أولمبياد باريس 2024م

د. جابر يحيى البواب

 

كما فقدنا الاعتزاز والفخر بالمنجزات الرياضية وتحقيق أجزاء بسيطة من الفوز والمشاركة التنافسية الرياضية المشرفة في أولمبياد باريس 2024م، فقدنا الاعتزاز والفخر والتفاخر بتقاليدنا وحضارتنا وتراثنا اليمني الأصيل، على خلاف الكثير من الدول المشاركة في أولمبياد باريس والتي حرصت على إبراز تقاليدها وعاداتها وحضارتها وموروثها الشعبي بمختلف تنوعاته، ومن ذلك ارتداء وفود الدول الخليجية والعربية الأكثر تقدما من اليمن لملابسهم التقليدية وتفاخرهم بلبسهم الشعبي القديم، وظهورهم بمظهر حضاري تقليدي تراثي يوصل للعالم أن كل بلد له نصيب كبير من الابتكار والإبداع والصناعات الأصيلة التقليدية، وله تراث متعدد يبهر به العالم، ويجعل الكثير من ضيوف أولمبياد باريس في حالة انبهار وتعلق بما يشاهدونه من رقي وإبداع وتميز في عرض الملبوسات التقليدية الأصيلة المبتكرة بأسلوب عصري، يحكي لغة الحداثة والتطور في جميع دول العالم وكذا يظهر رداءة وسوء ما قدم من ملبوسات غربية في أسوأ حفل افتتاح على مر تاريخ الألعاب الأولمبية.
أولمبياد باريس كانت فرصة لتعريف العالم من هم أصل العرب وأصل الملبوسات، ومن هم شباب اليمن الذي يعتز ويطور موروثه الشعبي ويتفاخر بما اشتهرت به اليمن من منسوجات عرفت في كل مكان من جزيرة العرب بجودتها وأناقتها، فكان أغنياء الحجاز وغيرها من جزيرة العرب يفتخرون بحصولهم على ملابسهم من المنسوجات الصناعية اليمنية، ويلبسونها خاصة في أعيادهم ومواسمهم ومناسباتهم، وكانت البُرود المعروفة بـ «الحِبَر»، وهي البُرود الموشاة المخططة تُعدُّ من أثمن البُرود اليمانية في القرن السادس والسابع الميلاديين، وعندما قَدِم وفد نجران على الرسول كانوا يتوشحون بها، ولما توفي الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، ووضع مسجًّى في ناحية من البيت، وضعت عليه الْحِبَرَ، وتعد «ثياب الْحِبَرَة» من الثياب الغالية الجيدة التي يلبسها الأغنياء، كما اشتهرت عدن بصُنع البُرود، ورد في الحديث أن الرسول كان قد استعمل هذه البرود «الثوب اليماني المخطط»، وقد عُرِفت بـ»العدني» وبـ «العدنيات»، وهي ثياب كريمةٌ نُسبت إلى عدن وغيرها الكثير.
كان بإمكان البعثة الإدارية للجنة الأولمبية اليمنية أن تمنح اليمن مشاركة مشرفة في المظهر لتعوض مشاركتها الرياضية الفاشلة، وتغطي وتتستر على أخطائها الإدارية، لعل ذلك يكون شفيعا لفسادها، وحرص أعضائها الأول والأخير على المشاركة بهدف الحصول على بدل السفر والميزات السياحية، وتحقيق المصالح الذاتية، والضرب عرض الحائط بالمصلحة العامة للرياضة وسمعة اليمن السعيد، البعثة تكونت من رياضيين لا حول لهم ولا قوة وليس لهم قدرة على تحقيق إنجاز واحد ليس لفقدانهم المهارة ولكن لفقدانهم التأهيل وانعدام التحضير المسبق، لذلك استعين بهم لتحقيق سفر أداري، وتحقيق مكاسب ومصالح ذاتية لا علاقة لها بنجاح الرياضة اليمنية.
كان بإمكان إدارة اللجنة الأولمبية اليمنية، أن تعطي للغرب درساً في العفة والشرف، والفخر والاعتزاز بالرجولة والكرامة، عبر إظهار البعثة بالملابس اليمنية الأصيلة وإظهار للعالم مدى روعة تراثنا، ومدى مصداقية وصدق النصوص الدينية والعادات والتقاليد العربية، والتأكيد للعالم أن الدين الإسلامي دين يحافظ على القيم والأخلاق ويصون كرامة الإنسان ويضع كل شخص في الموضع الذي خلقه الله من آجله.

قد يعجبك ايضا