في أيام العيد تزدهر الأنفس بالمحبة، وتصفو المشاعر بالتسامح وتغتسل الأفئدة بالمودة وتبوح بالأجمل والأصفى والأنقى بين الناس، فالعيد يعني الفرحة وطلب المزيد من السرور والبهجة وهذه الترادفات دليل على ميل الإنسان لما يورث السعادة للنفس ويجلب الارتياح للقلوب والأجساد.
وبما أن العيد بهجة وفرحة، من الأهمية استغلالها بالتسامح، فأصله وجوهره مناسبة من المناسبات الدينية والاجتماعية تحتفل بها الأمتين العربية والإسلامية قاطبة في كل زمان ومكان، وعلى مر العصور والأجيال، لما لها في النفوس من آثار محببة ومشاعر طيبة تعبر عن سعادة في القلوب، وغبطة في الصدور، وفرحة ترتسم على كل الوجوه تتمنى عيدا سعيدا.
والعيد في اللغة اسم لكل ما يعتاد، بمعني كل يوم يكون فيه اجتماع، ومن العادة لأن الناس اعتادته، ويعني أيضا على كل شيء يعود ويتكرر كل عام بالفرح والسعادة والإسلام شرع عيدَين سنويين فقط جعلهما من شعائره الكبرى وربطهما بركنين عظيمين من أركان الدين الخمسة، وهما عيد الفطر في نهاية شهر الصيام (رمضان)، وعيد الأضحى في وسط موسم الحج تاليا ليوم عرفة .
عيد الأضحى له روحانية خاصة، فمن خلاله يتم متابعة حجاج بيت الله الحرام وهم مجتمعون في مكان واحد أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة يجتمعون في جو روحاني بهيج يرفعون أكف الضراعة إلى الله عز وجل بالدعاء.
وعيد الأضحى يحرك بتكاليفه المتعددة من شراء ملابس وحلويات ومكسرات ومشروبات ومواد غذائية ومستلزمات أخرى كثيره كل الأسواق التي تشهد تنوعا في المنتجات والسلع والخدمات المعروضة الخاصة بهذه المناسبة ،كما تنتعش مهناً مؤقتة تدوم أياماً أو أسابيع، نتيجة القيام بشعائر العيد التي تعزز من فرص الأنشطة الاقتصادية الموسمية لكثير من الأعمال التي باستطاعتها تطوير الخدمات المرتبطة بهذه الشعيرة ، فالكل يرغب في شراء كل المتطلبات لأفراد أسرته، أما مؤشرات الأسعار عادة ما تكون مُتفاوتة تتسم بالارتفاع النسبي ويعود ذلك غالبا إلى عامل العرض والطلب كما انه مرتبط بسلوك التجار الذين يعتبرونه فرصة لبيع بضائعهم، حيث يزداد الإقبال أيضا وبآلية تسعير استثنائية التي لا تتعلق فقط بهوامش الربح، بل تتعلق أيضا بالقيمة المتصورة لهذه المناسبة نتيجة وجود شعور بالأهمية النسبية لها رغم أن سقوف ميزانية الأسر تشكو من الضغوط عليها والخيارات أمامها محدودة إلا ذلك لا يمنعها من التعايش مع المتغيرات وإعادة ترتيب الأولويات والاتزان من خلال ضبط وقياس الاحتياجات الضرورية وفق حجمها الحقيقي وبعيدا عن التكلفة وبالتالي الاقتصاد في استهلاك الأسرة.
أما الأمر الآخر، فهي الأضحية التي تتعلق بقطاع الثروة الحيوانية، حيث تصل تجارة الحيوانات في عيد الأضحى إلى ذروتها، ويولِّد الطلب المتزايد على الماشية في هذه المناسبة الكثير من الفرص الاقتصادية في المناطق الريفية، فتعتبر الثروة الحيوانية مصدرًا رئيسيًا للدخل لسكان المناطق الريفية.
كما يزداد الإقبال على مدن ومحال الألعاب التي تفتح أبوابها لاستقبال زوار العيد خاصة الأطفال، ويعتبر أصحاب مدن الملاهي موسم العيد ذروة عملهم خلال العام، ويستعدون له .
بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي، هناك أيضا فوائد اجتماعية في عيد الأضحى، يتمكن الكثير من الأفراد والذين لا يستطيعون تناول اللحوم طوال العام، الاستفادة بهذه البركة في عيد الأضحى، إذ تقسم الأضحية إلى ثلاثة أجزاء: ثلث للفقراء والمحتاجين، وثلث آخر للأقارب والأصدقاء والجيران، وتحتفظ الأسرة بالثلث المتبقي، إضافة إلى أضاحي الخير والصدقات التي توزع على الفقراء مباشرة .
كما يزور الأهل والأقرباء والأصدقاء والجيران بعضهم بعضاً ويتقدمون بالتحية الخالدة: كل عام وأنتم بخير، وتدب في الحياة الاجتماعية روح جديدة دافئة، فتدور الأحاديث الحانية، ويعبر القلب، قبل اللسان، عن الأماني الطيبة، والأطفال بحركاتهم وألعابهم وملاعبهم ووجوههم الصبوحة يضفون على الوجود إشراق، وبضحكاتهم العذبة يجعلون الدنيا جذلى وحلماً جديراً يستحق أن نحيا جميع تفاصيله لأنها تدفع إلى تغيير نمطية ورتابة الحياة لتبقي وتستمر أعيادنا عبادة وسعادة.
باحث في وزارة المالية