الهروب المذُل..11 فبراير 2015 تاريخ فرار الأمريكيين من العاصمة صنعاء

فرّ المارينز بدون سلاح مجردين من الأسلحة وصحف أمريكية وصفت ما حدث بانتكاسة السي آي إيه

 

الثورة /
في 11 فبراير 2015 م ، طوت اليمن صفحة سوداء من الوصاية الأمريكية التي استمرت عشرات السنوات ، آنذاك- وفي فجر يوم الأربعاء 11 فبراير 2015م، خرجت حوالي 40 سيارة من مقر السفارة الأمريكية في منطقة شيراتون بالعاصمة صنعاء، باتجاه مطار صنعاء، كانت هذه السيارات تحمل العدد الأخير من المارينز الأمريكي ، وضباط وعناصر السي آي إيه ، ومعهم السفير الأمريكي الأخير ماثيو تولر ، حينها كانت رويترز والبي بي سي والسي إن، ووكالات الصحافة الغربية قد نشرت في اليوم السابق أخباراً تفيد بأن السفير الأمريكي سيغادر صنعاء ، جاءت المغادرة، بعد حديث متكرر من مسؤولي الإدارة الأمريكية بدأ منذ يناير 2015 ، بأن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بتقليص عدد موظفيها وعناصر القوات الخاصة المارينز والسي آي إيه في اليمن ، أما أسباب المغادرة وتفاصيلها فهي كثيرة.
وقد جاء خروج الأمريكيين النهائي من العاصمة صنعاء بعد خمسة أيام من الإعلان الدستوري الذي أعلنته اللجنة الثورية في العاصمة صنعاء ، بتاريخ 6 فبراير 2015 م ، والذي رأت فيه الإدارة الأمريكية خطرا تمثّل في سد الأبواب أمام أجندتها التي حاولت فرضها منذ انتصار ثورة 21 سبتمبر ، وقد كان الأمريكيون يدركون بأنهم وصلوا إلى طريق مسدود وأن الوصاية السياسية والسيطرة العسكرية والأمنية على اليمن قد سقطت بفعل ثورة 21 سبتمبر ، وقد عبّر السفير الأمريكي عن ذلك مراراً وسنتحدث عن هذه النقطة بالتفصيل.
لم تكن السفارة الأمريكية في صنعاء عبارة عن مبان دبلوماسية، بل وكر استخباراتياً وثكنة عسكرية ومقراً للحاكم المطلق على اليمن ، السفير الأمريكي الذي كان يقرر ويمارس دور رئيس الرئيس ، أما السفارة الأمريكية فلم تكن مجرد سفارة ، بل كانت عبارة عن ثكنة عسكرية واستخبارية ، وكانت أيضا مركزا لصنع القرار السياسي في اليمن ، وتوضيح لحجم التواجد الأمريكي الذي كان قائما.

السفارة مقرا للحاكم الأمريكي على اليمن
كانت حادثة المدمرة كول في أكتوبر من العام 2000 م ، محطة ذرائعية للتوجه الأمريكي نحو احتلال اليمن بمبررات التحقيق في الحادثة التي أنكرت السلطات اليمنية بداية أنها عمل إرهابي، مؤكدة أن التفجير كان من داخل المدمرة ، لتتراجع بعد أيام وتقبل براوية الأمريكيين بأن التفجير إرهابي ، وهنا بدأ مسار عسكري وأمني وسياسي بمبررات التحقيق وملاحقة المتهمين.
وجاءت تفجيرات 11 سبتمبر 2001 لتضيف إلى المبررات الأمريكية ذريعة مكافحة الإرهاب، بدأ التغلغل الأمريكي بمبرر المشاركة في التحقيقات حول المدمرة كول ، ثم تدرجت بمبرر الحق في محاكمة المتهمين ، ثم تنفيذ عمليات عسكرية بواسطة الطائرات بدون طيار ، وبعد 11 سبمتبر روجت الإدارة الأمريكية بأن في اليمن إرهابيين لتفرض ضرورة تواجد عناصر المارينز في اليمن وحضورهم وتنقلهم دون أي إجراءات ، علاوة على تواجد ضباط رفيعي المستوى من السي آي إيه الذي حل بدلاً عن الإف بي أي.
في العام 2001، عينّت الإدارة الأمريكية بعثة جديدة بقيادة «أدموند هول» الذي عينته سفيرا لها في صنعاء حينها ، كان ادموند هول ــ أحد من تم اختيارهم بعناية لتعميق الوصاية الأمريكية ــ فهو عنصر أمني تخرج من دوائر الاستخبارات الأمريكية ، هذه البعثة بدأت مشوارها برسم السياسة الأمنية والخارجية للنظام في صنعاء ، حددت الخطوط العامة لما يجب أن تلتزم به السلطة هنا ، وفرضت مسار التدخلات الأمنية والعسكرية والتواجد أيضا في اليمن.
عمل هول على خلق موطئ قدم للقوات الخاصة الأمريكية المارينز في اليمن، وعلى تواجد الاستخبارات المركزية الأمريكية أيضا ، بذريعة ملاحقة الإرهابيين والمتهمين في كول.
وعمل السفير الأمريكي نفسه في مسار خطير جداً ، على التغلغل في أوساط القبائل ، والنزول إلى المناطق ، وخلق حواضن للتكفيريين في المناطق القبلية ، وبالأخص التي يوجد فيها عناصر ممن أطلق عليهم الأفغان العرب.
أصدر هول كتاب High-Value Target (هدف عالي القيمة)، يروي فيه دوره في اليمن ، ويكشف هول طبيعة عمله ، الذي لم يكن مقتصراً على تمثيل دبلوماسي، بل كان رئيس الرئيس على المستوى السياسي والعسكري والأمني.
في الثاني من نوفمبر 2002م، نفذت أمريكا في مارب أول عملية اغتيال لأبو علي الحارثي، أحد الذين أطلقت عليهم أمريكا «المتهمون بتفجير المدمرة كول» ، لتسجل سابقة أولى لانتهاك السيادة كأول عمل عسكري تنفذه أمريكا خارج أفغانستان وقبل العراق طبعا.
أعد السفير الأمريكي هول نفسه خطة للهجوم على سيارة أبو علي الحارثي في مأرب، بعد أن قام بعدة زيارات إلى مارب ، لجمع المعلومات والإعداد للهجوم.
شعار مكافحة الإرهاب والحملات الأمريكية تحت عنوان «وجود إرهابيين في اليمن» ، جعل السفير أدموند يتحرك على نطاق واسع في اليمن ، وفي الرابع من يونيو 2004م قام هذا السفير بزيارة إلى محافظة الجوف، بغرض شراء الأسلحة ، وهو أمر تكرر منه ومن السفراء الذين أتو من بعده.
في مرحلة لاحقة برز دور السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين 2010 – 2013م، المعروف بعمله كضابط في البنتاغون ومسؤول في مكافحة الإرهاب الأمريكية ، برز كرئيس الرئيس ، ورئيس الحكومة ، ورئيس الأحزاب ، ومسؤول السلطة ، ومشرف المعارضة ، بل وأيضا المشرف على علاقات اليمن مع الخارج وعلى أداء المبعوث الأممي الذي تعين إبان ثورة فبراير ، وهو من صاغ المبادرة الخليجية ، ومن فرض هادي رئيسا على اليمنيين ، وهو من كان يتحكم بكل التفاصيل في اليمن.
وخلال فترة وجوده تعزز التواجد الأمريكي لضباط المارينز ، وكان يشرف على عملية هيكلة الجيش ، ويتحدث كما لو كان ناطقا باسم اليمن.
لم تكن مجرد سفارة تمثيل دبلوماسي، بل مقراً للحاكم الأمريكي في اليمن ، وكانت ثكنة عسكرية وأمنية واستخبارية أمريكية ، وكانت السفارة المحطة الإقليمية لوكالة المخابرات المركزية السي آي إيه والعاصمة الإقليمية للسي آي إيه التي تختص بالقرن الأفريقي ومنطقة الخليج ، وكانت تدير الجيش والأمن وحتى الأحزاب والقرار السياسي من السفارة الأمريكية.

السفارة ثكنة عسكرية مدججة بالأسلحة
أرسلت وزارة الدفاع الأمريكية ألاف الضباط الأمريكيين في صنعاء في معسكرات الجيش اليمني بحجج أن تواجدهم على الأرض لمواجهة الإرهاب ، وبحجج تدريب القوات العسكرية ، وبحجج التعاون العسكري.
بعد حادثتي كول ، ثم 11 سبتمبر ، بدأت وفود الجنرالات والخبراء والعملاء الأمريكيين يتقاطرون صوب العاصمة صنعاء ، ثم يتوزعون على المعسكرات التابعة للجيش ، فنزلت أولى الفرق في معسكر القوات الخاصة في الصباحة ، ومع وصول أول وفد أمريكي عسكري ، طرح الأمريكان «ضرورة وضع ترتيبات تواجد قوات العمليات الخاصة والـ CIA في اليمن وتوثيق الاتصال مع القوات الخاصة اليمنية والأمن السياسي.
في الوقت نفسه كان هناك أكثر من فريق أمريكي، الفريق الأول الادميرال كالند في القوات الخاصة، وفريق خاص بأمن الرئيس وفريق ثالث يعمل مع وزير الداخلية من أجل إجراءات الحماية في المطارات، كان السفير الأمريكي في اليمن في كل هذا بمثابة رئيس الرئيس، وبمبرر أن في اليمن إرهابين بدأ وصول وحدات من المارينز الأمريكي، مترافقا مع تواجد الـ CIA، الذي بدأ بتوسيع نشاطاته لتحريك الجماعات التكفيرية، ودفعها لتنفيذ عمليات ضد الجيش.
وقد وصلت مطار صنعاء الدولي والقاعدة الجوية عشرات الطائرات الأمريكية مٌدججة بشحنة من المعدات والأجهزة والتقنيات المجهولة والأسلحة الفردية المختلفة والمتوسطة، والمدرعات المصفحة، ووصلت أخرى تقل العشرات من العناصر الأمريكية من أكثر من جهة وعلى رأسها عمليات القوات الخاصة (المارينز)ووكالة المخابرات المركزية الـ (CIA) ــ بصحبة طرود خاصة بـ تكنولوجيا حساسة، وقد تناولت وسائل الإعلام ذلك قبل ثورة 21 سبتمبر.
تواصل وصول عناصر المارينز إلى صنعاء بكثرة مبررات التدريبات والمساعدات للقوات الخاصة وتطوير العلاقات العسكرية، وفي بداية المطاف قيل أن العدد من المارينز يصل إلى 1000 جندي أمريكي، ثم اتضح أن العدد أكبر من ذلك، وأنه قد يصل لخمسة ألاف جندي من المارينز.
تحول مجمع السفارة الأمريكية في شيراتون إلى ثكنة عسكرية، زاد عدد المارينز الأمريكي في السفارة ومحيطها وفي فندق شيراتون ، إضافة إلى تواجدهم في معسكرات القوات الخاصة في الصباحة ، وفي قوات مكافحة الإرهاب ، واتسع انتشار المارينز بشكل متواصل.
فرضت السفارة الأمريكية أن يتنقل جنودها ببزاتهم العسكرية وبهوياتهم الأمريكية دون تنسيق مع الجهات اليمنية المختصة ، وشوهدت المدرعات الأمريكية وهناك صور وفيديوهات وهي تتجول في مناطق عديدة مثل منطقة بني مطر التي يقع فيها معسكر القوات الخاصة ، توسعت السفارة الأمريكية نتيجة تزايد أعداد الجنود ، وتم التوسع في فندق شيراتون ، وهو في ذات المنطقة التي تتواجد فيها السفارة الأمريكية، وشوهد جنود المارينز يوميا يتجولون ببزاتهم العسكرية ، وكان يتم تصويرهم وهم في سقوف الفندق الذي أصبح قاعدة عسكرية لجنود المارينز الأمريكيين.
باتت السفارة الأمريكية تشهد يومياً لقاءات بين الجنرالات الأمريكيين والسفير ، وبين وزير الدفاع ورئيس الأركان وحتى قادة المناطق وقادة الوحدات العسكرية ، يتلقون تعليماتهم من السفير ، ولولا إنقاذ ثوار الحادي عشر من سبتمبر الموقف ليحقق الوطن استقلاله، الذي انتهى بفرار السفير الأمريكي وطاقم السفارة وبقية جنود المارينز الذين تم تسريبهم على دفعات ، لكنا تحت الاحتلال الأمريكي المباشر.

ثكنة السي آي إيه في المنطقة «دور السفارة الأمني والاستخباري»
منذ عهد السفير الأمريكي أدموند هول 2001- 2004-م ، تحولت السفارة الأمريكية إلى مقر للسي آي إيه ، ووصلت إلى صنعاء معدات أمريكية ضمت محطة لـ CIA بمركز للعمليات المشتركة، بأفضل التقنيات، معدات الاتصالات الآمنة وأجهزة المراقبة والملاحة وأجهزة التنصت، أجهزة مرتبطة بقواعد البيانات المركزية للوكالة للتوصل لاعتراضات سرية للغاية وجمع المعلومات بمختلف الوسائل والمصادر، وقامت بتجنيد مصادر على الأرض، تأسيس مراكز رصد واستطلاع بواسطة عناصر القوات الخاصة، حتى عُد اليمن أحد أهم نجاحات تينيت رئيس وكالة المخابرات المركزية.
فرض السفير الأمريكي أدموند هول على رئيس النظام السابق علي صالح التعهد بتقديم مختلف التسهيلات لـ CIA وأن ما ينفذ في اليمن يستند لأساس سياسي هو لقاء صالح بوش في واشنطن، بالإضافة إلى لقائه بديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي ولقائه بجورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في صنعاء عام 2002م.
بعد حادثة 11 سبتمبر ، ضغطت أمريكا لتأسيس حضورها الأمني من خلال الـ CIA ، ثم شكل محطة أخرى للسيطرة الأمنية ، وضاعفت السي آي إيه من وجودها في القاعدة الأمريكية بصنعاء أو ما كانت تعرف بالسفارة كتسمية دبلوماسية من حضورها ، وتموضعت وكالة التحقيقات الفيدرالية ضمن الثكنة العسكرية الاستخباراتية الأمنية الأمريكية في العاصمة صنعاء «السفارة الأمريكية» ، ووصل ألف عنصر في بداية المطاف ، ثم توالى وصول عناصر المخابرات الأمريكية ، معززة بأولويات الهجوم ، وتحت عناوين مختلفة ، وكانت تصل في شكل لجان وغيرها.
أدخلت أمريكا معدات وشحنات ذخائر وتقنيات وسيارات مدرعة ولوحات خاصة، وتمكنت من بناء محطة السي آي إيه في السفارة ، ومن خلالها سيطرت على البنية التحتية للمؤسسة.
تحولت السفارة الأمريكية في العام 2009 إلى مقر للمحطة الأقليمية لوكالة المخابرات المركزية السي آي إيه ، والمختصة بالقرن الأفريقي والخليج ، وكان يوجد فيها ألاف عناصر السي آي إيه من الضباط والمسؤولين ، والعملاء والمحللين والمتعاونين وغيرهم.
كان السي آي إيه ومن السفارة الأمريكية يُخضع كافة الحركة من وإلى المطارات اليمنية لمراقبتها، من خلال برنامج مراقبة أنشأته أمريكا في السفارة الأمريكية عقب أحداث كول وسبتمبر ، إضافة إلى توليها إجراءات أمن الرئيس ،وأيضا نظام للمراقبة على الإصدار الآلي للجوازات.
كانت السفارة الأمريكية تتحكم في مراقبة الموانئ اليمنية والمنافذ الحدودية ، وقد قامت فرق أمريكية بتركيب أجهزة المراقبة على الموانئ والمنافذ ، على مرحلتين: بدأت الأولى منها في أعقاب وصول فريق أمريكي لتركيب الأجهزة الخاصة وتجهيزات حديثة في المطارات الدولية وحرض وبعض المرافئ في عدن، والمرحلة الثانية شملت الموانئ الأخرى مثل المكلا والحديدة و الخوخة والمراكز الحدودية البرية مع السعودية وعمان، أي أن البرنامج الأمريكي التجسسي شَمل اليمن والمنطقة.
فرضت السفارة على السلطات اليمنية عدم اعتراض الأمريكيين، وعدم مطالبتهم بهوية عملهم والسماح لهم بدخول الجمهورية اليمنية والخروج منها بوثائق الهوية الأمريكية والسفر داخل اليمن برخص وإجازات القيادة الصادرة عن السلطات الأمريكية و السماح أيضا بارتداء الزي العسكري ، وفرضت عدم تفتيش الطائرات والمركبات والسفن و الطرود الامريكية القادمة إلى اليمن، وألغت وجود الحماية المتحركة من قوات الأمن اليمنية ، وإلغاء أي إجراءات تتعلق بتنقل الأمريكيين بين بعض المدن اليمنية ، وقد رصد أعداد من الأمريكيين يتواجدون في مقرات وقوع بعض الحوادث الأمنية والانفجارات.
كان السفير الأمريكي يلتقي القيادات الأمنية لليمن بما فيهم وزير الداخلية، ويوجههم كما لو كانوا مرؤوسيه ، وحدث أن وجه السفير الأمريكية وزير الداخلية بإلغاء إجراءات انتقالات سلسة بين المدن اليمنية وزيارتها بدون إخطار لاستمرار أعمالها بدون مشاكل.
أخضعت السفارة الأمريكية كل أجهزة الأمن اليمنية، والاستخبارات والأمن السياسي والداخلية ، لإدارتها ، وتحكمت في كل تفاصيلها ، وأوجدت لها أماكن داخل مقرات أجهزة الأمن ، بحجة العمل عن كثب مع أجهزة الأمن اليمنية لمواجهة الإرهاب.
جاءت ثورة 21 سبتمبر ، لتضع حداً لتلك العربدة ، وأسقطت الوصاية الأمريكية في الشأن السياسي ، وأسقطت الدور العسكري لها ، والأمني كذلك ، وصرح الأمريكيون مرارا بأنهم فقدوا سيطرتهم وتحركهم وعمليات الارتباط وغيرها في صنعاء ، حتى رحلوا من اليمن في 11 فبراير 2015م ، ولهذا فإن هذا اليوم هو محطة مهمة للتخلص من الهيمنة الأمريكية ، أنجزته ثورة 21 سبتمبر.

تفاصيل الهروب الأمريكي:
في 8 و9 فبراير 2015 م ، شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من جوار السفارة الأمريكية في شيراتون، اتضح أن الدخان كان ينبعث من فرن يجري فيه إحراق وإتلاف للوثائق والملفات ، والملفات الأرشيفية للسي آي إيه الموجود في السفارة ، ونقلت صحف ووكالات عن مصدر بأن الحريق الحاصل هو لعملية التخلص من البيانات الموجودة في أرشيف السفارة الأمريكية.
في 10 فبراير، نقلت قناة البي بي سي والسي إن إن ، ووكالات غربية عديدة ، أن السفير الأمريكي سيغادر مع من تبقى من الأمريكيين خلال 24 ساعة ، قبل ذلك ومنذ 25 يناير ظل المتحدثون الأمريكيون يؤكدون تقليص أعداد موظفيهم والعاملين في السفارة ، وضباط المارينز والسي آي إيه من صنعاء.
كان البنتاغون قد صرح بأن سفينة أيوا جيما وهي سفينة هجومية برمائية وصلت في 25 يناير 2015 إلى سواحل البحر الأحمر ، مع وحدة من مشاة البحرية الأمريكية ، وبقيت مرابطة في سواحل البحر الأحمر بالحديدة ، حسب رويترز التي آنذاك نقلا عن مسؤول عسكري أمريكي إن وحدة من مشاة البحرية الأمريكية تقوم بحماية السفارة، وإن سفينة هجومية برمائية للبحرية – هي السفينة إيوا جيما- راسية قبالة ساحل اليمن على البحر الأحمر مستعدة لتقديم يد العون لإجلاء طاقم السفارة ، وموظفي وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية السي آي ايه صنعاء ، وجنود المارينز في صنعاء ، إذا طلبت وزارة الخارجية الأمريكية ذلك ، أما لماذا أرسلت البنتاغون سفينة بهذا الحجم فالهدف واضح ، هناك ضباط رفيعو المستوى في صنعاء.
استمر الأمريكيون في الرحيل بشكل تدريجي منذ ثورة 21 سبتمبر ، حتى يوم الأربعاء 11 فبراير غادر آخر جندي أمريكي في موكب السفير الأمريكي ماثيو تولر ، ومعه من تبقى من جنود وضباط المارينز وعناصر السي آي إيه ، على متن حوالي 40 سيارة مدرعة من السفارة باتجاه مطار صنعاء ووصلوا إلى المطار.
ولدى وصول المارينز الأمريكي وعناصر السي آيه مطار صنعاء ، حاول جنود المارينز الخروج بأسلحتهم ، لكن أمن المطار أصر على أن يغادروا وفقا للقواعد الدبلوماسية ، وبدون أسلحة فقام الأمريكيون بتحطيم أسلحتهم الشخصية ، وتكسيرها في محيط المطار ، وقد صرّح البنتاغون حينها بأن الجنود قاموا بتكسير أسلحتهم بالمطارق.

انتكاسة السي آي إيه
كانت السفارة الامريكية في صنعاء المقر الأقليمي لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA ، وقد نقلت أمريكا المقر الإقليمي الذي يضم الخليج والقرن الأفريقي إلى العاصمة العمانية مسقط بعد خروج السفارة ومغادرة الأمريكيين ، يقول موقع العربي الجديد ، نقلت “وسائل إعلامية ” عن مصادر سياسية وأمنية أمريكية وثيقة الاطلاع، إن وكالة الاستخبارات المركزية الـ(سي آي أي) نقلت محطتها الإقليمية في جنوب الجزيرة العربية من اليمن إلى سلطنة عمان، بسبب ما وصفته بالظروف الأمنية غير الملائمة في صنعاء، وكانت الوكالة قد أنشأت محطتها في صنعاء في أواخر عهد علي عبدالله صالح، وفقاً لاعتراف صالح نفسه في مقابلة قالها قبيل اندلاع ثورة 2011م ، قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية نقلا عن مسؤولين أمنيين أميركيين حاليين وسابقين، أن الـ”سي آي إيه” أجلت المئات من عناصرها في اليمن، من ضمن حوالي 200 عنصر ، كانوا يعملون من داخل سفارة الولايات المتحدة في صنعاء قبيل إغلاق السفارة.
غادر المارينز الأمريكي وضباط الـ”سي آي إيه” صنعاء فجر الأربعاء الـ”11″ من فبراير ، في صورة تعكس حجم ما أنجزته ثورة 21 سبتمبر من تحول تحرري ، فاتحة عهدا جديدا من القرار السيادي المستقل متحررا من الهيمنة الأمريكية التي تحكم العالم وتمارس الوصاية عليه.
في الـ “12” من فبراير، وبعد يوم واحد من مغادرة الأمريكيين صنعاء ، قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن مسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” وصفوا خروجهم من صنعاء بالانتكاسة الكبيرة ، وأشار المسؤولون إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية سحبت عشرات من العملاء والمحللين والعاملين الآخرين من اليمن كجزء من عملية إخراج أكبر لحوالي 2000 أمريكي كانوا متواجدين في صنعاء، ومن بين من تم إخراجهم ضباط رفيعو المستوى عملوا عن كثب مع المخابرات والأجهزة الأمنية اليمنية لاستهداف أعداء أمريكا في المنطقة.
المسؤولون الأمريكيون أن إغلاق السفارة شمل رحيل أفراد عسكريين وعناصر رئيسية من الـ”سي آي إيه” الذين يعملون في اليمن مع نظرائهم اليمنيين والسعوديين في مركز الوكالة الإقليمي الذي كان مقره في صنعاء ، لاحقا قالت الوكالة الأمريكية “سي آي إيه” إنها لم تتمكن من إنقاذ شبكة استخباراتها التي جمعتها في صنعاء ، وأنها فقدت كل بياناتها ومعلوماتها.
وأفاد مسئولون أمريكيون حاليون وسابقون لصحيفة «واشنطن بوست»، إن إغلاق السفارة الأمريكية في اليمن، أجبر وكالة الاستخبارات الأمريكية الـ»سي آي إيه»، على تقليل نشاطها ، وقالوا إن هذا الإجلاء يمثل انتكاسة كبيرة في العمليات المضادة لفرع تنظيم القاعدة الأكثر خطورة في العالم.
وأشار المسؤولون إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية، سحبت عشرات من العملاء والمحللين والعاملين الآخرين من اليمن كجزء من عملية إخراج أكبر لحوالى 2000 جندي أمريكي، كانوا متواجدين في صنعاء. ومن بين من تم إخراجهم، ضباط رفيعو المستوى، عملوا، في المعسكرات والأجهزة الأمنية اليمنية.
من جانبه، أفاد مسؤول بارز سابق مشارك في مكافحة الإرهاب الأمريكي في اليمن، بأن السفارة كانت تمثل القاعدة الأساسية في اليمن لعمليات المخابرات الأمريكية، ومن جانب آخر، قال مسؤولون أمريكيون، إن وكالة الاستخبارات لم تتمكن من سحب كل عناصر «السي آي إيه» من اليمن، مؤكدين أن «الوكالة» ستحاول إنقاذ شبكة الاستخبارات التي تم جمعها بالتعاون مع اليمن والسعودية والحلفاء الآخرين على مدى السنوات الماضية.
وأقروا بأن الترتيبات الاستخباراتية الأساسية والعلاقات التي تمت إقامتها قد تضررت ، فإغلاق السفارة، على سبيل المثال، شمل رحيل أفراد عسكريين وعناصر رئيسة من عملاء «السي آي إيه» الذين عملوا في السنوات الأخيرة مع نظرائهم اليمنيين والسعوديين في مركز مكافحة الإرهاب في العاصمة صنعاء.
ونشرت وكالة المخابرات الأمريكية فرقاً من نشطاء ومحللين في اليمن، كما بنت قاعدة جوية من أساطيل للطائرات بدون طيار في المملكة العربية السعودية، والتي نفذت من خلالها عشرات الهجمات ضد أهداف في جزيرة العرب.

السفير يشكو: لم يعد للأمريكيين أي مهمة في صنعاء
روى أحد السياسيين ، أن السفير الأمريكي وبعد انتصار ثورة 21 سبتمبر ، أخبره بأنهم فقدوا دورهم في صنعاء ، وأن اتصالاتهم انقطعت ، بين السفارة وأجهزة الأمن وأنه لم يعد للأمريكيين أي تواصل بالأمن القومي والسياسي بعدما كانت هناك شبكة اتصال بينهم ، وقال إنه لم يعد للأمريكيين أي مهمة في صنعاء.
منذ ثورة 21 سبتمبر تتالت الأحداث وانتهت بفرار السفير الأمريكي والمارينز والسي آي إيه ، لتسقط الوصاية الأمريكية إلى الأبد ولهذا يمكن وصف ما حدث يوم 11 فبراير 2015 ، يوم التخلص من الهيمنة الأمريكية والوصاية التي فرضتها على الوطن طيلة ستة عقود.
في ندوة نظمها اتحاد الإعلاميين اليمنيين بصنعاء..

قد يعجبك ايضا