تتواصل المآسي والأحزان والآلام ، وتتوالى المصائب والصدمات والفجائع ، وتنقلب الفرحة والسعادة الى أوجااااع ، بتدفق أخبار الموت التي نزلت علينا كالصاعقة برحيل الصحفي المخضرم إبراهيم عبدالرحمن سليمان المعلمي ، تلك الشخصية الوطنية الفريدة والمثقف الواعي والإنسان النبيل والصحفي المتألق الذي كان لنا شرف العمل معه في صحيفة الثورة، كأحد النجوم المضيئة في سماء الإعلام اليمني.
إبراهيم المعلمي ، رجل مبدع وشخصية مميزة يملك من الكفاءة والخبرة والمهنية والثقافة والعقلية الناضجة والحكمة والذكاء والفراسة والقيم والأخلاق والتواضع والبساطة والكاريزما ما يفتقد اليه الكثير من رجال الإعلام والصحافة والمثقفين في مؤسسة الثورة للصحافة وغيرها من المؤسسات الصحفية ، لتلك السجايا والمُثل الإنسانية النبيلة.
إبراهيم المعلمي رجل عصامي من أسرة علم ، ينحدر من مديرية عتمة التي تُعتبر آية في الجمال والإبداع الرباني الذي يعكس جمال الإنسان وروح وطيبة وأصالة إبراهيم المعلمي وكافة آل المعلمي ، الذي شق طريقه عن طريق بوابة العلم وسيرته العطرة ومسيرته الحافلة بالعطاء والإبداع والتنوع الثقافي والمعرفي ومواصلة الدراسة والتحصيل العلمي والحصول على شهادة الماجستير في الصحافة من جامعة براغ بجمهورية التشيك في العام 1989م ، الذي أتاح له فرصة الالتحاق بصحيفة الثورة عام 1991م.
وبمهنيته وقدرته وكفاءته تم تعيين الزميل العزيز إبراهيم المعلمي ، مديرا لإدارة التحقيقات بصحيفة الثورة عام 1992م ، ثم مساعد سكرتير التحرير 1996م ، وبتألقه في العمل تم تعيينه سكرتيراً لتحرير الصحيفة في عام 2000 ، وترقى الى نائب مدير تحرير صحيفة الثورة في 2004م ، ثم مديراً للتحرير في العام 2011 ، ثم صدور قرار جمهوري بتعيينه مستشاراً للصحيفة عام 2013م ، كما تم تعيينه سابقاً مديرا لتحرير صحيفة الوحدة ومجلة معين.. كل تلك المناصب والمسؤوليات الكبيرة رغم المخاطر وحساسية العمل والخلافات الروتينية في العمل الصحفي، لم تزده الا تواضعاً ونجاحاً وثقة وسمعة وحزماً واحتراماً لجميع الزملاء وتطويراً للعمل الصحفي ، بعيداً عن آفة الحزبية والشخصنة، ما جعله جديراً بالاحترام على مستوى السلطة العليا وزملاء المهنة والوسط الاجتماعي.
وفي خضم العواصف السياسية والمآسي الاجتماعية والزوابع الاقتصادية والأوضاع الصحية التعيسة وغياب دولة المؤسسات وانقطاع الرواتب وتهميش المبدعين وطغيان الظروف المعيشية ، رحل الصحفي المخضرم إبراهيم المعلمي عن دنيانا الفانية بكل هدوء الى جنة الخلد قرير العين، بعد ان كتب آخر جملة له على قيد الحياة، مودعاً الجميع على صفحة فيسبوك بقوله :
” بعد قليل سأذهب لغرفة العمليات لإجراء عملية القلب المفتوح.. دعواتكم”.
ذهب إبراهيم المعلمي الى المستشفى لإجراء عملية القلب المفتوح مودعاً كل الأحباب وهو في مقتبل العمر وسيرته الناصعة البياض ، لكنه كان أقرب إلى الرفيق الأعلى الذي اختاره الله ليكون الى جواره ، رحمة به ، من مستشفيات الموت وصروف الحياة وضربات القلب المؤلمة وجحيم المستشفيات وغياب الرقابة وانعدام الضمير ، ورغم ذلك الرحيل المبكر والهادئ والحدث الصاعق ، الا ان إبراهيم المعلمي ، مازال وستظل شخصيته منقوشة في ذاكرتنا وتواضعه وبساطته ووفاؤه وصورته وابتسامته محفورة في قلوبنا.
يرحل الطيبون والأنقياء والأتقياء والصالحون والشرفاء والمتفوقون والمبدعون والمتالقون والكفاءات بكل هدوء وقناعة ورضا وإيمان إلى الرفيق الأعلى، من باب ان الموت حق ولا راد لقضائه ، وغالباً نتيجة لإهمال الكوادر الوطنية الشريفة والنسيان المتعمد والإقصاء المبرمج وسياسة خليك في البيت والافقار والتجويع ، رغم مرارة الحياة وقساوة المعيشة ومشقة العمل ونكران الجميل دون ان يشعر البعض بالمسؤولية والعدالة، وان كل نفس ذائقة الموت.
أخيراً.. رحل الأستاذ العزيز إبراهيم المعلمي بعد حياة حافلة بالعطاء والإبداع والسيرة العطرة والمسيرة الناصعة البياض ، عزيزاً ، كريماً ، شريفاً صامداً مناضلاً على أسرته وأولاده وصحيفته ومؤسسته كالنجوم الساطعة..
الرحمة والرضوان لأستاذي العزيز إبراهيم المعلمي ، فكم كنت لي عوناً وسنداً في العمل الصحفي وتقديم النصيحة وتشجيعي ومراجعة مقالاتي وأخباري التي كنت تقول : يا احمد .. أسلوبك رائع .. دوام على الكتابة والقراءة ومازال صدى ورنين تلك النصائح الأخوية محفورة في الأذن ومنقوشة في القلب.