شاء القدر أن يرحل الرئيس الإيراني عن الدنيا وينتقل إلى جوار ربه بعد أن كانت له ولدولته المواقف المشرفة بجمل القضايا العالمية، ومنها قضية ومظلومية الشعب الفلسطيني الذي خذلته الأنظمة العربية والإسلامية أما خوفا من الترهيب أو طمعا في الترغيب خاصة أن راعية النظام الدولي أمريكا وحلفاءها المساندين والداعمين للصهاينة في أوقات السلم والحرب، ولا تستطيع الأنظمة أن تخرج عن إملاءاتهم وأوامرهم.
الإعلام العبري والصهيوني (عربا وعجما) احتفل بموته وشهادته وهو أمر يؤكد مدى الأهمية التي كان يمثلها، وخاصة أنه كان من المناصرين لقضية ومظلومية الشعب الفلسطيني لكن الغريب في الأمر أن يشارك الإعلام العربي الإعلام الصهيوني الاحتفال بموت رئيس مسلم، وهو ذاته الإعلام الذي يدعم الصهاينة في جرائمهم ضد الأشقاء في غزة.
المسلم لا يفر من القضاء والقدر واستشهاد الرئيس إبراهيم رئيسي يمثل خسارة عظيمة على الأمة الإسلامية التي كان يمثل فيها الصوت القوي والموقف الشجاع والشهم في مواجهة طواغيت العصر، ومواجهة الإجرام والاستعمار، بالإضافة إلى قوى الخيانة والعمالة والتطبيع مات شهيدا ثابتا على مبادئه وقيمه ولم يمت على فراشه، ولم يمت ناقصا رجولة وشهامة ومبادئ تبكيه أحرار غزة وفلسطين الذين كان لهم سندا وعونا لمواجهة الإجرام الصهيوني والصليبي الأوروبي والأمريكي، وتبكيه حرائر فلسطين، إنه لم يساند قتلهن وإبادتهن وأولادهن من (هولوكوست) الصهاينة والمتحالفين معهم.
وإذا كان اختيار الله قد قربه واصطفاه، فإن ذلك فضل منه، بخلاف الآخرين الذين سيرحلون لكن الخزي والعار سيظل السمة البارزة والعلامة بين رحيلة ورحليهم، فلا يستوي من دعم المستضعفين بالمال والسلاح والموقف ومن ايد المجرمين، وأمدهم بالمؤن والسلاح لقتل وسفك دماء الأبرياء والضعفاء من أبناء جلدته وعشيرته، ورغم رحيله المؤسف فإن الموقف الثابت للجمهورية الإسلامية الإيرانية سيظل كما هو، لأنها دولة مؤسسات لا تتأثر بموت قياداتها بخلاف الدول الأخرى التي تتأرجح سياستها من النقيض إلى النقيض حسب الأمزجة والأهواء، والميول والاتجاهات، فمن جاء باختيار الشعب وممارسة شوروية يشهد بها العالم بخلاف من يمارس الحكم والسلطة ويدير شؤونها متاع آل إليه برضى واملاء القوى المهيمنة والمتحكمة في مقاليد الحكم ولو شاءت لأطاحت به وجعلته عبرة لغيره ممن يتمردون.
أن رحيل الشهيد إبراهيم رئيسي رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية رحيل مأسوف عليه وما من الموت مفر، لكننا نكبر فيه مواقفه المشرفة من قضايا أمته، فهو المساند لكل المظلومين في فلسطين واليمن وغيرها، ندعو له بالرحمة والمغفرة والرضوان، أما غيره من الزعامات فقد ماتت واندثرت رغم يفاء أجسادها وأبدانها، وكأن الله يضع لنا العظمة والعبرة فيهم قال تعالى « فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً» وحتى يظل الخزي والعار ماثلاً أمام كل خائن وعميل خذل الأطفال والنساء والشيوخ على أرض فلسطين وغزة وساهم في جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية يدعم قتلة الأنبياء والمتطاولين على رب العزة والجلال سيطيل الله في أعمارهم حتى ينالهم الخزي في الدنيا قبل الأخرة قال تعالى « فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ».