وصلت الأمور في ما يتعلق بالصراع الشامل – الذي يخوضه الشعب اليمني الصامد في مواجهة دول تحالف العدوان – إلى مرحلة استثنائية على الصعيد السياسي والاقتصادي والإنساني وكذلك العسكري خصوصاً أن الهدنة وما حصل بعد انتهائها وفشلها من مفاوضات سرية ومشاورات معلنة يجب أن يكون لها نتيجة فإما أن تؤتي ثماراً طيبة وتأتي بمعطيات عملية إنسانية تخفف من معاناة الشعب اليمني نتيجة الحصار الاقتصادي الذي تفرضه دول تحالف العدوان وتسهم في دفع عملية السلام إلى الأمام من خلال مواقف وأعمال تؤكد جدية تحالف العدوان ومصداقيته في تحقيق تقدم ملموس في الملف الإنساني والاقتصادي يترتب عليه الانطلاق نحو مفاوضات سياسية شاملة حقيقية مزمنة بخطوات تدريجية متتالية عملية يتم الاتفاق عليها وتنفيذها في الواقع بشكل كلي بدون أية عراقيل ليتم بعدها الشروع في الخطوة الثانية، وهكذا حتى يتحقق السلام بشكل شامل وحقيقي فإن لم يحصل هذا في الزمن القريب العاجل فلا شك أن الأمور متجهة حتما إلى التصعيد العسكري لأنه لا يوجد خيار آخر وصنعاء وقواتها المسلحة على أتم الجهوزية لردع العدو بكل ما لديها من قوة ولديها الحق كل الحق في ذلك.
الهدنة أخذت مساحة زمنية كافية ولم تصل إلى نتيجة بالشكل الذي كان يجب أن تصل إليه والمفاوضات أخذت كذلك مساحة زمنية كافية وحصلت لقاءات ونقاشات متعددة وزيارات متبادلة مكثفة بين صنعاء ومسقط من خلال الوفد العماني والوفد الوطني المفاوض وكذلك زيارات المبعوث الأممي والمشاورات مع دول تحالف العدوان، كل هذا يجب أن يكون له نتيجة فمن غير المنطقي ولا المعقول أن تكون المفاوضات عقيمة أو مفاوضات لمجرد المفاوضات وزيارات لمجرد الزيارات ومشاورات لمجرد المشاورات لا بد أن تسفر تلك المفاوضات والزيارات والمشاورات إلى نتيجة وهذا ما ينتظره الشعب اليمني الصامد بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر، فقد وصلت الأمور إلى حالة فريدة واستثنائية فبقاء حالة اللا سلم واللا حرب بعد فشل الهدنة وانتهاء مدتها وبعد المفاوضات يجب أن تحصل متغيرات ومستجدات تسهم في تحقيق السلام وفك الحصار كترجمة فعلية لنجاح وتقدم المفاوضات أو تستأنف المعركة العسكرية عملها تأكيدا لفشل المفاوضات وهذا ليس لمصلحة تحالف العدوان لأن القوات المسلحة اليمنية تملك خيارات استراتيجية قوية إذا أجبرها العدوان على تنفيذها بمماطلته وغطرسته فسيصل به الحال إلى الندم والخسارة.
لقد كانت الفترة الماضية منذ إعلان الهدنة إلى اليوم كفيلة بأن تصنع السلام في اليمن وأن تخفف من معاناة الإنسان اليمني في الجنوب والشمال ولكنها لم تفعل بل ازدادت الأمور سوءا وتدهورا على المستوى الاقتصادي فلم تصل الهدنة التي قيل عنها إنها إنسانية إلى نتيجة إيجابية تؤكد أنها فعلا تعمل على الأخذ بيد الإنسان اليمني ولم تصل المفاوضات السرية ولا المعلنة إلى نتيجة مثمرة تدفع بعجلة السلام إلى الأمام وتؤسس لتنفيذ معطيات عملية ملموسة في الواقع اليمني، وتؤكد فعلا أن هناك نوايا حقيقية بالنسبة لتحالف العدوان لتحقيق السلام في اليمن على الرغم التي تبذلها القيادة في صنعاء والوفد الوطني المفاوض في سبيل تحقيق السلام والتخفيف عن الشعب اليمني وهذا يعني أن تحالف العدوان يستغل الهدنة والمفاوضات ويراوغ ويماطل ويستمر في عدوانه بطريقة مختلفة ولا يملك أي توجه حقيقي جاد على تحقيق السلام.
يمكن القول إن الأمور وصلت إلى طريق مسدود، فالهدنة فشلت والمفاوضات لا تزال تدور حول نفسها والواقع المعيشي اليمني يزداد قساوة والعدو مستمر في تنفيذ مخططاته وأعماله الاستعمارية في المحافظات المحتلة وغير هذا الكثير من الأعمال العدائية الإجرامية التي يمارسها تحالف العدوان باستمرار والتي جميعها تؤكد أن بقاء الوضع كما هو عليه لا يخدم مصلحة الشعب اليمني بل يخدم أهداف ومخططات العدوان وإذا لم يستجد جديد نتيجة زيارات الوفد العماني والوفد الوطني المتكررة إلى صنعاء فإنه صار لزاما على القيادة في صنعاء أن تتخذ موقفا سياسيا وعسكريا قويا وحاسما لردع العدو كخيار نهائي أجبرها العدو عليه بمماطلته ومراوغته وغطرسته، وهذا هو الذي سيحرك الملف السياسي ويصنع المتغيرات والمستجدات ويصنع السلام لليمن واليمنيين إن شاء الله تعالى.