معركة الوعي قراءة سريعة لخلفية الصراع الصهيوأمريكية والعدوان على غزة (الحلقة الثانية)
صادق صالح الهمداني
كنا قد تطرقنا في مقال سابق للدور البريطاني في تأسيس كيان بني صهيون وسنتناول في هذ المقال الدور الأمريكي لتوفير الدعم والحماية والغطاء للكيان الصهيوني المحتل مستشهدين بما تناوله المفكر الفرنسي روجيه جارودي في كتابه (العولمة).. والذي أورد فيه إحصائيات عن اليهود في أمريكا وبريطانيا وفرنسا، مشيرًا لبعض الإحصائيات المتعلقة بالتواجد اليهودي في أمريكا والذين يصلون إلى ما نسبته 5% من إجمالي عدد السكان في أمريكا، ويمتلكون ما نسبته 95% من إجمالي الثروة القومية في الولايات المتحدة الأمريكية.. بينما 95% من عدد السكان من ديانات أخرى في أمريكا يمتلكون 5% من إجمالي الثروة، وهو ما يؤكد أن اليهود يسيطرون على الثروة وبالتالي يتحكمون بمقاليد الأمور الاقتصادية والسياسية.
والمتتبع لمجريات الأحداث يلحظ عدم حرص اليهود على التمسك بالوظائف السياسية بقدر حرصهم على شغل وظائف الإعلام والعلاقات العامة وإدارة مراكز الدراسات والبحوث والتخطيط.. ومن هذا المنطلق فإنهم يتحكمون في شؤون بلد متنوع مثل أمريكا وفقا للسياسة الصهيونية والماسونية العنصرية..
ولذلك فإن سياستهم في الحزبين الجمهوري والديقراطي اللذين يتناوبان حكم الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العرب والمسلمين واحدة وهما وجهان لعملة واحدة، فالعرب والمسلمون في نظرهم بين خيارين… إما الموت حرقاً على يد الحزب الجمهوري أو غرقاً على يد الحزب الديمقراطي…
ولهذا من الغباء أن يراهن العرب والمسلمون على أي من الحزبين.. فجورج بوش الأب والابن الجمهوريان اللذان أشعلا النار في العراق وأفغانستان في ما سمي بعاصفة الصحراء لم يختلفا عن الديمقراطي بيل كلنتون الذي قتل آلاف العراقيين، فالموت كان المصير المحتوم للعرب والمسلمين أياً كانوا..
كما أن الرئيس باراك أوباما لم يختلف عن سابقيه رغم ممارسة الخداع والتضليل بشأنه من انه ينحدر من أصول إسلامية وانه كان يستشهد بآيات من القرآن وبالذات أثناء زيارته لمصر… لكنه في الحقيقة حاول أن يضرب الإسلام من داخله فعمل على ضرب العرب والمسلمين من الداخل في استغلال سافر لثورات الربيع العربي التي أجهزت على ما تبقى من مصير عربي إسلامي مشترك لولا حفظ الله لدول محور المقاومة التي أدركت أبعاد تلك المؤامرة بوعي وحنكة قادتها الذين هيأهم الله لمواجهة تلك المشاريع التفتيتية بمزيد من الصمود والصبر والثبات.
وسنعود لحديثنا في كشف الدور الأمريكي في المنطقة والذي أفصح عنه الرئيس أوباما متباهيا بقوله «لقد نجحنا في نقل المعركة إلى ساحة العدو»..
ولنا أن نتخيل من هو العدو…. إنهم العرب والمسلمين
إذ لم يكن حديث أوباما الذي كان موجهاً للشعب الأمريكي آنذاك في فعالية بإحدى الولايات الأمريكية تلقائياً وعفوياً.. بل كان يستند إلى تلك المخططات الإجرامية الصهيونية ضد أبناء الأمتين العربية والإسلامية، فهو مطابق لما قاله وزير الدفاع الصهيوني موشيه يعلون بهذا الصدد بقوله «ليس من المتعة أن تقتل عدوك بيدك ولكن المتعة أن تجعل عدوك يقتل نفسه بيده أو بيد أخيه ونحن ماضون في هذا التوجه لخلق جماعات تقاتل بعضها».
وقبل ذلك صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية سابقاً مادلين أولبرايت – وهي يهودية صهيونية – بقولها «نحن نفكر بالمستقبل البعيد إذا نحن عمالقة»..
وما يُفهم من كلامها هذا أنهم – أي اليهود الصهاينة – يخططون للمستقبل البعيد، أي إنهم يرسمون خططاً لـ30 إلى 50 سنة قادمة، وهو ما خططوا له من خلال ما أسموه بالشرق أوسط الجديد والأرض مقابل السلام والشفافية والاعتراف بالكيان الصهيوني وصولاً للهرولة والانبطاح واستكمال التطبيع بكل صوره وأشكاله السياسية والاقتصادية والثقافية جهاراً نهاراً.. في محاولات مستميتة لخذلان الحكام العرب عن نصرة القضية الفلسطينية.
لكن عملية طوفان الأقصى كانت بمثابة صحوة لتحريك المياه الراكدة، فقد نسفت كل مخططاتهم وأحلامهم وأوهامهم التيa أعدوا لها وكشفت وهْم القوة التي لا تُقهر وزيف مغالطاتهم وأكاذيبهم بحقوق الإنسان وأظهرتهم أمام العالم عبارة عن عصابات وذئاب بشرية تتشكل بوجوه شتى لخداع العالم..
وقد تفاجأ اليهود الإسرائيليون صباح يوم السابع من أكتوبر المجيد 2023م باقتحام المستوطنات ومئات الصواريخ التي أسقطت وهْم القبة الحديدية لتبدو قوتهم أضعف من بيت العنكبوت..
ولكي يحافظوا على ما تبقى لهم من وهْم القوة تحصَّنوا في جبنهم ومن ورائهم الولايات المتحدة الأمريكية وبدلاً من مواجهة رجال المقاومة الذين خرجوا لمنازلتهم في غلاف غزة ذهبوا لاستهداف المدنيين الأبرياء وقتل الأطفال والنساء وارتكاب مجازر وحرب إبادة جماعية بأحدث وأفتك الأسلحة المحرمة دولياً ومنها القنابل الفسفورية وقنابل النابالم لإيقاع أكبر عدد من الضحايا في صفوف المدنيين في حرب قذرة.. استهدفت الأطفال والنساء…