الاسرة/ وفاء الكبسي
ترجل علم من أعلام الأمة وفارسها سماحة السيد حسن نصر الله شهيدًا عظيمًا وحكيمًا مستبصرًا، ملتحقًا بقوافل شهداء كربلاء النورانية الخالدة؛ لأنه آن الأوان لجسده الطاهر أن يستريح بعد مسيرة عطاء دامت أكثر من ثلاثين عاماً، ولكن رغم هذا فإن رحيله أفجع قلوبنا وأثكل كاهلنا، ولكن في ذات الوقت نحن نشعر بالفخر أن قادتنا هم أبناء الميدان وفي مقدمة الصفوف المدافعة والمساندة عن الشعب الفلسطيني، كذلك نشعر بالفخر بإرثه المبارك بعشرات المجاهدين والكوادر العظيمة الذين تربوا على نهج سماحته على طريق الشهادة، فلا يظن العدو الإسرائيلي وقادته النازيون أنهم باستهدافهم واغتيالهم لقادة المقاومة ورجالها العظماء ومنهم الشهيد القائد حسن نصر الله، سيحققون نصرًا يقضي على جذوة المقاومة والجهاد واستمرارها، فخلف السيد حسن نصرالله رجال أشداء حملوا الراية من بعده وسيكملون مسيرة جهاده نحو القدس.
السيد حسن نصرالله كان قائدًا شجاعًا مجاهدًا ملهمًا للشعب اليمني الحر في صموده وتصديه للعدوان وكان القدوة، فهو الحاضر في وجداننا بمآثره العظيمة، فلن ننسى مواقفه العظيمة ووقوفه ومساندته لنا عندما كان اليمن وحيدًا، تخلى عنه كل العالم وكان كسيرًا يُضرب دون رحمة، فكان السيد حسن هو الوحيد الذي وقف مع مظلوميتنا ضد العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في عام 2015م، في خطابه المتفرد ثاني أيام العدوان أدان العدوان على اليمن وأكد أن مظلومية الشعب اليمني تشبه مظلومية كربلاء، فكان أول المدافعين عن مظلوميتنا، لأنه تأثر لما يحدث في اليمن من إجرام همجي وحشي ، فلم تكن تخلو خطاباته من التأييد والانحياز الكامل معنا، وقد أكد سماحته ذلك عندما قال في أحد خطاباته أن أشرف وأعظم عمل فعله في حيلته هو خطابه المساند لليمن في ثاني يوم من العدوان، وقال:” إن وقوف حزب الله مع الشعب اليمني أهم وأرقى من مواجهتهم لإسرائيل في حرب تموز”، فلن ننسى أنه في الوقت الذي تنكر لنا العالم وتركونا بمفردنا في معركتنا مع العدوان وقف السيد حسن معنا بل وتمنى لو أنه جندي يقاتل تحت راية السيد القائد عبدالملك الحوثي – -يحفظه الله- حيث قال بالحرف الواحد:” أنا خجول أنني لست مع المقاتلين اليمنيين في الساحل الغربي، وأقول يا ليتني كنت معكم أقاتل تحت راية قائدكم الشجاع والحكيم وكل أخ من المقاومة يقول ذلك”، ولن ننسى كيف ذرف أحر الدموع حرقة على مظلوميتنا، بهذه المواقف العظيمة التي خلدها التاريخ، ملأ قلوبنا نحن اليمنيين حبًا وعشقًا له، ولهذا فنحن لم ولن نبخل أبدًا في مناصرته والفداء له، ولكل من ساند لبنان وفلسطين ووقف إلى جانبهم في هذه المحنة الكبيرة على فلسطين والأمة الإسلامية، فها هي اليمن اليوم عن بكرة أبيها تتوشح الحزن والألم وتنكس أعلامها وتعلن حدادها وحزنها على رحيل هذا القائد العظيم الذي قل أن نجد له مثيلاً، فلن ننسى جل ما حيينا الصوت الإنساني الوحيد الذي وقف معنا في عالم بلا إنسانية.
انتقل السيد حسن نصر الله إلى جوار ربه وجده الإمام الحسين بعد أن تُوجت مسيرته الجهادية العظيمة التي سار فيها على خطى الأنبياء والأئمة العظماء، وقاد فيها حزبه من نصر عظيم إلى نصر أعظم في معارك الشرف والفداء، بخير ختام وهي الشهادة العظيمة في سبيل الله على طريق القدس وفلسطين، وبهذا المصاب الجلل أعزي السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في استشهاد أخيه وسنده، من شد الله به أزره وشاركه أمره وجمعهما طريق الحق ولم يثنيهما تكالب الأعداء، فكان سماحته للسيد عبدالملك نعم الأب الحنون، كما أعزي شعبنا اليمني الصابر المجاهد، وكافة الأحرار والمستضعفين في العالم، وهي خاصة لعائلته الشريفة الصابرة، والأمة الإسلامية جمعاء.
وختامًا فإننا نعاهد الشهيد القائد حسن نصر الله وجميع الشهداء الذين التحقوا بموكبه الطاهر المقدس بأن دماءهم الزكية لن تذهب هدرًا، وبأنها ستتحول إلى بركان غضب يدق مضاجع العدو الإسرائيلي والأمريكي، فإن كان السيد حسن رحل، فنصر الله آتٍ لا محالة، وإنّا من القتلة لمنتقمون.