جريمة حرق نسخ من القرآن أمام القانون والمواثيق الدولية:

حرية التعبير في الغرب ذريعة للتطاول على المقدسات وإثارة الكراهية بين الأمم

 

 

الثورة / ناصر جراده
الادعاء بقانونية “حرق القرآن” يثير إشكالية أساسية جوهرها التمييز بين مفاهيم حرية التعبير، وخطاب الكراهية، والتحريض على التمييز والعداء والعنف، وليست المرة الأولى التي يقوم فيها المتطرف السويدي الدنماركي راسموس بالودان بحرق القرآن الكريم في العاصمة السويدية ستوكهولهم، بل قام بذلك أيضاً خلال شهر رمضان المبارك في أبريل من عام 2022، ما أثار موجة احتجاجات عارمة في السويد، وأدّى إلى انتشار الفوضى في الشوارع، وحدوث صدامات بين الشرطة والمتظاهرين الغاضبين.
وعلى الرغم من أن وزير خارجية السويد توبياس بيلستروم زعم بأنه ضد هكذا تصرفات عنصرية بقوله إن ” السويد لديها حرية التعبير بعيدة المدى، لكن هذا لا يعني أن تكون الحكومة أو أنا نفسي ندعم الآراء التي يتم التعبير عنها.” لكن الوزير نسي، أو تناسى، أن حرية التعبير لا تكون بالاعتداء على مقدسات وكرامات الآخرين واحتقارها.
الغريب في الأمر أن دول الغرب الديموقراطية التي تدعي زورا وبهتانا أنها تدافع عن حرية التعبير وحقوق الإنسان وحرية الأديان تكيل بمكيالين؛ فهي تنتقد دولا عربية وإسلامية باسم الدفاع عن حقوق الإنسان، بينما تمارس سياسات عنصرية ضد المهاجرين الأجانب خاصة العرب والأفارقة الذين لجأوا، أو يحاولون اللجوء إليها، وتؤيد وتدعم إسرائيل وتتجاهل ممارساتها العنصرية ورفضها للسلام والقرارات الدولية!
إن التبرير وراء إعطاء الضوء الأخضر لمثل هذا السلوك في بلد أوروبي يقطنه أكثر من 600 ألف مسلم تحت بند ما يسمى بحرية التعبير مرفوض، وقد اعتبرته دول إسلامية بأنه عمل إجرامي ويزيد من الكراهية لدى الشعوب.
حرية الرأي والتعبير في القانون الدولي
تضع الفقرة (3 ) من المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية قيوداً على من يطالب بحرية التعبير، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون، وأن تكون ضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، وكذلك حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
خطاب الكراهية
عرّفت الأمم المتحدة خطاب الكراهية بأنه «أي نوع من الاتصال في الكلام أو الكتابة أو السلوك، يهاجم أو يستخدم لغة تحقيرية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس مَن هم، وبعبارة أخرى، على أساس دينهم أو عرقهم أو جنسيتهم أو عرقهم أو لونهم أو نسبهم أو جنسهم أو أي عامل هوية آخر».
وخطاب الكراهية الذي يتضمن التحريض على التمييز أو العداء أو العنف، أو في حال «تسبب بتأجيج العنف» فإن القانون الدولي يحظّره ويدعو الدول إلى اتخاذ الإجراءات لمنعه، وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، تنص المادة 20 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ما يلي: «يحظر القانون أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف».
وبالتالي فإن حرق نسخ من القرآن هو عمل يتضمن التحريض على التمييز والعداء والكراهية، وكذلك العنف بدليل أنه تسبب في مرات عديدة بعنف متبادل وخلق بيئة معادية للمسلمين بصفتهم الجماعية كمسلمين، ويتضمن عنصرية دينية واضحة، وبالتالي هو عمل محظور في القانون الدولي، ولا يمكن الادعاء بحرية الرأي والتعبير لقوننته واعتباره عملاً مشروعاً.

 

قد يعجبك ايضا