عادت العمليات اليمنية في خليج عدن ومضيق باب المندب الاستراتيجي ومعها الإنجاز في أجواء محافظة الحديدة لتشعل الأجواء في العالم، وتشحن المعنويات والعزائم في منطقتنا العربية والإسلامية، بالقدر الذي تزيد التحالف الأمريكي البريطاني البحري تخبطًا إلى تخبطه، وفشلًا إلى فشله الذريع والمدوي.
ضربتان في آن واحد، لا توجعان الرأس وحسب بل وتفقدان أئمة الكفر الثبات والاتزان، فثمة وسائل وتكتيكات يمنية قتالية جديدة تدخل على خط المواجهة البحرية لم تكن في الحسبان الأمريكي والبريطاني، على حد سواء.
استهداف سفينة بريطانية في خليج عدن، بصواريخ وأسلحة مناسبة، وإسقاط طائرة تجسسية من طراز «MQ9» أحدث المفاجآت للقوات المسلحة اليمنية التي تؤكد استمرار إجراءاتها وعملياتها النوعية ضدّ كافة الأهداف المعادية دفاعًا عن اليمن وإسنادًا للشعب الفلسطيني حتّى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزّة.
من نتائج العملية في خليج عدن- وفق متحدث القوات المسلحة- إصابة السفينة البريطانية “روبيمار” بشكل مباشر وتوقفها بشكل كامل، ونتيجة الأضرار الكبيرة فالسفينة معرضة للغرق في أي لحظة إذا ما فشلت مهمّة البحرية الأمريكية في إطفاء الحريق وجرّ السفينة إلى أماكن الصيانة والترميم بعد فشلها في اعتراض الضربات اليمنية كما سابقاتها.
وعن خروج طاقم السفينة في أعقاب العملية النوعية دون أي إصابات وفق ما ورد في بيان شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، أوضحت القوات المسلحة على لسان متحدثها حرصها على سلامة أفراد السفينة.
في الحديدة كانت الدفاعات الجوية حاضرة، بعملية مسددة ومؤثرة أسقطت طائرة تجسسية أمريكية هجومية أثناء قيامها بمهام عدائية ضدّ اليمن لصالح كيان العدوّ الإسرائيلي.
إنه تكامل للجهود العسكرية، والعدو الأمريكي من دون طائرات الرصد والتجسس كالأعمى، لا يدري كيف وأين ومتى يمكن أن يُضرب ويُستهدف، لذلك جاء بيان قيادته المركزية ليظهر حقيقة الفشل ويزيد طين الأزمة الأمريكية بلة.
البيان الأمريكي زعم تنفيذ خمس ضربات في يوم الأحد الموافق السابع عشر من فبراير الجاري ضدّ ثلاثة صواريخ كروز متنقلة وسفينتين غير مأهولتين في اليمن.
وبهذا الإجراء “أي الضربات الخمس” يزعم بيان المركزية الأميركية أن المياه الدولية ستصبح أكثر أمنًا للسفن الأمريكية والملاحة التجارية، لكن ما يفند الادّعاء الأمريكي هو إقرار الشركة البريطانية بتضرر السفينة المستهدفة. على أن المفاجأة هو ما ورد في البيان الأمريكي من رصد استخدام اليمن “لأول مرة” “سفينتين غير مأهولتين” في استهداف السفن منذ بدء الهجمات في 23 أكتوبر والمفاجأة الأكبر أن إحدى هاتين السفينتين هي “غواصة متفجرة” لا يعرف حجمها ولا قدرتها التدميرية حتّى الآن.
إقرار الأمريكي على مضض بجديد الأسلحة اليمنية رغم التهوين والتقليل من فاعليتها يأتي في معرض التحريض والتهويل من عمليات اليمن لكسب وتوريط المزيد من الحلفاء الدوليين، لكن النجاح في تجنيب سفن الدول الأخرى من الضرب والاستهداف والسماح لها بالمرور بسلام يحرج البيت الأبيض ويعطل خططه التآمرية.
القوات المسلحة اليمنية من جانبها لم تعلن عن جديد أسلحتها ووسائلها الهجومية في معرض الدفاع عن كرامة الأمة ومقدساتها. وليس بالضرورة الإفصاح عن كلّ القدرات في معركة مفتوحة على كلّ الاحتمالات، فيكفي استخدام الأمريكي لمصطلح “لأول مرة” لمعرفة حقيقة تنامي القدرات اليمنية وفاعليتها عند الهجوم.
وحتّى السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي اكتفى بالتلميح لاستخدام أسلحة متطورة في ميدان المعركة البحرية، قبل أن يقر قائد الأسطول الخامس الأمريكي تشارلز برادفورد كوبر أن صواريخ اليمن لا تحتاج أكثر من 75 ثانية لضرب الأهداف المعادية في البحر الأحمر، وأضاف أن قواته لا تمتلك سوى 9 أو 15 ثانية للرد.
ومع الإعلان الأمريكي عن تفعيل المدمرة “يو إس إس غريفلي” “لأول مرة” أيضًا نظام الإغلاق المصمم كآخر نظام دفاعي بعد اختراق صاروخ كروز، فالواضح أن القوات الأمريكية لا تستطيع في الغالب اعتراض الصواريخ اليمنية رغم تحليقها في السماء إذا ما اقترب من الهدف، فكيف بها عندما تواجه زوارق متفجرة من تحت الماء.
في مجال الأسلحة والتطور التكنولوجي لا مجال للمقارنة بين الولايات المتحدة واليمن، فالأولى إلى جانب بريطانيا تملكان أحدث الاساطيل والمدمرات واقتصادهما يهيمن على العالم إضافة إلى نفوذهما المطلق على الصعيد الدولي، لكن اليمن رغم إمكانياته المحدودة والبسيطة إلا أنه بالله أقوى عودًا وأصلب إرادة.
ما يقدمه اليمن، من إنجازات بفضل الله وتأييده، في البحر الأحمر وكذلك الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة، يؤكد حتمية فشل قوى الاستكبار، وإمكانية التغلب على ترسانتها التسليحية وتقنياتها المتطورة بالعمل والصبر والمثابرة والاستفادة من المصادر المتوفّرة، كما يمكن اعتبار ذلك أيضًا مقدمة لانتصار يلوح في الأفق، يتوج بتحرير المقدسات وزوال كيان العدوّ الإسرائيلي، والعاقبة لمن اتقى.