حتى في تلك المناطق المحتلة التي يسيطر عليها تحالف العدوان، يدفع المواطن اليوم ثمناً باهظاً في جميع المحافظات اليمنية نتيجة الحصار الاقتصادي الغاشم الذي تمارسه دول التحالف منذ أكثر من 7 سنوات، ومع إغلاق ميناء الحديدة وحصر دخول البضائع على ميناء عدن الذي تتحكم بإدارته عصابة من لصوص لا تُلقي بالاً لما يعانيه الشعب، يُتَّخَذ قرار بمضاعفة سعر الدولار الجمركي، وهو ما يعني زيادة التعرفة الجمركية بنسبة ١٠٠% على جميع الواردات من سلع غذائية وبضائع ومواد خام، الأمر الذي تسبَّب بارتفاع مخيف في أسعار السلع الأساسية والمنتجات الغذائية والأدوية، وزيادة نسبة الفقر نتيجة عدم تمكُّن كثير من الأسر الحصول على ما تطعم به صغارها، لقد كان لإقحام الورقة الاقتصادية في الحرب والحصار من خلال اتخاذ قرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، ضمن معركة اقتصادية قذرة لا تقل شراستها عن المعركة العسكرية، آثارا كارثية على المواطن اليمني تسبَّبت بفشل ذريع في إدارة السياسة النقدية للبلاد وانهيار العملة وتآكل قيمتها إلى أقل من نصف قيمة العملة المحلية القانونية المتداولة بعد اللجوء إلى طباعة عملة جديدة بمئات مليارات الريالات دون غطاء نقدي، كما تسبب ذلك القرار بانقطاع المرتبات عن منتسبي الجهازين المدني والعسكري بعد أن كانت تُسلَّم بانتظام في جميع محافظات الجمهورية، نتيجة نهب عائدات النفط والغاز، حيث كانت تعتمد ٨٠% من موازنة الدولة في الأعوام السابقة من أجور ومرتبات ومشاريع حيوية على تلك العائدات التي يتم نهبها اليوم إلى خارج البلاد، لتودَع في حسابات خاصة في البنك الأهلي السعودي، ويستفيد منها قلة من الفاسدين، وبالتالي حرمان المواطن اليمني من أبسط حقوقه التي لا يختلف عليها أحد وهو المرتب، والذي بانقطاعه عانت البلاد من ركود اقتصادي وإفراز طبقة جديدة من الفقراء .
ورغم الهُدنة المزعومة، والتي من أبسط شروطها السماح بوصول سفن الوقود عبر ميناء الحديدة دون عراقيل، عمدت دول الحصار التي أدركت مؤخراً عدم جدوى معركتها العسكرية إلى تأخير الإفراج عن تلك السفن رغم تفتيشها وحصولها على التصاريح اللازمة ليتكبد المواطن مبالغ مالية كشروط جزائية جرّاء ذلك التأخير، ما شكَّل عبئاً إضافياً على المواطن وعلى المزارع والمصنِّع، وكذلك ارتفاع في أسعار مدخلات الإنتاج نتيجة ارتفاع تكاليف النقل والتأمين إلى الموانئ اليمنية بسبب الحصار الاقتصادي الذي تسبَّب في ارتفاع فاتورة أسعار السلع المصنَّعة محلياً والمستوردة على حد سواء، وهو ما يعني فرض دول الحصار عقاباً جماعياً، على الشعب اليمني من شماله إلى جنوبه دون استثناء، متسبباً بشلل كلي للاقتصاد المحلي انعكست آثاره السلبية على جميع مجالات الحياة من تعليم وإنتاج وصحة ومعيشة، حتى بات السؤال المُلِح الذي يبحث الجميع عن إجابة له، إلى متى يستمر ذلك الحصار الاقتصادي؟
وهل المفاوضات السياسية الجارية اليوم تحت مسمى الهدنة بمقدورها إنقاذ ملايين اليمنيين الجوعى وسط تصفيق ومباركة مجتمع دولي منافق غير مكترث بالمعاناة الإنسانية بمقدار حرصه على استقرار سعر النفط العالمي؟!
وهل بمقدور تلك المفاوضات أن تعيد لليمنيين مرتباتهم وتفك الحصار عن موانئهم ومطاراتهم ؟
أم أننا بحاجة إلى مفاوضات من نوع آخر قادرة على تحريك المياه الراكدة وإجبار المعتدي على رفع اليد عن الشأن اليمني ليتدبر اليمنيون حل مشاكلهم بأنفسهم ؟
رئيس الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الإنتاج المحلي