نعمل على تنظيم مركز لتسويق العسل يديره خبير متخصص
أملك 500 عود لم تنتج سوى 75 لتراً من العسل هذا العام
نعاني من ارتفاع تكاليف التنقل وغياب السوق المنظم
الثورة/ يحيى الربيعي
يواجه العسل اليمني مشكلات فنية يمكن حلها بوجود عمل تعاوني يتمثل في جمعيات منظمة توفر آلية تضمن الحفاظ على سمعة العسل اليمني وجودته وزيادة إنتاجه بتوفير تقنيات حديثة للتصفية والفرز والتعبئة، والحماية من أساليب الغش.
وتعد ظاهرة الغش هي الأخطر، حيث وقد تجاوزت الحد إلى خلط العسل اليمني مع أنواع خارجية تزدهر تجارة استيرادها على حساب حماية المنتج اليمني الذي ما زال يصنف عالميا بأنه منتج نفيس ويعتبر ذا جودة وقيمة، ناهيك عن غياب آلية السوق المنظمة والمنصفة، والتي يعد حضورها هو المسار الأمثل لضمان حماية أفضل.
في مديرية حزم العدين محافظة إب، وتحديد في عزلة بني أسعد، العزلة الأكثر إنتاجا من بين العزل المنتجة للعسل العديني المشهور بأجود أنواع العسل، كانت جولتنا برفقة المدير التنفيذي لجمعية حزم العدين التعاونية أمين الهادي ومنسق مؤسسة بنيان بالمديرية أمجد بيضان، وخلالها طفنا على عدد من المناحل، واستمعنا إلى الكثير من معاناة النحالين.
وكانت البداية مع النحال مروان محمد محمد أحمد، الذي بدوره شرح لنا قصته مع تربية النحل قائلا: “لي ثلاث سنين، وكانت أول تجربتي مع عشرين “جبح؛ عود”، وكانت التجربة ناجحة، فقد أثمرت أن زاد عدد الأجباح خلال السنتين إلى 500 جبح.
وأشار إلى أن التغذية السكرية مستمرة حتى أثناء توفر المراعي إلا أن النحل حالما ما يتحصل على المراعي الكافية فإنه من ذات نفسه من يقطع التغذية السكرية، مشيرا إلى أن الأمطار هذا العام قليلة، ومع ذلك نشكر الله سبحانه وتعالى، فقد أنتجت 500 جبح حوالي 100 علبة بلاستيكية عبوة 75 ملجم من العسل، رغم أن النحل ينتقل من زهرة إلى أخرى، ونلقى صعوبة في فرز العسل كل نوع على حدة؛ “ضباية وسدر ومراعي”، خاصة حين يأتي بعض الأحيان الوجه ضباية أو سدر والوجه الآخر تغذية سكرية.. الحمد لله، صفيت لي من عسل السدر حوالي 50 علبة، والباقي ما بين ضباية ومراعي.. المحصول لن يفي بتكاليف الانتقال والرعاية إلا أن هذه هو حال مهرتنا؛ مرة تصيب وأخرى تخيب.
وأفاد بأن النحل يستعيد نشاطه تلقائيا مع كل انتقال من منطقة رعي إلى أخرى، منوها إلى أن هناك بعضا من الزهرات من تعطي للنحل “ولد”، وأن النحالين يتركون استخلاص العسل في حال ما ترتعي النحل من هذه الزهرات كي تنمو وتتكاثر، خاصة بعد العلب، فإن ذلك حلو لها ولـ”الولد”، مشيرا إلى أن النحالين يقاومون ما يصيب النحل من “قراد”، و”إسهال” بعلاج بشبه “المساطر” لمكافحة “القراد” لكل عشرة أعواد مسطرة، وطقوس أخرى من التبخير بمواد خاصة للقضاء على الإسهال.
ويتفق النحالون (مروان محمد) و(عبده علي الهتار) و(علي سعيد عبده) وغيرهم مع مجمل ما أورده النحال (مروان) من تفاصيل حول تربية النحل، مضيفين إلى ذلك: “النحال يعاني كثيرا من قسوة الظروف المعيشية، وارتفاع تكاليف الانتقال من منطقة إلى أخرى إضافة إلى العلاجات، والتنقل من الريف إلى المدينة لبيع محصول العسل.. وفي كل، فإن النحال مضطر للغربة عن أهله، ويحتاج بالتالي إلى مصاريف له ولأهله، وهذا كله من حال ما يتحصل عليه النحال من قيمة العسل الذي أحيانا يتراجع ثمنه إلى حد أن قيمته العائد لا تفي بالتكاليف ويظل النحال مديونا إلى موسم آخر، وهكذا.. لكن، في حال توفر سوق منظم، وأسعار ثابتة ومجزية، فإن ذلك سيخفف الكثير من المعاناة عن كاهل النحالين، معتبرين أن السوق هي الإشكالية الأكبر التي بحلها سيتشجع الكثير على تربية النحل وتنمية إنتاجه، وسيخلق التنافس على تقديم الأفضل جودة.
ويعقب على ذلك، المدير التنفيذي لجمعية حزم العدين أمين الهادي بالقول: “مديرية حزم العدين تنتج أجود أنواع عسل السدر والضبة والسلام والمراعي، وتعتبر المنتج الأول لعسل السدر الخالص الخالي من المواد الإضافية التي تعطى للنحل، مشيرا إلى أن الكمية التقديرية لإنتاج العسل في المديرية تتراوح ما بين 200 – 300 ألف كجم سنويا، تتحكم بذلك كمية سقوط الأمطار القليلة هذا العام بشكل كبير”.
ويؤكد الهادي: “يتعرض النحل للموت بسبب الرشح غير المقنن للمبيدات، وخاصة في المزارع القريبة من مناحل العسل، عزوف الكثير عن تربية النحل بسبب قلة المراعي خاصة في أوقات الجفاف، وما تتطلب العناية بالنحل من جهود وتكاليف غالبا ما تكون أكثر من العائد، وقلة الخبرة التي تجعل النحال لا يدرك أهمية الكثير من مخرجات النحل كالغذاء المالكي وسم النحل والشمع ناهيك عن ضعف جودة المحصول بسبب عدم استخدام الأساليب السليمة لفرز العسل ناهيك عن المشكلة الأساس المتمثلة في غياب السوق المنظم والمجهز بأليات قياس وتعديل الجودة”.
ويرى ضرورة توعية المجتمع بأهمية تحديد مواعيد آمنة لرش المبيدات وسن أعراف تعاقب من يخالفها.. عقد دورات تدريبية لمربي النحل يتم فيها تدريب النحالين على التربية السليمة للنحل، وكيفية الاستفادة المثلى من مخرجات النحل، وتجهيز سوق منظم ومجهز بآليات فحص الجودة وتغليف المنتج في عبوات مناسبة، وتنظيم النحالين في جمعيات تعاونية تعمل على دعم وتسويق العسل.
مشيرا إلى أن الجمعية بصدد إعداد قاعدة بيانات بالمناحل والنحالين والمناطق المؤهلة لإنتاج العسل، وتجهيز مركز لبيع وشراء العسل تابع للجمعية، المركز سيقوم بفحص وفرز العسل وتعبئته في عبوات مناسبة بواسطة خبير متخصص وفق مواصفات تضمن جودة عالية، ومن ثم التنسيق مع مراكز بيع العسل في العاصمة صنعاء والمدن اليمنية، وخارج اليمن، وذلك لضمان تسويق أفضل للعسل، وإن شاء الله يكتب لنا النجاح في هذا المسار، مؤكدا أن نجاح الجمعية يتوقف على مدى تعاون الجهات الرسمية في الحد من سيطرة المنتج الأجنبي على سوق العسل في اليمن.