبس من قولِ الإمام علي (عليه السلام): «لقد ملأتم قلبي قيحًا»، ليصفَ حال الأمةِ، وما وصلت إليه من ضعفٍ وهوانٍ وتخاذل.
في هذا الخطابِ، لم يكن القائدُ مُتحدثًا فحسب، بل كان مُترجمًا لأوجاعِ أمةٍ، ومُعبّرًا عن آمالِها وتطلعاتها، لقد تحدث بحرقةٍ لم نشهدها في خطاباته السابقة، وكأنّه يُجسدُ في شخصه معاناةَ كلّ مظلومٍ ومقهورٍ، كان يصرخُ في وجهِ الظلمِ، ويُعلنُ التحديَّ في وجهِ المستكبرينَ، ويُوقظُ فينا روحَ العزةِ والكرامة.
ومن جانبٍ آخر، كانَ خطابُ القائدِ تهديدًا صريحًا وقويًا لليهودِ المحتلين، لِيؤكدَ للعالمِ أجمع أن هذه الأمة لن تستكينَ أبدًا للظلمِ والعدوان، لم يكن تهديدًا عابرًا، بل كان وعدًا قاطعًا بالدفاعِ عن الحق والأرض والكرامة.
لقد جذبَني بشكلٍ خاص حديثهُ عن جبهةِ اليمن، عندما قالَ: «العالمُ كلهُ في كفةٍ واليمنُ في كفة»، كلماتٌ تَحملُ في طياتِها معاني كثيرةً، تُجسدُ صمودَ اليمنِ وثباتهُ في وجهِ أعتى قوى الاستكبارِ والعدوان، لقد أظهرَ القائدُ بِهذا القولِ إيمانَهُ العَميقَ بِقُدرةِ هذا الشعبِ على تَغييرِ موازين القوى في المنطقة.
فيا لهُ من خطابٍ مُزلزلٍ، هزّ المشاعر، وأنارَ الدروب، هنيئاً لنا بك سيدي، يا قائدًا مُلهمًا، ويا ضميرًا يُنادي بِالحقِ، ويا صوتًا يصدحُ بِالعزةِ والكرامة، إنّ هذا الخطاب يُشعلُ فينا نار الأمل، ويُعزّز إيماننا بِقُدرةِ الأمةِ على تحقيق النصر.