اليمن يحذرهم : انسحبوا أو تحملوا العواقب.

حسام باشا

 

في عالم يتغيَّر بسرعة البرق، ويتبدل فيه كل شيء بتأثير قوى الهيمنة والاستكبار، من المواقف إلى المصالح، ومن القيم إلى الغايات، ومن المبادئ إلى التطبيع، يقف اليمن كالجبل الشامخ في موقفه الداعم والمتضامن مع غزة، التي تتعرض للعدوان والحصار من قبل الكيان الصهيوني، وهذا الموقف ليس مجرد كلمات أو عبارات، بل هو ترجمة عملية وفعلية لعهده الديني والانساني والتاريخي مع القضية الفلسطينية، ولواجبه الوطني والعروبي تجاه الشعب الفلسطيني.
هو موقف يتطلب من اليمن أن يتحمل كل ما تترتب عليه من آثار وعواقب، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، فاليمن لم يك جاهلاً أو مستهتراً بما ينتظره من تحديات ومخاطر عندما اختار هذا الطريق، بل كان على بينة ويقين مما يفعله، وعلى ثقة بأنه يملك ما يكفيه من الارادة الصلبة والامكانيات الفعالة لمواجهة كل ما يحاول عرقلة مسيرته النبيلة.
ومن بين التحديات والمخاطر التي تواجه اليمن، تبرز الضغوط والتهديدات التي تمارسها قوى الهيمنة والاستكبار وفي مقدمتها الولايات المتحدة على صنعاء، والتي تكشف عن ازدواجية فاضحة في المعايير، فهذه القوى التي تدعي احترام حقوق الإنسان، وهي في الحقيقة تنتهكها بشكل متعمد ومستمر، تمنح نفسها الحق في مساندة “إسرائيل” بجميع الطرق الممكنة، وفي توفير الحماية والدعم والحصانة لها رغم جرائمها وانتهاكاتها وتجاهلها للقرارات الدولية، وفي المقابل، تحرم الدول والشعوب التي تتضامن مع فلسطين وغزة من أدنى حقوقها في التعبير والمواجهة والمقاومة، وتصنفها بأنها إرهابية ومتطرفة ومعادية.
هذه الازدواجية الفاضحة لا يمكن تبريرها أو تقبلها بأي حال من الأحوال، لأنها تنتهك المبادئ العامة للعدالة والحرية والكرامة التي تنادي بها الإنسانية جمعاء، فلا يجوز أن تكون هناك قواعد مختلفة للدول والشعوب بحسب مصالح ومواقف قوى الهيمنة المتغطرسة، ولا يجوز أن تكون هناك حقوق تسلب من أصحابها لتمنح لمستعمر محتل بحسب مزاج ورغبة هذه القوى.
وبالتالي، يتمسك اليمن بموقفه الراسخ والمبدئي إزاء القضية الفلسطينية في ظل كل هذه الأخطار والتحديات التي يواجهها، ويعلن عن تضامنه الدائم والأبدي معها، ويرفض أي تنازل أو تخلٍ عنها، ومن هذا المنطلق، يبعث برسالة صريحة وواضحة إلى الدول التي سحبها الأمريكي إلى تحالفه لحماية “إسرائيل” في البحر الأحمر، ينبهها ويحذرها في آن معا، ينبهها إلى أن تعيد النظر في مواقفها وتنسحب من هذا التحالف الذي يتعارض مع مصالحها، ويشكل خطرا كبيرا على أمنها واستقرارها، ويحذرها من أنه إذا استمرت في المشاركة في هذا التحالف، فإن عليها أن تتحمل تبعات وعواقب ذلك، فهي تعرض نفسها لردة فعل اليمن وشعبه وقواته المسلحة. فاليمن لن يكون مجرد متفرَّج لما يدور في البحر الأحمر، كما لن يتخلى عن موقفه تجاه غزة مهما تغيرت الظروف، وسيدافع عن حقه في مواجهة أي عدوان محتمل عليه، وسيبرهن على شرعية موقفه وقوته وثباته أمام العالم كله.
هذه الرسالة تمثل موقفا مبدئيا ومسؤولية تاريخية لليمن تجاه فلسطين، وتعكس الروح الوطنية والإسلامية والعربية للشعب اليمني، وتؤكد على التزامه بالقيم والمبادئ والأخلاق التي تحكم علاقته مع قضيته الأساسية، وتنم عن وعيه وثقافته وهويته الإيمانية التي تميزه عن سواه من شعوب المنطقة.

قد يعجبك ايضا