كوارث فساد واختلالات سوق الدواء في اليمن تظهر بشكل متسارع وللأسف الشديد أن تكون تلك الكوارث على جثث أطفال في عمر الزهور اقتطفهم منجل فساد سوق الدواء اليمني -أطفال ضحايا اللوكيميا الذي نأمل أن يكونوا آخر ضحايا فساد واختلالات سوق الدواء اليمني ..
وكم مواطنون يمنيون فقدوا حياتهم بجرعة دواء سامة انتزعت روح المريض بدلاً من علاجها بسبب اختلالات وفساد سوق الدواء؟ …
نحن لا نعمم فساد واختلالات سوق الدواء على جميع شركات الأدوية والصيدليات ومنافذ البيع ولكن ؟
يستلزم ضبط المتلاعبين والفاسدين لاستعادة ثقة الشعب اليمني فيها كمؤسسات وملائكة رحمة، لا شياطين فساد وعذاب .
أول مراحل حل المشاكل ومعالجة الخلل هو بالاعتراف بذلك الخلل ليتم معالجته عندما يتعطل عليك جهاز الجوال يجب أولاً أن تعترف بوجود خلل فيه، ثم تحدد فيه سبب الخلل ليتم إصلاحه …
وهنا نؤكد انه بعد واقعة وجريمة أطفال اللوكيميا في صنعاء ليس مثل ما قبلها يستلزم جرف فساد واختلال سوق الدواء اليمني والبدء بإجراءات عاجلة ومتسارعة والاستفادة من الاحتقان المجتمعي الكبير نتيجة هذه الجريمة النكراء… وان كنا نطالب بتحقيق العدالة الناجزة في كل المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في جريمة إزهاق أرواح أطفال اللوكيميا خلال ثلاثة اشهر على الأقل يتم فيها إعلان أسماء المحكوم عليهم و تنفيذ العقوبات الرادعة ضدهم كأشخاص وجهات رسمية وخاصة الجميع دون تمييز ولا استثناء ولكن يستلزم أن يواكب ذلك إجراءات تصحيحه عاجلة وعمليات جراحية عميقة تنتزع الفساد والاختلال من أعماق سوق الدواء اليمني
فجأة أطفال في عمر الزهور تتوقف قلوبهم الضعيفة عن النبض وترتقي أرواحهم إلى السماء، لن ترتاح أرواح الأطفال -ضحايا اللوكيميا – حتى تتحقق العدالة والإنصاف لهم ضد مرتكبي هذه الجريمة، مرتكبو جريمة إزهاق أرواح أطفال اللوكيميا لا ينحصرون فقط في من قام بتهريب دواء مشكوك في صحته وغير مطابق للمواصفات، وليس قصور تعقيم المستشفيات الذي يطرح البعض أن سبب وفاتهم هو تلوث المستشفيات …
مرتكبو جرائم إزهاق أرواح أطفال اللوكيميا هو كل من تسبب في إغراق السوق الوطنية بأدوية منتهية الصلاحية وغير مطابقة للمواصفات والمقاييس وبيعها بأسعار مضاعفة للحصول على أرباح طائلة من قيمة دواء سام ينهك أجساد المرضى بدلاً من علاجها، ويقتل المريض ببطء بعلاج منتهي الصلاحية أو رديء المواصفات لا يقدم الغرض الدوائي اللازم، وللأسف الشديد، بأسعار مضاعفة أصبحت تجارة الدواء في اليمن تجارة رابحة بسبب انفلات الأسعار ومزاجية الشركات التجارية التي تحدد السعر بمزاج وتحتكر العلاج بالسعر الذي يحددونه دون ضوابط ودون أخلاقيات فتسابق الجميع على سوق الدواء للحصول على نصيب من كعكه الربح الطائل المغموس بألم ووجع المريض غير القادر على شراء جرعة الدواء لغلاء ثمنه واذا توفر ثمنه ربما ينصطدم بعلاج منتهي الصلاحية أو مهرب تم تهريبه في ظروف تخزين سيئة عرضته للتلف أن لم يكن تالف قبل تهريبه ..
من العجيب أن المواطن اليمني عند سفره لخارج اليمن يفاجأ بأسعار رخيصة جداً لأسعار الدواء قياساً على سعرها في اليمن وهذا حافز كبير لتهريب الدواء للفوارق الكبيرة بين أسعار الدواء في الخارج عن داخل اليمن ولن يتم إيقاف تهريب الدواء مالم يتم تقليص هامش أسعار الدواء في الخارج عن سعره في اليمن ..
مرتكبو جريمة إزهاق أرواح أطفال اللوكيميا هم المحتكرون الذين خنقوا، سوق الدواء اليمني باستيلائهم على وكالات شركات الدواء وحصرها في يد أشخاص معدودين وكسر أي تنافس إيجابي ..
لن نستمر في تشخيص المشكلة بشكل أكبر، فمشكلة وكارثة سوق الدواء الوطني، كارثة خطيرة وواضحة ونبدأ في نقاط محدده لمعالجة اختلالات سوق الدواء وتكبح جماح الفساد والاستغلال أوجزها في النقاط التالية:
1 – وجوبية إصدار وزارة الصحة إعلان في وسائل الإعلام ينص على تحديد فترة زمنية شهر واحد فقط لجميع وكلاء الأدوية بتوفير وتوريد الأدوية من الشركات الوكلاء لها، أو سيتم سحب الوكالة من الوكيل والتخاطب مع تلك الشركات العالمية، بتكليف وكيل آخر لتوريد الأدوية وبيعها في السوق الوطنية..
2 – منع تسجيل أي صنف من أصناف الدواء والسماح بتسويقه إلا بعد تسجيل ثلاثة أصناف دوائية مثيله لها ولشركات ومؤسسات منافسة وذلك لكسر الاحتكار.
3 – تحديد أسعار جميع الأدوية في السوق الوطنية، وفي جميع مراكز البيع الجملة والتجزئة وفي جميع المحافظات وبسعر موحد وضبط هامش الربح بما لا يتجاوز 1 % من سعر التكلفة فمن غير المعقول أن يكون سعر الدواء في اليمن أضعاف سعره في العالم اذا تم تحقيق هذه المعادلة وفرضها في سوق الدواء اليمني سينخفض أسعار جميع الأدوية بما لا يقل عن نسبة 80 %.
4 – الزام كافة شركات الأدوية بوضع لاصق سعر الدواء على جميع بواكت وعلب الدواء سعر البيع للمستهلك وفي لاصق السعر باركود QR الدواء ووفقا للأسعار الحقيقة لتكلفة الدواء مع هامش ربح لا يتجاوز 1 % واحد في المائة فقط .
5 – إعلان وتعميم أسعار جميع أصناف الدواء في تطبيق إلكتروني مجاني وموقع وزارة الصحة وإتاحة تلك المعلومات لجميع المواطنين وتنفيذ حملة إعلامية واسعة لتعريف المواطنين بكيفية وآلية الاطلاع على جميع أسعار الدواء، والإبلاغ عن أي شركة أدوية أو صيدلية تبيع بسعر أكبر.
6 – الزام كافة الصيدليات ومراكز بيع الدواء -الجملة والتجزئة – بالبيع عبر نظام إلكتروني ومنح المستهلك فاتورة شراء محدد فيه سعر الدواء ونوعه وربط ذلك النظام بنظام رقابة شامل تابع لوزارة الصحة يظهر فيها كافة أصناف الأدوية وأسعارها والكميات المخزنة من كل صنف .
7 – ربط النظام الآلي المالي لبيع الأدوية بنظام معلومات الأدوية العالمية وأيضا بنظام معلومات الجمارك ليظهر فيها الأسعار العالمية لكل دواء والسعر في المنافذ البرية والبحرية والجوية .
8 – كشف وزارة الصحة لمخزونها الدوائي من جميع الأدوية والكميات من كل صنف في المخازن الرئيسية لوزارة الصحة وكافة المخازن الأخرى في المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية وتحديث المعلومات والبيانات يوميا وإتاحتها لجميع المواطنين عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة الرسمي
9 – فرض والزام كافة شركات الأدوية ووكلاء الأدوية وتجار الجملة والتجزئة والصيدليات بالبيع المباشر للمواطنين وباي كميات حتى شريط واحد وبسعر موحد بنفس أسعار البيع للتجار ودون أي فوارق .
10 – تخفيض أسعار الدواء المصنع محليا وإعادة النظر في أسعار كافة الأصناف المصنعة محليا وتحويل حوافز التصنيع الدوائي المحلي والإعفاءات الضريبية والجمركية لصالح المستهلك وليس لصالح شركات ومصانع الأدوية وتحديد هامش الربح فيها بما لا يتجاوز 1 % من سعر التكلفة الحقيقية لإنتاج الأدوية.
11 – إلزام جميع الأطباء في المستشفيات الحكومية والخاصة بعدم كتابة الوصفات الطبية من الأدوية بمسمياتها التجارية.. ويتم فقط الاكتفاء بالاسم العلمي فقط دون اختيار شركة محدده في الدواء.
12 – فتح تحقيق عاجل في جرائم نهب والاستيلاء على مصانع الأدوية الحكومية والاستيلاء على وكالات الأدوية التي كانت مملوكة للحكومة اليمنية وتم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني وبشبهات فساد واستعادتها.
13 – إنزال حملات ضبط وتفتيش دورية أسبوعيا لجميع منافذ بيع الدواء للتأكد من الالتزام بالتسعيرة الرسمية وبالشروط العامة ومنها ما تم توضيحه في النقاط السالفة.. وإعلان أسماء الشركات ومنافذ البيع المخالفة وتركيب لافتة في واجهة تلك المنافذ -لمدة عام على الأقل – توضح المخالفة وتاريخها ونوعها ومصادرة كافة كميات الدواء لمخزنه في مخازن تلك الشركات والمؤسسات وحبس جميع المتورطين لمدة لا تقل عن عشر سنوات .
14 – رفع غرامات المخالفات في سوق الدواء بما لا يقل عن مليون ريال عن كل مخالفة وتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن تلك المخالفات ومنحهم 50 % من غرامات المخالفات لتشجيع المواطنين على الإبلاغ.
15 – تشديد عقوبة تهريب وبيع الدواء المهرب لتكون الحبس عشرين عاماً مع مصادرة كافة كميات الأدوية وإتلافها ودفع غرامة بنفس سعر الكميات المضبوطة ومنع تلك الشركات والمؤسسات والأشخاص من العمل في سوق الدواء مستقبلاً بشكل مباشر أو غير مباشر .
16 – تشديد عقوبة تخزين وبيع دواء منتهي الصلاحية أو غير مطابق للمواصفات والمقاييس لتكون إغلاق للمنشأة ومصادرة كافة كميات الأدوية المخزنة في مخازن المنشاة وتحويل الأدوية الصالحة لمخازن وزارة الصحة لتوزيعها مجانا للمواطنين وإتلاف الكميات المنتهية أو غير المطابقة مع نشر أسماء الأشخاص والشركات في وسائل الإعلام الرسمية لردعهم ومنعهم من العمل مستقبلاً في هذا المجال.
باحث ومستشار قانوني – اليمن
Law711177723@yahoo.com