كالعادة أسعدنا الناشئون، وهذه المرة من ملعب السعادة بصلالة العمانية، بتحقيقهم الكأس الثانية في البطولة العاشرة لغرب آسيا، بفوزهم على نظيرهم السعودي بركلات الترجيح، ليكرروا ما حدث في ذات البطولة (الثامنة) التي أقيمت في الدمام، وأمام نفس المنتخب (السعودي) وأيضا بركلات الترجيح.
كل شيء يكرر نفسه، فالمنتخب الرائع تكرر وسيتكرر، كون مخزون اليمن كبيراً بحمد الله من هذه الفئة، التي ما إن تنتهي من مرحلتها العمرية؛ حتى ينتهي كل شيء.
فرحنا ومن حقنا الفرح، فما يعيشه اليمن واليمنيون من مآسِ جعلنا نفرح حتى لو فزنا ببطولة الفتاتير، وهذا الكم الكبير من الفرح رسالة واضحة لكل الساسة؛ بأن الشعب يريد أن يعيش ساعة فرح.
الجماهير اليمنية الوفية التي كانت علامة مضيئة في كل المباريات داخل الملعب، والتي تابعت المباريات في الداخل وزحفت للشوارع فور التتويج، كلهم يستحقون أن نقول لهم شكرا لكم، فقد كنتم اللاعب رقم ١٢ وأظهرتم بلدكم بمظهر مشرف.
كما تكرر نفس سيناريو الفرح بتتويج منتخبنا، وبنفس تفاصيلها، تكرر سيناريو الحزن، فطلقوا الرصاص أعادوا فعلهم القبيح بإطلاق الأعيرة المميتة التي قتلت وأصابت الكثيرين إثر التتويج بالبطولة الثامنة، قتلوا الأبرياء بعد التتويج بالبطولة العاشرة، في مشهد مأساوي، لم تنفع معه تحذيرات وزارة الداخلية عبر رسائلها النصية بعدم إطلاق الرصاص، ولأن مطلقي الرصاص يعرفون أنه لن تتم محاسبتهم مثل المرة الماضية (بحجة الفرحة) فزادوا من فعلهم الاجرامي، ونسميه إجرامياً لأن فاعله يعلم أن الراجع قد أصاب أناسا بمقتل، وتكرار الفعل ينم عن قصد في إلحاق الضرر بالغير.
بعيدا عن العاطفة والمشاعر الجياشة وحب المواطنين لمنتخبهم، فعلينا عدم مغالطة أنفسنا والآخرين، على الأقل كفنيين متخصصين، وكلنا يعلم أن بطولة غرب آسيا وخاصة فئة الناشئين، لا تطبق المعايير المطبقة في البطولات الآسيوية والدولية، بل إن البطولات العربية أفضل منها بكثير؛ ولهذا فإن خداع البسطاء بأننا قد حققنا كأس العالم معيب جدا.
من ضمن الثلاثي المتكرر عقب بطولات غرب آسيا، يأتي دعم التجار والمؤسسات الرسمية، والتي تركب موجة التتويج، وإلا أين هم في فترة إعداد المنتخب؟ أين هم أثناء سفر اللاعبين برا، ووصولهم لصلالة قبل المباراة بليلة فقط ؟ أين هم من دعم المواهب الناشئة طوال الوقت ؟ الإجابة المحزنة : ليس لهم أي وجود، وإنما يركبون الموجة، لتلميع أنفسهم، خاصة وأن البطولة دائما ما تقام في نهاية السنة المالية، ويوجهون الوفورات المالية للتمليع، وغالبية موظفي تلك الجهات الداعمة يعيشون أوضاعا معيشية صعبة، وتزيد حسرتهم عندما يرون التبرعات، بينما رواتبهم حتى الحد الأدنى من كرامة العيش.
نحن لا نقول للناس لا تفرحوا، بل نشجعهم أن يفرحوا ويعبروا عن سعادتهم، ولكن بعد أن نعطي المعلومة الصحيحة عن البطولة وأنها مجرد إعدادية للبطولات الأهم.
الأسئلة التي تفرض نفسها : لماذا لم نحقق في هذه الفئة بطولات غير غرب آسيا؟! ولماذا لا يسمح لغالبية اللاعبين الذين توجوا بكأس غرب آسيا بالاشتراك في النهائيات الآسيوية للناشئين؟!
ولماذا يقتصر فرحنا فقط على بطولات غرب آسيا ؟!
الإعلام الصادق الذي يتناول هذه الجزئيات المهمة، سيقال عنه إنه لا يحب الخير لوطنه ومنتخبه، وهذا كلام مردود على قائليه، من الخيانة أن لا يقول الإعلام الحقيقة بل ويشارك في تزييفها .
ومن المفارقات العجيبة أن البعض يقتصر رفع التهاني والتبريكات للاعبين والجهاز الفني، ويستثني من ذلك قيادة وأعضاء الاتحاد، في حين لو خسر المنتخب البطولة، فإن سهام النقد لن توجه إلا إليهم فقط.. ولهذا من العدالة الثناء عليهم عند التتويج.
أيضا هناك معلومة غائبة عن كثير من الناس، والغريب أنها غائبة عن أهل الاختصاص، وهي أن ركلات الترجيح لا تعد فوزا في المواجهات بين المنتخبات، بل تعتبر تعادلاً، ولا تحسب الاهداف فيها للاعبين، وأنها تقام فقط لترجيح الكفة، وهي في الغالب حظ.
نبارك للاعبينا والجهاز الفني والإداري ولقيادة الاتحاد ممثلة بالشيخ أحمد العيسي وبقية أعضائه ولكل اليمنيين تحقيق اللقب الثاني لغرب آسيا للناشئين، والتي وحدت الشعب في كل المحافظات، لتبقى كرة القدم صانعة الوحدة اليمنية في ظل الانقسام بكل شيء، ونسأل الله تعالى كما وحدنا في الكرة، أن يوحد صفنا ويلم شملنا ويكفينا شر أعدائنا. ويجعل بلدنا آمنا مستقرا موحدا.