هدي الرسول الأكرم في العيدين

* أولاٍ: التهنئة عيدكم مبارك.
عن أنس –رضي الله عنه- قال: قِدمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ماهذان اليومان¿ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أبدلكم بهما خيراٍ منهما يوم الأضحى ويوم الفطر) “رواه أحمد وأبو داود”.
فأعيادنا في الإسلام عيد الفطر وعيد الأضحى..
فيوم عيد الفطر يوم فرح وسرور لمن طابت سريرته وحسن في رمضان خْلقه وكلامه.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي العيدين في المصلى وهو المصلى الذي على مدخل المدينة الشرقي ولم يصل العيدين في مسجده إلا مرة واحدة أصابهم مطر فصلى بهم العيد في المسجد إن ثبت الحديث وهو في سنن أبي داود وابن ماجة وكان من هديه صلى الله عليه وسلم صلاة العيد في المصلى دائماٍ وصلاة العيدين في المسجد صحيحة ولا حرج في ذلك.
فكان صلى الله عليه وسلم يغتسل للعيدين ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مع شدة أتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه.
وكان صلى الله عليه وسلم يلبس للخروج للعيدين أحسن الثياب فكان له حْلة يلبسهما للعيدين والجمعة.
ومن السنة أن يتطيب وأن يتسوك.
وكان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات وتراٍ وكان في عيد الأضحى لا يطعم حتى يرجع المصلى فيأكل أضحيته.
وكان صلى الله عليه وسلم يخرج لصلاة العيدين ماشياٍ فمن السنة الخروج لصلاة العيد ماشياٍ لمن قدر على ذلك.
ويخرج لصلاة العيد وعليه السكينة والوقار.
ويستحب عند الخروج لمصلى العيدين إظهار التكبير يرفع صوته به حتى يأتي المْصِلى فيْكبر: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد).
أما المرأة فتْكبر بصوت منخفض.
ومن السنة خروج النساء لصلاة العيدين في المصلى روى عن أبي بكر وعلي –رضي الله عنهما- أنهما قالا: حق على كل ذات نطاق أن تخرج إلى العيدين.
وكان ابن عمر –رضي الله عنهما- يخرج لصلاة العيدين من استطاع من أهله.
روت أم عطية –رضي الله عنها- أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق والحيض وذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قلت: يارسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب قال: لتْلبسها أختْها من جلبابها “متفق عليه” وهذا لفظ مسلم.
فأمر صلى الله عليه وسلم بإخراج الفتاة الشابة البالغة وكذلك الحائض وكذا المرأة كبيرة السن حتى من ليس عندها جلباب لتخرج به لصلاة العيد تستعير ثياباٍ من أختها جارتها صديقتها وتخرج لصلاة العيد.
وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد فيذهب من طريق ويعود من طريق آخر والحكمة في ذلك: ليْسلم صلى الله عليه وسلم على أهل الطريقين.
وقيل ليقض حاجة من له حاجة
وقيل ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق.
وقيل ليغيظ المنافقين برؤية عزة الإسلام وأهله وقيام شعائره.
وقيل لتكثر شهادة البقاع فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجته والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلى منزله.
وقيل وهو الأصح أنه لذلك كله.
ويستحب التكبير في المساجد والأسواق والطرقات ويكون التكبير في عيد الفطر من ثبوت رؤية هلاله إلى أن يدخل الإمام في صلاة عيد الفطر.
ويجهر الرجال بالتكبير والمقيم والمسافر في ذلك سواء .. قال تعالى: (ولتْكملوا العدة ولتْكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) “البقرة”.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير آذان ولا إقامة ولا قول الصلاة جامعة والسنة أن لا يفعل شيئاٍ من ذلك.
وكان صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة عيد الفطر ويْعجل الأضحى.
وكان ابن عمر- رضى الله عنهما- مع شدة اتباعه للسنة يفعل ذلك فكان لا يخرج حتى تطلع الشمس ويكبر من بيته إلى المصلى.
ولم يكن صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئاٍ قبل الصلاة ولا بعدها.
وكان صلى الله عليه وسلم يبدأ بالصلاة في العيدين قبل الخطبة فكان يصلي ركعتين يكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات متوالية بتكبيرة الإحرام وورد سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام والكل صحيح وورد في السنة ويسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم ذكر معين بين التكبيرات وكان ابن عمر- رضى الله عنهما- مع تحريه للاتباع يرفع يديه مع كل تكبيرة فالسنة رفع اليدين مع كل تكبيرة من التكبيرات.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من التكبير أخذ في القراءة فقرأ بفاتحة الكتاب ثم قرأ بعدها بسورة “ق” وربما قرأ سورة “الأعلى” وفي الركعة الثانية بعد التكبيرة يقرأ الفاتحة ويقرأ بعدها “اقتربت الساعة وانشق القمر” وربما قرأ سورة “الغاشية”.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكمل الصلاة أنصرف فقام مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم وينهاهم.
عن ابن سعيد الخدري- رضى الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم عيد الفطر- فيصلي بالناس تِيúنك الركعتين ثم يسلم فيستقبل الناس فيقول: تصدقوا وكان أكثر من يتصدق من النساء.
ويخطب الإمام بعد صلاة العيدين خطبتين يْكبر في الخطبة الأولى تسع تكبيرات وفي الخطبة الثانية يكبر سبع تكبيرات ويستحب التكبير والإكثار منه أثناء الخطبة وفي خطبة عيد الفطر يحث على الصدقة ويبين وجوب زكاة الفطر ومقدارها وجنسها وعلى من تجب.
ورخص لهم صلى الله عليه وسلم إذا جاء العيد يوم الجمعة أن يجترئوا بصلاة العيد عن حضور الجمعة.
عن إياس بن أبي رملة الشامي قال: (شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم رضي الله عنهما- أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم واحد أي جاء العيد يوم الجمعة” قال: نعم قال كيف صنع¿ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال: (من شاء أن يصلي فليصل).
رواه أحمد أبو داود النسائي والحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد وقال النووي في المجموع إسناده جيد.
وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رئيس بعثة الأزهر الشريف باليمن