هل يفرض اليمن معادلة جديدة؟

عبدالخالق النقيب

 

الصوت واليد المرفوعة من صنعاء باتت رقماً صعباً يحاول العالم اكتشافه وقراءته من منطق القوة ولكن بشكل آخر وبطريقة تفوق موازين القوة العسكرية وحسابات القتال وحجم ونوعية العتاد الحربي، إنها القوة التي تتخطى الترسانات العسكرية والحدود والعوائق الجغرافية، قوة الإرادة والشجاعة والبأس الذي يصل إلى غزة ويفرض على دولة الكيان المحتل أول حصار في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي..
من الآن وصاعداً كل السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني هدف مرصود لقوات الجيش اليمني، ولن يدخل الغذاء، والدواء والبضائع الأخرى إلى موانئ الكيان الصهيوني، مالم يتم إدخال الغذاء والداء إلى غزة عبر معبر رفح، في واحدة من تجليات هذه الحرب التي تفرز صورة من صور إنهاك القدرات وأنموذجاً من نماذج تفوق قوة القرار والإرادة الواعية والجسارة في اختيار التوقيت وقدرتها في إرساء المعادلات التي تتخطى القوة العسكرية المسنودة بالدعم والتحالفات الدولية وكل ما يتم التلويح به لصنعاء المحاصرة، وهي تبدوا أكثر قوة من ذي قبل، وأكثر تصميماً على فرض إرادتها وسيادتها على باب المندب واستقلال هيمنتها على ملاحة البحر الأحمر وتسخير منافذها البحرية لفرض معادلات جديدة لا تتوقف عند فتح معبر رفع وحسب ، بل للعب دور جديد ومؤثر في حماية الأمن القومي العربي في المنطقة.
لقد استطاعت صنعاء منذ البداية تحويل الموقع الجيوستراتيجي لباب المندب إلى قوة قادرة على تغيير الموازين، وأثبتت نجاحها في تحريم مياه البحر الأحمر على سفن الصهاينة وضرب اقتصادها بفرض معادلة جديدة لم تكن ضمن حسابات “الكيان” الذي يستعين بتدخل أمريكي وبريطاني وألماني يستميت في إنقاذه ومنحه فرصاً إضافية للاستمرار في توحشه ومواصلة حرب الإبادة والتطهير العرقي في قطاع غزة.
أفسدت صنعاء على الكيان الصهيوني عملية الالتفاف لتمرير سفن وسيطة عبر البحر الأحمر لإدخال بضائعها إلى موانئ إسرائيل، قرار التصعيد الجديد للقوات المسلحة اليمنية حول الاتفاقيات الإسرائيلية الالتفافية الأخيرة إلى رماد، في قدرة إضافية محسوبة لصنعاء وهي تتصرف بحنكة وتسد أي ثغرة يفكر الإسرائيليون والأمريكيون العبور منها، ما يجعلها تبدو أكثر قوة في التأثير على صناع القرار في واشنطن وتل أبيب، كونهم يدركون جدية صنعاء في قرار حصارها على موانئ إسرائيل وقدرتها في إعاقة حركة الملاحة البحرية الواصلة إلى موانئها عبر منع جميع السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيل من أي جنسية كانت.
صنعاء التي تخوض، إلى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، معركة كل العرب والمسلمين ضد الكيان الصهيوني، تبدو اليوم متمرسة في كسر عقيدة إسرائيل العسكرية في الحرب الخاطفة، لقد بدت إسرائيل منفعلة جداً وفي ورطة كبرى، وهي تدرك أن التأثير على صناع القرار في صنعاء عبر أطراف إقليمية أو دولية لمحاولة تبرئة ساحتهم يبدو مستحيلاً وأن الجواب الثابت والمتوقع منها هو: باب المندب ودخول الغذاء والدواء إلى غزة مقابل وصول السفن المحملة بالغذاء والدواء إلى موانئ إسرائيل، في سابقة تاريخية تعلن عاصمة عربية الحصار على إسرائيل.

قد يعجبك ايضا