هوليود ونحن 3-3 بعد الاصطدام


«لا يمكن أن نضع المسؤولية على عاتق عرقُ ما .. دين ما .. وإن كان من تسبب بهذا الألم هم مجموعة متشددة تابعة لهذا الدين « هكذا تحدث الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن بعد سقوط جسد الاقتصاد فوق صرخات امرأة قفزت قبل ثوانُ من نافذةُ في الطابق التسعين .
لم يصدق احدَ هذا الهراء بينما استمر رجلَ عجوزَ بالتصفيق … والتصفيق . بعد أن نفدت منه الخيارات .. الخيارات الكثيرة .. وبعد أن كان قد حوصر داخل قنينة من الأفكار العتيقة والبالية والوسخة .. قام مجموعة من المراهقين بركوب بعض الطائرات المليئة بالبسطاء والتوجه بها باتجاه الجنة هذا الأمر كان مدهشاٍ .. بالنسبة لهوليوود .. وبالنسبة له .. لذا استمر في التصفيق بشراهة .
في تلك اللحظة فقط بدأت هوليود مرحلة جديدة من اللهاث وراء مقولات برنارد لويس وجيري فالويل وبات روبتسون القس الذي كان يتجول منتصف الثمانينيات في الولايات كي يصرخ من المعمدانيات «الإرهابيين لا يحرفون الإسلام بل إنهم يطبقون ما في الإسلام».
وتحول المخرجون لشراء كتب مثل «الإسلام المسلح يصل أمريكا» الصادر عام 2003 و كتاب «جهاد أميركي… الإرهابيون الذين يعيشون وسطنا» الصادر في العام نفسه للكاتب ستيفن إمرسون .
يؤكد مايكل تشوسدوفسكي أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا ومدير مركز أبحاث العولمة أن ثلث أفلام هوليود المنتِجة بعد 11 سبتمبر هي أفلام حرب تْصور العرب والمسلمين على أنهم مجموعة من الهمج من ذوي الطباع القاسية لا يهمهم سوى النساء وجمع المال.
وفي حين اعتقد الجمهور الأمريكي أن هذا أمر طبيعي واستقبل هذه العاصفة بالكثير من الترحيب كانت هناك بعض الأصوات المناوئة التي تعتقد أن هذا الحراك الترويجي ليس إلا دعارة سينمائية حقيقية ..
و بالنظر الى أبرز الأفلام وأشهرها بمخرجيها ونجومها سنجد أن هناك تنوعا ذكيا في تناول أحداث 11 سبتمبر وتداعياته بعضها ذهب إلى التركيز على الواقعة نفسها بينما أظهرت أعمال أخرى تأثير تلك الأحداث على المواطن الأمريكي ويعد من أبرز تلك الأفلام التي تناولت تفاصيل تفجيرات 11 سبتمبر فيلم United 93 تأليف وإخراج بول جرينجراس الذى ابتعد عن رصد الـ 3 طائرات الرئيسية في الأحداث واهتم بإلقاء الضوء على الطائرة الرابعة التي تم اختطافها أيضاٍ ولم ينجح خاطفوها في الوصول إلى هدفها ولكنها تحطمت وسقطت في بنسلفانيا ويحفل الفيلم بمجموعة من القصص الإنسانية المتشابكة لشخوص وجدوا أنفسهم فجأة .. بدون مقدمات .. يقتربون من النهاية .
المخرج الوثائقي المثير للجدل مايكل مور يظهر أخيراٍ في الفيلم الشهير Fahrenheit 9/11 ويلقي باللائمة على سياسة الحكومة الأمريكية ورعونة تصرفاتها بقيادة الرئيس بوش الذي يرى أنهْ قد سرق الانتخابات من آل غور.
وبغض النظر عن اهتزاز مصداقية مايكل مور في كثير من أفلامه الا انه بحق يملك أسلوبٍا فنيٍا فريداٍ في طريقة تقديمه لمعتقداته وقناعاته الغريبة .
فيما ينحى المخرج الكبير اوليفر ستون منحى آخر مبتعدا قدر الإمكان عن الشأن السياسي وهو الذي كان قد قدم الكثير من الأفلام الناقمة على السياسة الأمريكية بصوته اليساري لكنه هنا يلقي تحية كبيرة وتقديراٍ لرجال الإنقاذ الذين فقدوا حياتهم تحت الأنقاض وهم يحاولون البحث عن المفقودين بعد عملية التفجير وسقوط البرجين مباشرة وذلك في فيلم World Trade Center مع النجم نيكولاس كيج.
وفي دراما أخرى أكثر تراجيدية يتناول فيلم Reign Over Me بقعة جديدة من ضوء 11 سبتمبر عبر قصة رجل فقد اسرته خلال هجمات نيويورك ويعيش حالة شديدة من الحزن والاكتئاب فيما يحاول صديقه اخراجه منها في تمثيل درامي رائع من النجم الكوميدي عادة آدم ساندلر.
هذه هي العينة الأكثر وسطية في حين أن هناك الكثير من القذارات التي تجاوزت في توصيفاتها أبعاد غير أخلاقية لتشكيل وعي امريكي ناقم ومكتئب .
بالنسبة لردة الفعل السينمائية الشرقية .. فيلم واحد يستحق أن نحترمه كثيراٍ بوليود انتجت « انا اسمي خان « للمخرجين كاران جوهر و فارون دهوان وبطولة شاه روخان . شابَ مسلم من « بومباي « يعيش في اميركا ومتزوج من هندوسية .. بعد ساعات فقط من 11/9 .. يتعرضان للنبذ من الجيران º الأصدقاء º الزملاء .. كل هذا ترك خان وعائلته يشعرون بالوحدة والغربة … ليبدأ « خان « رحلته عبر الولايات في محاولة للحديث عن الإسلام الجيد .. الجيد فقط .
بالنسبة لرواد السينما العربية .. فكان من المفروض أن تتوجه الطائرات في الأساس إلى داخل قلوبهم المليئة بمشاهد التحرش .. تلك المشاهد التي قد تكون مهمة جداٍ في هذه المجتمعات الـ»مسطولة» .. لكن ليس ورجلَ ما في الغرب يستمر في التحرش بكل ما تملكه وما لا تملكه .

قد يعجبك ايضا