د. خالد الهادي
رمضان هو خير شهور العام الذي لا يُعْلمُ من يبلغهُ ويُدْركهُ ويُتقبلُ منه لكن نعلمُ يقيناً بأَن التوبةَ عُبودية العُمر تجْري مع الأَنفاس حتى مُنتهاها، فالموفق من جدد التوبة وهيأ نفسه لاستقبال شهر رمضان بالإخلاص في العمل، وشغل وقته بالذكر وتلاوة القرآن، البذل والعطاء .
فرمضان جنة، والصوم عبادة تنطوي على قسط كبير من التواصل الخفي بين العبد وربه، وفيها يتجسد معنى الإخلاص والأمانة مع النفس، فليس هناك من يرقب صومك أو إفطارك ولا يعلمه إلا الله علام الغيوب .
لذا بقى أجره رهن علمه عز وجل فالصوم لله وهو يجزي به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به)
وعلينا أن نودع في شهر رمضان المبارك كل سلبية في علاقاتنا مع الأقارب والأخوة والأصدقاء، فالهجرة والقطيعة ليس من أخلاق المؤمنين، ولنعلم بأن الشيطان الرجيم والنفس الأمارة بالسوء يعملان دائماً على تعكير علاقات الإنسان مع الآخرين ويقودونه إلى الهجرة والقطيعة لكل من حولك من أهلك وأصدقائك وحتى زملائك .
شهر رمضان هو الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وهو الشهر الذي انزل فيه القرآن الكريم على رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه قال تعالى :” (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ )
ولاشك إن إثبات صفة العلو لله تعالى، ومن علو منزلة الصيام عند الله أنه أنزل فيه القرآن من فوق سبع سماوات.
وعلينا وعلى كل مؤمن ان يدرك ويعي عظمة هذا الشهر الفضيل ويتقرب إلى ربه بالأعمال الصالحات فهن الباقيات في سجل حياته على الأرض، وليجعل حياته نفحات إيمانية يشعر بها كل من حوله من الناس من خلال تغيير بعض السلوكيات والعادات السيئة التي اعتاد عليها، وعلينا أن نعلم إن ابتعادنا عن المعاصي في رمضان لايدل على النفاق وليس في ذلك إدعاء للمثالية، بل يدل على تقوى قلبك، لأنك تفعل ذلك تعظيما لهذا الشهر (ومن يُعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، وقال تعالى أيضأ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وتأكد كلما ابتعدت عن المعاصي في رمضان كلّما كنت للرحمة والعتق من النار أقرب.
إن جمال شهر رمضان وقيمته تكمن في تجديد الإيمان وتطهير النفس من الشهوات التي تقيدها وتمنع الروح عن التحليق والإرتواء من حب الله ورحمته، فإن رمضان فرصة عظيمة لتُمحى ذنوبك وتجدد توبتك، لتعيش بقلب طاهر وصدر منشرحٌ، لما في رمضان من دروسٍ ومحطات روحية إيمانية وتربوية.
Next Post