تراهن عصابات الارتزاق في تعز على كر الأيام، ومرور الزمن كي ينسى الناس دماءهم المسفوكة، وأموالهم المنهوبة وأعراضهم المنتهكة، وحرياتهم المهدورة.
كما تراهن على استخدام القوة والعنف في إسكات وإرهاب أصحاب الحقوق والدماء، وأصحاب الكلمة الحرة.
وهذه رهانات خاسرة، أثبتت الأيام عدم جدواها. فالناس لا ولن ينسوا ما تعرضوا له من جرائم، مهما تطاول عليهم الأمد. فالمظلوم، حتى وإن مات لا ينسى ظلم الظالم، ولسوف يوصي أولاده وأحفاده من بعده للأخذ بثأره. واليمني – بالذات – لا ينسى ثأره ولو بعد حين.
في محكمة شرعب الرونة الابتدائية يُحاكم قاتل الطفل ( أرسلان .. ) لينال عقابه بالشرع والقانون، بينما قاتل الطفل ( غالب محمد غالب ) لا يزال فاراً من وجه العدالة، ولم تستطع أجهزة أمن ( المعصور ) القبض عليه؛ ومثله كل القتلة والمجرمين.
هذا غيض من فيض من الجرائم التي تغرق فيها المحافظة وأبطالها مجندون في مليشيا الارتزاق. تعز محافظة تغرق بالجريمة الممنهجة، والقتلة يذهبون دون عقاب.
الدكتور/ أصيل عبدالحكيم الجبزي بقي في ثلاجة المستشفى أكثر من عام في انتظار القبض على قتلته. وعندما يئس أهله من القبض على قتلة ابنهم اضطروا إلى دفنه.
ويوم الاثنين ٢٨ أغسطس ٢٠٢٣م تم دفن جثمان الضابط عدنان المحيا في مدينة تعز دون القبض على قاتله. وكل القتلى يُدفنون، وتُدفن معهم قضاياهم؛ تواطأ من تلك الجماعات التي تسيطر على المحافظة، وتقتل أبناءها، وتسومهم سوء العذاب، وتنكل بهم، وتشرعن للجريمة، وتحمي القتلة، بل وترفع من مقاماتهم. ما يجري في محافظة تعز هو شغل عصابات منفلتة تستهوي القتل وإباحة الدماء، ونهب الحقوق وانتهاك الأعراض، وكأننا في عصور الغاب، ولسنا في القرن الواحد والعشرين؛ قرن الحقوق والحريات.
وإذا كانت دماء أبناء المحافظة مباحة، فإن الفضيحة أن تُباح دماء ضيوف اليمن من الأجانب، لا سيما أولئك الذين يقدمون خدمة لليمن من أمثال اللبناني ( حنا لحود ) والأردني ( مؤيد حميدي ) اللذين قُتلا تباعا دون أن يتم القبض على قتلتهما.
القضية ليست عجزاً في القبض على المجرمين، وليست قلة إمكانيات؛ فالمحافظة تعج بمن يسمونهم جيشاً وأمناً؛ إذ يزيد عدد هؤلاء عن أكثر من خمسين ألف مفصع، ولديهم إمكانيات مهولة، لكن الأمر يبدو تستراً على القتلة والمجرمين، الذين يعدون جزءاً من تلك العصابات التي يستخدمها المسيطرون على المدينة لحكم الناس بالقوة والإرهاب.
لا يزال الناس ومعهم منظمات الأمم المتحدة يأملون في القبض على قتلة الموظفين الأمميين. ويبدو أن جريمة قتل الضابط عدنان المحيا كانت لطمس وإخفاء معالم تلك الجرائم، لا سيما جريمة ( مؤيد حميدي ) الذي قُتل في شهر يوليو الماضي في مدينة التربة بريف تعز.
ويبدو أننا أمام عصابات لا يدركها الحياء. ( وإذا لم تستح فافعل ما تشاء.. )
جماعات التطرف والإرهاب في تعز وغيرها من المدن الواقعة تحت سيطرة الاحتلال قدمت أسوأ ما عندها من السلوك الإجرامي. ونبذت وراء ظهرها كل ما كانت ترفعه وتتشدق به من شعارات دينية، أو وطنية قبل أن يساعدها العدوان على السيطرة على تلك المدن والمحافظات التي تقع تحت سطوتها. لم يقبلوا، حتى بحلفائهم الدينيين، وغير الدينيين الذين يدعون المدنية من أحزاب الخردة.
لقد قتلوا السلفيين في المدينة القديمة؛ أصحاب أبو العباس الذي فر بجلده ليلتحق بابن سيده عفاش في الساحل.
لقد عادوا إلى أصلهم الذي ظلوا عليه منذ غزو الجنوب، والانقلاب على الوحدة السلمية كعصابة عفاشية تُسمى عصابة ( ٧/٧ ) وكحلفاء سابقا ولاحقا؛ ليقتسموا سلطة وثروة هذه البلاد المغلوبة على أمرها.