الأمة حين تفقد هويتها..؟!

طه العامري

 

 

تعيش الأمة على الصعيدين القطري والقومي أتعس مراحلها التاريخية حتى يخيل لي إن أمتنا لم تعش في كل مراحلها الحضارية مرحلة انحطاط كالمرحلة التي تعيشها اليوم، إذ تعيش مزعزعة العقيدة سقيمة الوجدان مهدورة الكرامة ومستباحة السيادة إلا من بقايا جيوب تصارع أمواج الانحطاط العاتية..!
حالة غير مسبوقة تعيشها الأمة بكل قدراتها المادية والمعنوية وبكل قيمها وعقيدتها ومعتقداتها وإرثها الحضاري..
بمعزل عن سرد المبررات والأسباب التي أوصلت الأمة إلى مرحلة وجدت فيها نفسها فريسة سهلة لأعدائها الذين داسوا بأقدامهم الهمجية كل مقدسات الأمة وامتهنوا كرامتها بمساعدة بعض المحسوبين على الأمة ممن باعوا كرامتهم وقيمهم وتخلوا عن كل المبادئ مقابل أن يحظوا بقدر من الشهرة الكذابة والنجومية التي جعلتهم يتماهون برغباتهم مع رغبات أبطال وبطلات (أفلام البورنو)، المهم الشهرة وهذا هو ما حققه دعاة (الثورة والتغيير) في الأمة الذين ساهموا وبفعالية في تدمير ما حققته الأمة طيلة الفترة الممتدة من منتصف القرن الماضي وحتى اليوم (خمسة وسبعين عاما) من التحولات الوطنية والقومية تم تدميرها على أيدي بعض النخب الحاقدة من أبناء الأمة ممن يعانون عقدة الشعور بالنقص وهي العقدة التي دفعتهم ليكونوا معاول هدم بيد أعداء الأمة وفعلا استطاع العدو أن يدمر كل ما تم بناؤه في الأمة وطنيا وقوميا خلال الخمسة والسبعين عاما من عمر التحولات العربية، ومكن أعداء الأمة من تحقيق أهدافهم الاستعمارية، وبدلا من تحرير فلسطين بعد كل هذه التضحيات الجسام التي قدمتها الأمة، ها نحن نفقد أقطاراُ أخرى ونمنح أعداء الأمة المزيد من الفرص لتركيع الأمة وها هي الأمة ركعت حتى الانبطاح بسقوط آخر قلاعها (دمشق)..!
الأمة اليوم لم تعد هي الأمة لا التي كنا نحلم بها ولا التي كانت وكنا نتذمر منها، الأمة اليوم تحولت أو حولها بعض المحسوبين عليها والنافذين المتحكمين بها، الذين حولوها إلى مجرد (حديقة ألعاب)..!
( 2500 دبابة و500 طائرة حربية، وآلاف العربات المدرعات، ومئات الرادارات، ومئات منصات الدفاع الجوي، وآلاف القطع العسكرية وراجمات الصواريخ، ومراكز أبحاث ومطارات عسكرية، ومئات القطع البحرية وغواصات ومدمرات بحرية)، كل هذه القدرات العسكرية العربية السورية تم تدميرها بالكامل، وتم تدمير الجيش العربي السوري والأجهزة الأمنية السورية، وقبلها تم تدمير الجيش العراقي وقدرات العراق، وتم تدمير الجيش العربي الليبي وتدمير كل قدراته والحال كذلك مع الجيش اليمني، وقبل ذلك تم تدمير الصومال وضرب كل قدرات الدولة الصومالية، ويتم تدمير الجيش السوداني، إضافة إلى تدمير قدرات المقاومة في فلسطين ولبنان..
قيل سابقا إن العراق تحرر من الديكتاتورية؟ وقيل أن ليبيا تحررت من الديكتاتورية فأين هي ليبيا؟ وماذا يجري فيها؟ وما حدث في الصومال والسودان، وما يحدث في اليمن، وها هي سوريا تنهار دولة وقدرات ومجتمعاً وهناك من يصفق ويتحدث عن تحرير سوريا وشعبها!
فأي حرية هذه التي يتشدق بها هؤلاء للأمة وأقطارها؟!
إن الحرية الحقيقية هي اليوم للصهاينة والأمريكان بعد تمكنهم من العبث بالأمة قطريا وقوميا وكما يحلو لهم.. نعم الحرية التي يتحدث عنها البعض هي للعدو الصهيوني الذي أصبح صاحب ومالك الحرية المطلقة ليعمل ما يريد على الجغرافية العربية دون أن يعترضه أحد.. نعم (من يجرؤ على الكلام؟) قالها ذات يوم (بول فندلي) وجعلها عنواناً لكتابه الشهير عن الشرق الأوسط، وها هي الفكرة تتجسد واقعيا وفعليا ولم يعد هنا من يجرؤ على الكلام أمام الصهاينة..!
فأي حرية يتحدث عنها البعض؟ حرية الحاقدين أم حرية التدمير والتخريب وتمزيق الأنسجة الاجتماعية لشعوب الأمة؟

قد يعجبك ايضا