الضوء الذي تراه بعينيك، قد لا يراه غيرك، وربما يكون هناك رجال ذو عزيمة وإرادة يكافحون من أجل إيصاله إليك وإلى آخرين يشاطرونك ذات الحلم، والذي ظل لعقود من الزمن ينتظر النور، ثم يكون للضوء الذي بذلت من أجله قصارى جهود القوم قصة نجاح تحفيزية تهدى إلى مناطق أخرى من البلاد يعيش أهلها ذات الحلم والمعاناة، فينتظر الضوء على مواطن الظلام، ويعم النور أرجاء المعمورة.
تسهم المبادرات المجتمعية بدور فعال في مختلف جوانب التنمية، فالجميع بات يشكل خلية عمل متكاملة تتوزع فيما بينها أدوار تشييد وإنشاء مشاريع ريادية نفذت وفق الاحتياج، وفي أوقات قياسية شاركت الجهات الحكومية في تنفيذها بالمتاح لديها من التخطيط والاستشارة والمعدات.
ومن هذا، أصبحت المبادرات المجتمعية تشكل رسالة كاملة الرؤية، ودالة واضحة على وحدة وتماسك أبناء اليمن عامة وأبناء كل منطقة في اليمن على حدة، وإثباتاً عملياً لواقع يمني لا يعرف الاستسلام لمرارة أي وضع، فالكل مجتهد على طريق إحداث تغيرات محفوفة بأنماط متعددة في ظروف من تواجه من تحديات وعوامل التغلب عليها.
منطقة الرييم، هي إحدى مناطق مديرية مزهر التابعة لمحافظة ريمة، واحدة من جملة المناطق التي توجهت، وفي حدود المتاح من الإمكانيات المادية والطاقات البشرية، نحو إطلاق العديد من المبادرات المجتمعية وفي شتى المجالات. منطقة الرييم، كغيرها من مناطق ريمة الأبية، جعلت من حاجتها في التواصل مع العالم الخارجي من قرى وعزل ومديريات المحافظة والمحافظات اليمنية الأخرى بغرض التنقل ونقل الأمتعة والاحتياجات غاية حلمها، فأطلقت مبادرة مشروع شق طريق الخط الذي مهد بجهود أيادي سمراء مسارا صالحا لرحلات العبور إلى إنقاذ المرضى وتسهيلً آمال وتطلعات أبنائها في التنقل من إلى مناطق ومحافظات بلدهم الحبيب اليمن.
حين كانت الرييم بالحاجة لشق طريق تكاتف أبناؤها يداً واحدة لتحقيق هدفهم الأسمى متمثلاً بشق ورص الطريق ليكون شريان الحياة لهم، فدعٌم المشروع من مؤسسة بنيان التنموية ببعض المواد الأسمنتية، وبدأ أبناء الرييم بتحقيق هدفهم وحلمهم المنشود، الذي ساهم في إنجاحه أبناء المنطقة من الميسورين ورؤوس الأموال الذين قدموا مساهماتهم بسخاء بالدعم المالي للمشروع، بالإضافة إلى مساهمة الجميع بالأيادي العاملة، حيث هب جميع القادرين من أبناء العزلة، فأصبحت منطقة الرييم كخلية النحل بأيادي أبنائها، وبتعاون أهل المناطق الأخرى بالسماح لامتداد المشروع من أراضيهم ممثلة بمنطقة الأبارة المجاورة للرييم فحدث الإنجاز، وبدأ الحلم يتحقق وترى الرييم ضوء السيارات بداخل أراضيها وطموحاً لتنفيذ مبادرات أخرى كانت مرتبطة بالطريق رغم عدم اكتمال الحلم.
من قبل عانى أبناء تلك المناطق المرارة ولازالت بعض قراها في معاناة متواصلة لعدم وصول الطريق إليهم بسبب قلة الماديات ولكن لسان حال الجميع يقول (نصف المعاناة أفضل منها كاملة) وبعزيمة أبناء العزلة ستستمر المبادرة لتطال الجميع من أبناء الرييم.
ختاماً الجميع عازمون بصنع مستقبل حضاري تنموي يكون لهم كلمة، وما تصنعه تلك المنطقة ليس الا تجسيداً لقول الله تعالى (كأنهم بنيان مرصوص) ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) وشبك أصابعه صلى الله عليه وآله وسلم، ما ينجزه أبناء اليمن مفخرة للأحفاد وإدلال لعظمة الأجداد.
المستقبل قادم حتماً وليس له تأخير فعقارب الساعة بدوران مستمر، ولكن السؤال هل سيكون لليمانيين بصمة؟ نعم بمثل هذه المبادرات تعطي الجميع الثقة أن اليمن قادم بكل ثقله للعبور لحياة كريمة يعيش جميع أبناءه بظل الكرامة والبناء والتطوير ويعاد للأحفاد مجد الأجداد.