حقق المنتخب اليمني للناشئين إنجازا تاريخيا في بطولة غرب آسيا، بحكم الظروف الصعبة التي تمر بها اليمن، والرياضة بشكل عام التي تعاني من ضعف عام في الأنشطة والبطولات والمنافسات، وتدهور كبير في المستوى الإداري والفني والمالي، لكن منتخب الناشئين وغيرهم من لاعبي الألعاب الفردية ورغم الظروف الصعبة يقدمون لنا وبمجهودات تكاد تكون ذاتية، صورة حضارية تاريخية تجاوزت مفهوم الأنشطة الرياضية وخصوصا كرة القدم التي تحولت إلى ظاهرة اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية تجاوزت حدود التقسيم المفروض على أبناء اليمن من قوى العدوان، ورسخت تعزيز الهوية اليمنية والولاء الإيماني والوطني بكل مكوناتها، وبالتالي أصبحت رياضة كرة القدم داعمة ومساندة لتلاحم الشعب وتماسكه وتحديه لظروف الحرب والعدوان والتدهور الاقتصادي، الذي أصاب بلد الايمان والحكمة اليمانية.
مهرجانات التكريم وفعاليات استقبال المنتخب والترحيب بإنجازهم تحولت خطابات ولقاءات وتجمعات تهدف الى رفع المعنويات، تأكيد قدرة الشعب على التكيف مع اقسى وأصعب الظروف، وتجاوز كل المحن والمصائب والالام، دون أن ينسى من أحدث هذا التغيير في مجرى حياته ومن تسبب في تدهور الأوضاع، وخاصة الرياضة التي لم تعد موجودة لا في خطط الوزارة ولا في خطط الحكومة، الا من ظهر منها بمجهودات شخصية لبعض رجال المال والأعمال ومحبي النشاط الرياضي.
لقد مرت سفينة منتخب الناشئين بمراحل صراع واختلافات واشاعات ونقد تم تسليطه على ثلاثي المنتخب المدرب ومساعد المدرب ومدير المنتخب، لكن وبعد وصول المنتخب الى صنعاء، ولقائهم بمن كان لهم دور في اثارة المواضيع ونقل الاخبار، وتوجيه الانتقاد الإيجابي والسلبي، تجاوز الجميع كل تلك الخلافات وتناسى الجميع كل تلك الاحداث، التف الجميع حول فرحة المنتخب وفرحة الشعب بهذا الإنجاز الكبير.
لكن ماذا بعد هذا الإنجاز وكيف يمكن تجاوز الأخطاء التي صاحبت مسيرة تحقيق هذا الإنجاز وخصوصا فيما يتعلق بأعمار لاعبي منتخب الناشئين؟ وما مصيرهم ومصير باقي اللاعبين؟ مواضيع واسئلة يجب أن يدركها اتحاد كرة القدم بالدرجة الأولى لأنه المعني الأول بترتيب وضع المنتخب، ووضع الخطط الاستراتيجية التي تتيح للاعبين الاستمرار في تقديم ما لديهم من كفاءات بدنية ومهارات كروية، ومواصلة مشوارهم الرياضي بشكل احترافي، وتطعيم المنتخب بلاعبين جدداً ذوي اعمار مناسبة مع مسمى ناشئين، دون الحاجة الى التلاعب والتزوير، وإتاحة الفرصة للمدرب ومساعده لتقديم الأفضل دون التدخل في صلاحياتهم الفنية وطريقة ادارتهم لمشوار لاعبي منتخب الناشئين.
هناك إجماع كبير بين المختصين والمعنيين بالرياضة مدربين وحكام ولاعبين قدامى وأكاديميين وإعلاميين أن المنتخب اليمني للناشئين قد خلق المفاجأة، بل إن فوزه ببطولة اتحاد غرب آسيا الودية، شكل إنجازاً مثيراً لجماهير منتخبات البدان المشاركة في البطولة، وفرحة كبيرة في أوساط اليمنيين، بحيث أصبح هذا المنتخب حديث الصحف، وبعض لاعبيه محط انظار الكثير من الأندية العربية التي تبحث عنهم للتعاقد معهم كمحترفين، ما يهمني في تحقيق هذا الإنجاز الرياضي الكبير هي الجوانب النفسية والاجتماعية والحضارية اليمانية الاصيلة «اثبات الهوية اليمنية والاندماج والتكامل الوحدوي، التي اكد المنتخب ابعادها بين أبناء الشعب اليمني الواحد، وليس الابعاد الفنية والتقنية التي نعلم جميعا ان بها الكثير من القصور والتقصير، نبارك للجميع هذا الإنجاز ونأمل ان يكون العام 2024م عام العطاء الرياضي والعودة الجادة الى تفعيل الأنشطة والبرامج الرياضية.