شهر يمر على ميلاد معركة (طوفان الأقصى)، شهرا يمر منذ أصيب كيان العدو وقادته بحالة انهيار وهزيمة أفقدتهم تماسكهم وأفقدتهم كرامتهم ونزعت عن وجوههم القبيحة أقنعة الزيف ليظهروا أمام العالم بصورهم القبيحة..!
شهر منذ اندلاع معركة ( الطوفان) التي أذهلت ليس العدو وأربكته وأفقدته توازنه، بل أربكت أمريكا وبريطانيا والغرب بأسره ليهرول قادة أمريكا والغرب إلى الكيان متضامنين ومحاولين إعادة التوازن لكيانهم اللقيط ولقاعدتهم العسكرية المتقدمة أو بالأصح (كلب الحراسة) الذي يحرس مصالح أمريكا والغرب في الوطن العربي حيث مصادر الطاقة والممرات المائية وحيث المخزون الحضاري والروحي والتاريخي، ومصدر خوف أمريكا والغرب من توحد واستقرار واستقلال المنطقة، بما في ذلك من تهديد للمصالح الأمريكية الغربية بأبعادها الاستعمارية والجيوسياسية.
شهر كامل احتشد الغرب وأمريكا وسخروا كل قدراتهم العسكرية والاستخبارية والاقتصادية والدبلوماسية ووضعوها في خدمة الكيان الصهيوني المدجج بالأسلحة التدميرية الفتاكة وبجيش يتفوق بقدراته العسكرية على كل جيوش المنطقة، جيش يسجل له التاريخ أنه هزم كل الجيوش العربية عام 1948م وشارك بفعالية في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، وهو من شن عدوانه على العرب عام 1967م واستطاع خلال ستة أيام فقط من احتلال قطاع غزة والقدس والضفة الغربية، ومرتفعات الجولان السورية، وسيناء المصرية، وهو من شارك عام 1970م بمعارك إيلول الأسود في الأردن إلى جانب الجيش الأردني ضد قوات الثورة الفلسطينية، ورغم هزيمته في حرب أكتوبر 1973م إلا أن هناك من حول هزيمته إلا انتصار، وهذا الجيش هو من غزا لبنان وصولا إلي العاصمة بيروت عام 1982م..
حتى لقب هذا الجيش بـ(الجيش الذي لا يقهر) وتحول إلى أسطورة وآلته العسكرية ليصبح هذا الكيان بجيشه ومعداته وأدواته مرجعية لكثير من الدول والأنظمة التي لم تتردد في إرسال أبنائها للدراسات العسكرية في أكاديميات العدو سرا وعلانية، كما غدت صناعته العسكرية مطلبا يتهافت عليها الكثيرون، إلى أن جاءت حرب 2006م بينه وبين المقاومة الإسلامية في لبنان -حزب الله – فكانت هزيمته حيث راهن الجميع على الانتصار، فسقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وسقطت أساطير صناعته العسكرية بعد أن أحرق أبطال المقاومة الإسلامية في لبنان (الميركافا) في (وادي جديد) ..!
بيد أن (طوفان الأقصى) أسقطت أساطير أخرى كان العدو يزعمها في الجانب الأمني والاستخباري، فما حدث يوم 7 أكتوبر المنصرم كان فشلا أمنيا واستخباريا وإهانة لكيان ما انفك يتوعد (الجمهورية الإسلامية الإيرانية) بالويل والثبور، فيما سقط مغشيا عليه في (سبت الطوفان) ولو لم يهرول إليه قادة أمريكا والغرب ومن ثم منحوه شيكا مفتوحا لارتكاب المجازر في قطاع غزة وكل فلسطين، مجازر لا يمكن أن يقوم بها جيش تقليدي محترف، لكن ما يجري في فلسطين وغزة يمثل دليلا واضحا على هزيمة هذا الكيان وجيشه وأجهزته، وبالتالي ذهب ليعيد اعتباره من خلال سلسلة جرائم وحشية، قتل فيها نساء وأطفال وشيوخ ومدنيون عزل، ومواصلته لارتكاب الجرائم بحق المدنيين والمنشآت الصحية والخدماتية وخزانات المياه والطرقات في اليوم الثلاثين من بدء عدوانه الهمجي فيه ما يكفي لتأكيد حقيقة هزيمته وأنه لم يتمكن من كسر إرادة المقاومة ولم يتمكن من إيقاف صواريخها التي تواصل استهداف المستوطنات والمدن الصهيونية، هزيمة دفعت أحد مسؤولي الكيان إلى الحديث عن القنبلة النووية كخيار لهزيمة المقاومة، ففضح ولأول مرة حقيقة كيانه معترفا بامتلاكه لأسلحة نووية..؟!
هذه التصريحات وهذه العمليات الإجرامية تدل مجتمعة على أن هذا الكيان يعيش أزمة وجودية ويعاني من هزائم مركبة لم تنفع معها دعايته ولا مواقف الغرب وأمريكا الداعمة له، بل يوما بعد يوم يضع أمريكا وحلفاءه في دائرة الإحراجات، فيما شعوب العالم خرجت منددة بجرائمه وبمن يتواطأ معه من الدول والأنظمة.
إن معركة طوفان الأقصى أعطت القضية الفلسطينية التي كانت قد ألقيت جانبا من أجندة اهتمام العالم، كما كشف الطوفان أمريكا وعراها وجردها من دور الوسيط، وهذا ما لم تكن أمريكا تريده..؟!
بنك أهداف العدوان صعبة التحقيق ومن وضعها لم يكن مستوعبا بما أقدم عليه وأعلن عنه وبالتالي فقد ضمن الهزيمة سلفا..؟!
إن المشهد الذي نتابعه اليوم يؤكد فشل العدو وهزيمته وانتصار فلسطين والمقاومة، ويؤكد لنا أيضا مدى حالة ارتهان النظام العربي غير المسبوقة، حالة تشير إلا أن هذه الأنظمة ليست عاجزة عن نصرة فلسطين، فهذا فعل يتجاوز قدراتهم لأن نصرة فلسطين لا تأتي إلا من أصحاب القيم ومن لديهم كرامة، بل تعجز هذه الأنظمة عن حماية نفسها ومواطنيها إذا ما غضب عليهم سفراء أمريكا والغرب..؟!
إن العزة والكرامة والخلود، قيم هي اليوم هوية فلسطين وبقايا أحرار الأمة الذين اصطفوا خلف المقاومة وناصروها وانتصروا لها وما يزالون.