كثيرا ما يعرج السيد عبدالملك الحوثي في دروسه ومحاضراته وكلماته التي يلقيها في مختلف المناسبات إلى التعرض وطرح قضايا ذات أهمية وبعد سياسي واجتماعي، بيد أن تلك الموجهات لقائد الثورة يتم التغافل عنها ولا تتم ترجمتها إلى خطط وأهداف واضحة يعمل بها ويلمس أثرها المواطن، فدرسه الحادي عشر من وصايا الإمام علي لابنه الحسن في يوم الأربعاء 5 يوليو الموافق 17 ذي الحجة 1444هـ ونشر في صحيفة “الثورة” يوم الخميس 6 يوليو كان عن الظلم، واختيار السيد موضوع الظلم تحديدا ليكون عنوان درسه كان اختيارا مقصوداً لما لذلك من أهمية وخطورة بالغة على الراعي والرعية، وهو ما استوقفني ورأيت أن الأمانة الكتابية تحتم عليَّ أن أطعم هذا الموضوع بما يفيض عليَّ الواجب وأسلط ولو جزءاً بسيطاً من الضوء عن الظلم ..
فلن تنهض اليمن ويتحقق للشعب التغيير الجذري للأفضل إلا في ظل تطبيق عدالة القانون بين الناس دون تفريق، فالعدل أساس الحكم بل هو الحكم، وبدون العدل ينتشر الظلم، ويفسد المجتمع، وتتضرر المصالح العامة والخاصة، فالدين الإسلامي وحده قد كفل للمسلمين حياة كريمة إذا ما طبق شرع الله كما أنزل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه ،آله وسلم، فالتعسف الاجتماعي والمحاباة والمجاملة يؤديان بالضرورة إلى الظلم، وتقاعس المسؤولين في أداء واجباتهم الوظيفية وخدمة المواطنين واستغلال تلك المناصب للتكسب والربح الشخصي يؤدي للظلم واستغلال نفوذ المتنفذين ممن يحسبون أنهم أقوياء ومراكز السلطة التي يملكونها في الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر تمنحهم حق البسط والاستيلاء على أراضي الناس والدولة عنوة وبدون وجه حق، هذا أيضا من المظالم التي تنفر الناس من الراعي وتبغضهم فيه ..
إن إصلاح حال المواطنين وإصلاح نظام الدولة لن يكون إلا برفع الظلم عن كاهل المواطنين، ونشر العدل واحقاق الحق، وهذا مرهون بتوفر القيادات المخلصة التي تدير شؤون الحكم في كل أجهزة الدولة وسلطاتها المختلفة، كما يجب أن لا يترك الحبل على الغارب للانتهازيين والوصوليين وأصحاب نظريات التخريب ليهدموا الدولة والمجتمع معا من أجل مصالحهم الرخيصة المبنية على حساب الأمة، ففي العدل الخلاص والنجاة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق..
إن المعايير الأساسية التي جاءت بها الأديان كانت وسيلة لدروب الهداية الحياتية للإنسان، وليست للعبودية وسيطرة الحاكم وأعوانه على المحكومين.. فينبغي على ولاة الأمر الانتباه لموازين الحق والعدل وفق معايير الدين الإسلامي لا وفق معايير إنسانية الإنسان وأهوائه ورغباته وشهواته، فمعايير حكم الناس لا يستوي إلا إذا كان على الصراط المستقيم.. حكما إيجابيا بعيداً عن خلفيات الذات وتصوراتها الخاصة الخاطئة، كما أن حكم الدولة اليوم هو ثورة فكرية اجتماعية معاصرة في مناهجها وخططها وليست أفكارا متخلفة مبنية على آراء وأهواء البعض.. فوصايا الخالق التي ذكرت في سورة الأنعام الآية “151-153 ” يجب أن لا تخرق أبدا لأنها حجر الأساس في بناء الحياة الإنسانية للبشرية جمعاء، فالظلم آفة تأكل الدولة والمجتمع كما تأكل النار الحطب ..