تصريحات مستفزة
وفي تحد منه لكل الأعراف، أعلن “بن غفير” أن القانون الإسرائيلي يساوي بين حقوق المسلمين واليهود في إقامة الصلوات في المسجد الأقصى، مضيفاً أنه لو أتيحت له الفرصة، لكان علم “إسرائيل” قد رفع هناك. هذه التصريحات تأتي في ظل تصاعد التوترات والانتهاكات المستمرة في المسجد الأقصى، حيث اقتحم بن غفير المسجد عدة مرات منذ توليه منصبه.
وأشار “إيتمار بن غفير”، وزير ما يسمى بالأمن القومي في حكومة الكيان الإسرائيلي، إلى رغبته في بناء كنيس يهودي في المسجد الأقصى، المعروف لدى اليهود بجبل الهيكل.
ووافقت “حكومة” العدو الإسرائيلي على تخصيص تمويل لـ “جولات إرشادية ” لليهود في باحات المسجد الأقصى، حيث خصصت “وزارة التراث” الإسرائيلية بقيادة ” عميحاي إلياهو”، وهو أحد أعضاء حزب “قوة يهودية”، مبلغاً مالياً لهذه الجولات الإرشادية الجديدة في البلدة القديمة بالقدس الشرقية.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن المبلغ المخصص من قبل الوزارة هو 2 مليون “شيكل ” أي ما يعادل تقريباً 550 ألف دولار أمريكي.
ويأتي الإعلان عن تمويل هذه “الجولات الإرشادية” بعد يوم من تصريحات مثيرة للجدل على لسان بن غفير شكك فيها بالوضع القائم في القدس، مبدياً تأييده بناء كنيس يهودي في الحرم القدسي الشريف أو ما يعرف يهودياً بجبل الهيكل.
عقب الاقتحام، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن “الحكومة” الإسرائيلية تخطط، لأول مرة، لتمويل اقتحامات للمستوطنين اليهود للمسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة. وخصص مكتب “وزير التراث” في حكومة الكيان عميحاي إلياهو مليوني “شيكل” (545 ألف دولار) لهذا المشروع، المتوقع تنفيذه في الأسابيع المقبلة، وفقاً لوكالة أنباء الأناضول.
وأشارت شبكة “كان” إلى أن ما يُسمى بوزارة التراث تتواصل مع وزارة الأمن القومي بقيادة المتطرف إيتمار بن غفير للحصول على تصريح من الشرطة الإسرائيلية لتنظيم جولات ممولة للمستوطنين داخل المسجد الأقصى. يأتي هذا الإعلان في ظل استمرار اقتحامات المستوطنين للمسجد تحت حماية الشرطة، حيث شارك بن غفير نفسه في بعض هذه التوغلات.
مواقف سلبية
وفي كل مرة يقتحم فيها بن غفير المسجد الأقصى، يرافقه عدد كبير من قوات الأمن “الإسرائيلية”، مما يؤدي إلى مواجهات مع المصلين الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن هذه الاقتحامات الاستفزازية، تزيد من حدة التوترات بين الفلسطينيين والصهاينة، وأن ما يدعيه بن غفير يعد من منظور المجتمع الدولي انتهاكاً للوضع الحساس للمسجد الأقصى كأحد أهم الأماكن المقدسة في الإسلام، يستمر بن غفير في تبرير اقتحاماته بالقول إنه يمارس حقه في زيارة “جبل الهيكل”.
تصريحات إيتمار بن غفير حول بناء كنيس يهودي في المسجد الأقصى تأتي في سياق محاولاته لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، مما يثير ردود فعل غاضبة ويعتبر تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة.
يشعل حربا دينية
في ردة الفعل الفلسطينية، وصف الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة تصريحات بن غفير بالـ “خطيرة جداً”، وقال إن “الأقصى والمقدسات خط أحمر، لن نسمح بالمساس بهما إطلاقاً”.
فيما قال مسؤول في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، لبي بي سي، اشترط عدم ذكر اسمه، إن “إسرائيل” تريد أن تشعل المنطقة من خلال وزرائها المتطرفين أمثال بن غفير وإلياهو.
واعتبر أن “الحكومة الإسرائيلية” تستغل ظروف الحرب وقوانين الطوارئ لفرض سيطرتها “بقوة السلاح”، على حد تعبيره، مؤكدا أن ما يحصل في باحات المسجد الأقصى من “انتهاكات هي استفزازات لمشاعر المسلمين ما يشعل حربا دينية من الصعب توقع تداعياتها”.
وأشار إلى أن الأمة الإسلامية والعربية “مقصرة” تجاه واجباتها في الحرم سواء من الناحية السياسية أو الدولية لمنع انفراد إسرائيل، مضيفاً بأنه “حق خالص للمسلمين”.
وقال المسؤول إن الأوقاف “موقفها ثابت” للحفاظ على دورها في المسجد الأقصى، محملاً الحكومة الإسرائيلية كامل المسؤولية عن أي تطور أو رد فعل بسبب التصريحات التي وصفها «بـالمتهورة».
وأوضح السيد القائد أن العدو يراقب هذا الصمت، ويقيم واقع الأمة بناءً عليه. عندما يُمزَّق القرآن الكريم وتحرق مصاحفه، وعندما يُهدد المسجد الأقصى ويُقتحم بشكل شبه يومي، فإن السكوت على هذه الجرائم يعكس حالة من الخوف وعدم المبالاة. واصفًا هذا الموقف بالأرعن، الذي يجعل العدو يرى في الأمة شعوبًا وأنظمةً يسهل السيطرة عليها، لأنها تعيش حالة من الهزيمة والخنوع.
وبيَّن أن التهاون تجاه هذه الاعتداءات له عواقب وخيمة، ليس فقط على المستوى الديني، بل أيضًا على المستوى الاجتماعي والسياسي. المسلمون في موقع مسؤولية كبيرة، وعليهم أن يكونوا الأمة التي تتحرك برسالة الله تعالى، حتى تحظى بدعمه ونصره. لكنهم فرطوا في هذه المسؤولية، وتجاهلوا ما يحدث من استهداف لمقدساتهم، مما يؤدي إلى تسليط إلهي وعواقب كبيرة على واقع الشعوب والأنظمة.
محذرًا: “إن هذه الحالة من التهاون والتجاهل ستؤدي إلى تأثيرات سلبية على الأمة، وستجعلها عرضة لمزيد من الاعتداءات. لذا، يجب على المسلمين أن يستعيدوا وعيهم ويقوموا بدورهم في الدفاع عن مقدساتهم، وأن يتحركوا بشكل فعّال لمواجهة هذه التحديات”.
وقال السيد: إن تصور البعض أن حالة التخاذل والصمت والتجاهل ستفيدهم من جهة الأعداء هو تصور خاطئ. هؤلاء الذين يعتقدون أنهم سيضمنون مستقبلهم بالتواطؤ مع العدو، يدعمونه بأشكال مختلفة، هم في واقع الأمر واهمون. فحتى القنوات التي تدعي أنها عربية، أصبحت تقدم محتوى إسرائيليًا بوضوح، مما يعكس حالة من الانحراف عن المبادئ والقيم.
مؤكدًا أن التاريخ الإسلامي مليء بالدروس والعبر، ولكن هؤلاء لا يستفيدون منها. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}، ويصفهم بأنهم يريدون لكم أقصى الضرر، حتى وإن كنتم تحبونهم. كيف يمكن لأحد أن يحب من يحمل صورة بشعة وإجرامية؟ ومع ذلك، حتى من يحبهم، لا يبادله العدو بمشاعر المحبة، بل يحتفظ بمشاعر الكراهية والاحتقار.
وشدد على أن العدو لا يعترف حتى بمن يحبهم من العرب، ويعتبرهم مجرد حيوانات مستباحة الدم والعرض. الله سبحانه وتعالى أخبرنا عن نظرتهم للآخرين، حيث يقول: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}، مما يعكس استباحة تامة للدماء والأعراض.
عندما يشخص الله سبحانه وتعالى أعداء الأمة، يقول: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}، وهو الأعلم بهم والأصدق في وصفهم. إن الإجرام والعدوان الذي يمارسه العدو الإسرائيلي في قطاع غزة مستمر ، حيث بلغ عدد الشهداء والمفقودين أكثر من خمسين ألفًا، والجرحى تجاوزوا التسعين.
خياران لا ثالث لهما
وبالطبع، إن خطاب السيد القائد، لابد يضع الأمة أمام خيارين لا ثالث لهما: إما السعي إلى نيل العزة والاقتداء بما عليه سيد الخلق محمد صلوات الله عليه وآله من الجهاد وعدم إعطاء العدو فرصة الاستهانة بكرامة هذه الأمة، وإما البقاء على ما هي عليه من حال التخاذل والتطبيع، وبالتالي يبقى هذا العدو ينتهك في حقوقها ويدنس مقدساتها إلى ما لا حدود.
إن الخيار الأول يتطلب من الأمة أن تتوحد وتعمل بجد من أجل استعادة حقوقها، وأن تدرك أن العزة لا تأتي إلا من خلال الجهاد والمقاومة. يجب أن نكون جميعًا في صف واحد، نعمل من أجل تحرير مقدساتنا والدفاع عن حقوقنا.
أما الخيار الثاني، فهو خيار الذل والخنوع، الذي سيؤدي إلى مزيد من الانتهاكات والاعتداءات. إن التاريخ يعلمنا أن التهاون مع الأعداء لا يؤدي إلا إلى مزيد من الخسائر، وأن العزة والكرامة لا تأتي إلا من خلال الصمود والمقاومة.
لذا، يجب على الأمة أن تستعيد وعيها وتتحرك بشكل فعّال لمواجهة هذه التحديات، وأن تكون على استعداد للتضحية من أجل الحفاظ على هويتها ومقدساتها. إن الوقت قد حان لنقف جميعًا في وجه الظلم والعدوان، ولنؤكد للعالم أن الأمة الإسلامية لا تزال حية، وأنها قادرة على الدفاع عن حقوقها ومقدساتها مهما كانت التحديات.
فلنكن جميعًا صوتًا واحدًا في مواجهة هذا العدوان، ولنستعد للعمل من أجل تحقيق العزة والكرامة، ولنؤكد أن الأقصى هو رمز وحدتنا، وأن الدفاع عنه هو واجب على كل مسلم ومسلمة.