جيش الاحتلال يواصل حرب الإبادة في وسط وجنوب القطاع

 

منظمة مدنية فلسطينية توجه نداء للسلطات المصرية لتحمل مسؤولياتها تجاه غزة
زيارة مفاجئة للملك عبدالله الثاني إلى القاهرة .. والتهجير أبرز الملفات

الثورة / تقرير / محمد شرف

كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية الإجرامية في مناطق وسط قطاع غزة وجنوبه ، ودفع بتعزيزات كبيرة إلى منطقة خربة خزاعة الواقعة جنوب شرق مدينة خان يونس ، وبدأ قبل أيام توغلاً من معبر كرم أبوسالم داخل محور فيلادلفيا المتاخم للحدود المصرية مع القطاع .
يومًا بعد يوم تتكشف تفاصيل المخطط الإسرائيلي الكبير في قطاع غزة، والذي بدء فعليًا في اللحظة الأولى من الاجتياح البري للقطاع، والمتوقع أن لا ينتهي حتى بعد انتهاء الحرب التي دخلت يومها ال85 ، كون الأمر سيرتبط بملفات أخرى ساخنة وشائكة مع دول الجوار.
ورغم أن إسرائيل تحاول التهرب من نشر تفاصيل مخططها الكبير والذي يمسّ مصر وقطاع غزة بشكل رئيسي ومباشر، بالسيطرة على كامل الشريط الحدودي المحيط بالقطاع، وبدء المرحلة الأمنية الجديدة بإنشاء منطقة عازلة قد تُغيّر الخارطة الجغرافية للقطاع بأكملها.
الإعلام العبري بدأ يُسرب وبشكل مدروس وتدريجي عن تفاصيل هذه الخطة، فكشفت صحيفة “يسرائيل هايوم” عن خطة تعدها الحكومة الإسرائيلية، من أجل تحييد حركة “حماس” من خلال إقامة منطقة عسكرية عازلة بمدينة رفح الفلسطينية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.
لكن وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق ايفجدور ليبرمان كان صريحاً في تغريدة على منصة X دعا فيها إلى “ تدمير محور فيلادلفيا “ على الحدود مع مصر، مقدراً سيناريو قد يغادر فيه نحو 1.5 مليون نسمة من سكان قطاع غزة نحو سيناء، طواعية، وفق تعبيره.
في هذا السياق، تأتي زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على نحو مفاجئ إلى جمهورية مصر العربية.
وأشارت وسائل إعلام رسمية أردنية عن نيّة الملك التحدث مباشرة بتطورات وصفت بأنها خطيرة تحصل في قطاع غزة ويفترض أن يناقشها ملك الأردن مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولم تشرح ما هي تلك التطورات الخطيرة التي دفعت العاهل الأردني إلى زيارة مفاجئة ولم تكن مقررة سابقا إلى مصر علما أن الأردن كان له دور كبير خلف الستائر والكواليس في التشديد على موقف مصري عنيد يرفض تهجير السكان من قطاع غزة كما يرفض التحريك الديمغرافي.
ويُقدّر الأردن بان تركيز إسرائيل على مهاجمة مخيمات قطاع غزة في مناطق الجنوب والوسط مؤشر في غاية الخطورة قد يعيد مسألة التهجير السكاني إلى مربعها الأول .
وثمّة من يعتقد في الأوساط الدبلوماسية الغربية أن هواجس التهجير الصامت وغير المعلن الذي تضغط باتجاهه حكومة حرب الإسرائيلية قد يكون الدافع والحافز الأساسي لزيارة ملك الأردن المفاجئة إلى الرئيس السيسي.
وتبرُز هذه الزيارة أيضا في ظل التقارير الإسرائيلية التي قالت بأن المرحلة الثانية من الحرب بدأت أو ستبدأ قريباً وعنوانها ملاحقة حركة حماس في مخيمات وسط وجنوب قطاع غزة ما سيؤسس برأي الأردن لنزيف إنساني كبير قد يؤدي إلى تجدد الضغوط على مصر لإعادة فتح الحدود للنازحين واللاجئين من القطاع تحت يافطة إنسانية.
تبدو عمّان مهتمة بأن لا تخضع القاهرة لتلك الضغوط ، وترى أن ما يردده الإسرائيليون عن اتفاق مع سلطات مصر لنوايا احتلال منطقة الحدود يعد تطوراً في غاية الخطورة ويؤشر على مذابح محتملة في الطريق وعمليات تهجير واسعة  قد يقررها مجلس الحرب الاسرائيلي في اطار تصدير الأزمة، الأمر الذي سيربك كل الخطوط .
إلى ذلك كشفت وكالة «نوفوستي» عن ما أسمته ، مصدر مطلع ، وجود خطط للحكومة الإسرائيلية لتوطين عدد كبير من الفلسطينيين من قطاع غزة في مصر بذريعة ضمان سلامتهم خلال المرحلة النشطة من الحرب.
وقال المصدر: “بحسب المعلومات المتوفرة، تمتلك الحكومة الإسرائيلية خططاً لإعادة توطين عدد كبير من الفلسطينيين من قطاع غزة في مصر بحجة ضمان سلامتهم خلال المرحلة النشطة من العملية العسكرية وإعادة إعمار القطاع بعد الصراع”.
وخلص المصدر إلى أنه «في مقابل الضوء الأخضر من مصر، يقال إن الأمريكيين ملتزمون بدفع تكاليف بناء وتشغيل مخيمات اللاجئين، وسيقدمون لمصر أيضا حزمة كبيرة من المساعدات المالية، وهي دفعة قوية في سياق الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها هذا البلد”.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» قد أكدت يوم الاثنين الماضي، أن حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن العمل مع دول لتمرير مخطط هجرة طوعية للفلسطينيين “سخيف ومحاولة لتسويق أوهام”.
وفي وقت سابق، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن نتنياهو قوله خلال جلسة لحزب الليكود، إنه يدفع باتجاه هجرة طوعية لسكان غزة إلى بلدان أخرى، وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن “العمل جارٍ لإيجاد دول تستوعب سكان غزة كلاجئين”.
نداء فلسطيني إلى ذلك ، أطلقت منظات وهيئات المجتمع المدني الفلسطيني نداءً عاجلاً إلى السلطات المصرية، داعيةً إياها إلى تحمّل مسؤولياتها الإنسانية والقانونية والقومية بشكل طارئ وترجمة موقفها الرسمي الرافض للمخططات الإسرائيلية عبر ممارسة صلاحياتها وفرض سيادتها على حدودها بإيصال المساعدات الإنسانية اللازمة إلى الشعب الفلسطيني في غزة المحاصرة، وذلك انطلاقًا من حقيقة أنّ مصر هي الدولة الوحيدة التي لها حدود مباشرة مع قطاع غزة المحتل ويترّتب عليها التزامات قومية وأخلاقية وقانونية ذات طابع خاص أمام هول الإبادة الإسرائيلية، كما أشار البيان.
وأكّد النداء، الذي وقّع عليه 30 إطارا فلسطينيا تشمل اتحادات ونقابات وائتلافات مدنية وشعبية فلسطينية في الوطن والشتات، على أهمية تنفيذ قرار القمة المشتركة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، الداعي إلى: “كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري”.
كما لفت النداء إلى مجموعة من الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، كون حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وميثاق روما المنشئ للمحكمة والذي يعاقب على مجموعة كبيرة من الجرائم، منها الإبادة الجماعية والتجويع واستهداف المدنيين والمباني المدنية والتهجير القسري. مشيرا إلى استشهاد أكثر من 9 آلاف فلسطيني بسبب عدم القدرة على علاجهم جرّاء انهيار القطاع الطبي، في ظلّ خروج 23 مستشفى و53 مركزاً صحياً في قطاع غزة عن الخدمة بسبب العدوان الإسرائيلي.
كما شدّد النداء على أنّ هذه الاتفاقيات تُلزم جميع الدول المنضوية إليها ببذل جميع الجهود من أجل وقف الإبادة الجماعية، مضيفًا بأنّ مصر ملزمة قانونيًا بتوفير الإمدادات اللازمة ودخول المساعدات الإنسانية والمعدّات والكوادر الطبية التي يحتاجها القطاع المحاصر وبأنّها في حلّ من أية ترتيبات مع الاحتلال الإسرائيلي، مردفاً: “لا نريد لمصر الشقيقة أنْ تكون مشاركة في جريمة الإبادة الجماعية على شعبنا في غزة”.
واختتم النداء بحثّ السلطات المصرية على تحدّي الإملاءات الأمريكية الإسرائيلية وترجمة الموقف المصري الرسمي الرافض للمخططات الإسرائيلية، التي تهدّد حياة 2.3 مليون فلسطيني في غزة كما تهدّد الأمن القومي المصريّ، عبر تدعيم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، على حدّ تعبير النداء.

قد يعجبك ايضا