من تونس بو عزيزي إلى يمن الحبيشي.. ماذا جرى؟!

عبدالله الأحمدي

 

يُقال: من السهل أن تكون ثائراً، لكن من الصعب أن تحافظ على الثورة والموقف الثوري.
التونسي البو عزيزي أشعل ثورة بدمه، حين أقدم على إحراق جسده بصب البترول عليه؛ احتجاجا على صفعة وجهتها له شرطية تونسة.
كان البو عزيزي يمتلك عربة خضار في أحد شوارع مدينة تونسية يعتاش منها، لكن تلك الشرطية منعته من مزاولة البيع، ووجهت له صفعة أحرقت دمه.
عبده علي الحبيشي كان يمتلك بسطة بيع حزامات في مدينة الشيخ عثمان في عدن، يعتاش منها، ويعيش أولاده. وحين أقدمت قوة أمنية تابعة للانتقالي على إحراقها، قام الحبيشي بإحراق نفسه بصب البترول على جسده أمام المجلس المحلي لمديرية الشيخ عثمان.
البو عريزي أنصفه الشعب التونسي بثورة امتدت من مغرب الوطن العربي إلى مشرقه، لكن الحبيشي لم ينصفه أحد، بل إن مستشفيات عدن رفضت استقباله للعلاج!!
قضى الحبيشي مظلوما في بلد اعتاد على تقبل المظالم والقهر.
الحبيشي حاول أن يتجاوز الحالة السائدة في البلاد، لكن الناس خذلوه.
كان يعتقد إنه بدمه سوف يقهر الظلم بعد موته، ويشعل ثورة تغير الأوضاع التي أوصلت الناس إلى هذا المستنقع، لكن القهر والظلم كان قد سبقه إلى قتل الروح الثورية والكفاحية في كثير من النفوس.
مات الرجل مقهورا، بل إن كثيرا من المقهورين كانوا قد سبقوه إلى الموت؛ ليس الموت الجسدي، بل موت الروح والكرامة التي تدفع الناس إلى مقاومة القهر والاستبداد والعصابات المتحكمة في البلاد والاحتلال الجاثم على صدور الناس.
الانتحار هو تسجيل موقف رافض لما يجري في المحيط الاجتماعي، لكنه موقف سلبي واستسلام لا يغير من الأمر شيئا.
كان على الحبيشي أن يتحول إلى انتحاري في وجه الظلم والقهر الذي يطحن البلاد.
الظالم والمحتل لا يهمه من انتحر، أو من عاش، بل يهمه بقاء الأوضاع كما يريد. الانتحار السلبي لن يغير الواقع. ما يغير الواقع هو المقاومة الإيجابية التي توقف الاحتلال وعصاباته عند حدودهم، وترغم الاحتلال على الانسحاب والرحيل، وترك البلاد وما عليها لأهلها.
ابن المنتحر الحبيشي هو الآخر اعتصم وحيدا أمام مجلس محلي الشيخ عثمان مطالبا بإنصافه؛ وأقلها تعويضهم عن البسطة التي نهبت، وأحرقت من قبل عسكر العصابات، لكن الولد لم يجد إنصافا من أحد. ولم يجد من يقدم له العون القانوني في مظلومية انتحار والده وإحراق بسطة معيشتهم.
ظهرت صورة ابن الحبشي والحزن والأسى يملآن عينيه؛ وجبال من القهر تجثم على صدره.
يا بو يمن بلادكم في خطر؛ العصابات تسرح وتمرح وتعربد في طول البلاد وعرضها محمية بقوة الاحتلال؛ تقتل هذا وتنهب ذاك، وتهتك الأعراض دون مساءلة.
مئات القضايا من قتل وهتك ونهب، وتقطع اقترفتها العصابات. ولم يقدم مجرم إلى محاكمة.
يقتل صاحب عربة الموز. ويقتل صاحب محل الشعير. ويقتل عامل في بوفيه لأنه تأخر عن إنزال الطلب. ويقتل مسافر، أو سائق عربة لأنه رفض، أو تأخر في دفع الإتاوة لقاطع طريق.
الفوضى تتسيد المحافظات المحتلة وقوى الاحتلال والإرهاب هي المستفيد الأكبر من الفوضى والقتل والنهب.
أي جنان هذا الذي يتحكم بهذه الكائنات التي تقترف مثل هذه الجرائم ؟!
عصابات منحطة لا تمتلك أي قيم. جماعات سافلة قام العدوان والاحتلال بتجميعها من السجون والشوارع، وتسليحها لتقوم بقتل الناس ونهب ممتلكاتهم نيابة عن الاحتلال.
نشر الاحتلال كل المساوى من طائفية ومناطقية ومذهبية؛ وأجج الشارع ضد الآخرين؛ من أجل أن يقتتل اليمنيون فيما بينهم، حتى يخضعوا لمشاريعه الاستعمارية، ويسلموا أمرهم لأجندات الاحتلال وعصابات القتل والفوضى والإرهاب..

قد يعجبك ايضا