
توفر العمل اللائق والكريم وسيلة مثلى لتمكين الأفراد اقتصادياٍ في ظل بيئة تنافسية مشحونه يتضاعف ضغطها باستمرار على العمال لأداء المزيد في وقت أقل وبأجر أدنى.
ووسط هذه البيئة الصعبة تبقى حقوق العمال وإنتاجيته على المحك ضمن سلسلة طويلة من القضايا الشائكة بين أطراف العمل الثلاثة المعروفة بالعمال وجهات العمل والوزارة الحكومية المختصة بهذا الشأن.
ومع احتفال الجميع بعيد العمال الأول من مايو تظل المشكلة قائمة في سوق العمل المحلي الذي يكتفي المنتمون إليه بالاحتفال وتجاهل ما يعانيه من تكدس كبير لكتل بشرية عاملة بلا مهارات.
يقول عمار محمد السهلي مدير البرامج التدريبية في المؤسسة الدولية للتعليم التنموي : نتحدث كثيراٍ ونعمل أقل ما يمكن إنجازه في بيئة متخمة بكوادر بشرية غير منتجة ومؤسسات أعمال غير قادرة على تطوير أدائها ورفع مستوى إنتاجيتها وبالتالي التأثير على سوق العمل لمواكبة التغيرات المتلاحقة التي يمر بها.
وبحسب السهلي فإن مشكلتنا الرئيسية تتمثل بانتشار الأيادي العاملة بأعداد غفيرة بدون مهارات وبالتالي هناك العديد من المشاكل الناتجة عن هذا الأمر سواء المتعلقة بأطراف العمل أو التأثيرات المزمنة التي نعاني منها وأهمها توسع رقعة البطالة.
ويرى أن المشكلة تتمثل أيضا في المؤسسة التعليمية التي تنتج سنوياٍ مخرجات نظرية غير مؤهلة ولا يحتاجها سوق العمل.
مسار
بحسب الباحث الاقتصادي والاستشاري في التنمية الإدارية الدكتور جلال الدميني فإن غياب الفنيين المهرة يضعف القدرات الإنتاجية والتطويرية لمختلف الأعمال والقطاعات الصناعية والإنتاجية في اليمن.
ويرى أن هناك أهمية للاهتمام بالتعليم الفني والمهني باعتباره أهم مسار لإيجاد عمال فنيين مهرة يساهمون في القدرات الإنتاجية لقطاعات الأعمال وإعداد الكفاءات البشرية الوسطية في مختلف المجالات بالموازاة مع مسار آخر لتحسين بيئة العمل لجعلها أكثر انفتاحاٍ داخلياٍ وخارجياٍ .
ويؤكد الدكتور الدميني على أهمية تفعيل أساليب التحفيز المادي والمعنوي وكذا مسار توعوي للتصدي لنظرة المجتمع الضيقة تجاه التعليم الفني والمهني والتخصصات المرتبطة بالإنتاجية والأعمال الحديثة بالإضافة إلى تنويع الأنشطة والخدمات الاجتماعية.
تنمية
يشير الدكتور جلال إلى أن العامل غير المؤهل والذي لا يحمل أي مهارة ليس له مكان في سوق العمل الذي يشهد تطورات جذرية مختلفة لافتا إلى أن هذه التطورات ترتبط بما يشهدة العالم اليوم من ثورة معرفية نتيجة للتقدم التقني والمعلوماتي السريع º ولهذا فإن تنمية رأس المال البشري ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة من خلال التركيز على الفرد المتعلم القادر على التوافق مع هذا التقدم العلمي والتقني وتغييراته المستمرة والمساهمة في عمليات الإبداع والابتكار.
وعلى الرغم من الاهتمام بالتعليم بمختلف مراحله ومستوياته التعليمية وخصوصا التعليم الفني والمهني باعتباره رافداٍ مهماٍ للتنمية الشاملة حيث يعمل على إعداد الكفاءات البشرية الوسطية في مختلف المجالات ويسد حاجة الأعمال من التخصصات الفنية المتعددة º إلا أنه بحسب الدكتور جلال لا يزال يعاني من قلة الإقبال على المعاهد الثانوية الفنية حيث يفضل الطلاب التعليم الثانوي العام على هذا النوع من التعليم وقبول المعدلات المتدنية مما يؤدي إلى ضعف مستوى مخرجاته ونظرة المجتمع الضيقة للتعليم الفني والتدريب المهني وقلة توافق مناهج التعليم الفني مع متطلبات سوق العمل المتجددة وكذا غياب النظرة التدريبية لتأهيل المخرجات التعليمية بشكل عام في التخصصات التي يحتاجها سوق العمل.
ارتباط
المشكلة تتفاقم من عام لآخر نتيجة الضخ المتواصل لمخرجات تحمل نفس التخصصات سنوياٍ والتي قد عفا عليها الزمن وأغلبها تخصصات ذات طابع نظري بحت ليس هناك حاجة لها والمسألة لا تعدو كونها عبثاٍ متواصلاٍ بالتعليم والتنمية البشرية.
ويتطرق استاذ ادارة الأعمال بصنعاء الدكتور منصور عبدالواسع إلى العديد من الأشياء المرتبطة بالأجر والأوضاع المعيشية وعدم التأهيل والتدريب والاختلالات العديدة في بيئة عمل صعبة وقاسية ومنها تأتي مشاكل أخرى مرتبطة بشكل أو بأخر بهذه الحلقة المفرغة التي يتم تذكرها فقط بحلول الذكرى السنوية لعيد العمال.
وتتضمن هذه التأثيرات بحسب الدكتور منصور العديد من الحقوق المهدرة التي يعاني منها العامل اليمني منها مشكلة العقود والفصل التعسفي الذي يتم بدون حصول العامل على حقه بالإضافة إلى أهمية العقد في تضمين كافة الإجراءات والمعاملات في العلاقة بين العامل وجهة العمل بما فيها تحديد فترة الدوام .
ويشير إلى انعدام الرقابة الرسمية على بيئة العمل والشركات بحيث يكون هناك وسائل رادعة تحفظ كرامة وحقوق العامل وإلزام هذه المؤسسات بالاهتمام بالعامل من خلال التدريب والتأهيل لرفع قدراته والمساهمة في زيادة إنتاجية مؤسسات الأعمال.
