تطل علينا ذكرى ثورة ١٤ أكتوبر ١٩٦٣م ونحن نكابد الحسرات لما صارت إليه أوضاع البلاد نتيجة العدوان والاحتلال، لاسيما في الجنوب الذي يغرق بالفوضى، ويتحكم به العدوان وعملاؤه، ويذيقون السكان الويلات في كل نواحي الحياة؛ قتل ونهب واختطافات واغتيالات على مدار اليوم. ولاءات متعددة خارج الولاء الوطني.
فالجنوب لم يعد جنوب ثورة أكتوبر، أو جنوب الاستقلال، بل أصبح جنوب الشراذم والدعوات المشبوهة؛ من مناطقية وانفصالية، وإرهاب.
لقد تخلى الجنوب عن ثورة أكتوبر، وعن السيادة والوحدة، وذهب الكثير من الجنوبيون يهيمون وراء الأوهام.
ثورة أكتوبر كانت الثورة الوحيدة في اليمن التي غيرت العلاقات الاجتماعية في إجراءاتها الثورية، ونقلت الوطن والمواطن إلى أوضاع متقدمة؛ بعد رحيل المستعمر البريطاني.
وحدت ٢٣ سلطنة وأقامت نظاما للمساواة لأول مرة في تاريخ اليمن، رغم الحصار الذي ضربته الرجعية السعودية وأعوانها في شمال اليمن والخليج، والإمبريالية الغربية حول هذه الثورة.
بنت تلك الثورة وثوارها تجربة رائدة، ونظاما مهابا تهابه القوى الرجعية في الجزيرة والخليج.
أشاعت مجانية التعليم والتطبيب في الداخل والخارج، وكان الإنسان هو هدف هذه الثورة، ومحور نضالها وتنميتها.
تجربة الثورة في الجنوب كانت رائدة، لاسيما في مجال التعليم ومحو الأمية، فقد تم محو أمية ما يزيد على ٩٠٪ من السكان، بل إن الأمية اختفت في الجنوب نهائيا.
أما في مجال حقوق المرأة فقد كان قانون الأسرة في الجنوب رائداً في المنطقة العربية، ولا يضاهيه إلا مدونة حقوق المرأة في تونس. والأهم من ذلك أن الثوار ورجالات الدولة والحزب كانوا نظيفي اليد والضمير، لم يلوثهم الفساد ولم تمتد أيديهم إلى المال العام. كانوا أنقياء بنقاء المتصوفة الثوار.
في اعتقادي أن الوحدة كانت بوابة المؤامرة على ثورة أكتوبر وعلى الجنوب والحركة الوطنية والاشتراكي، لم تكن عصابة ٧/٧ جادة في المشروع الوحدوي وقد نقضت اتفاقية الوحدة من أول يوم.
لم تستطع عصابة الفساد في صنعاء، ومن ورائها السعودية، كسر ثورة أكتوبر بالحروب التي شنتها ضد ثورة أكتوبر لأكثر من مرة، ولكن بالمؤامرة استطاعت عصابة ٧/٧ الدموية ضرب الجنوب والثورة، وتصفية تلك المكاسب التي حققها الكادحون اليمنيون بالعرق والدم، بل إن عصابة ٧/٧ أفرغت الجنوب من الوعي الوطني والوحدوي بالانقلاب على الوحدة، وتصدير الإرهاب، وتصفية تجربة ثورة ١٤ أكتوبر، وتفكيك الجنوب ونهبت ممتلكات الناس فيه، وإعادته إلى ما قبل الاستقلال، ولم تسلم مقابر الشهداء والمجسمات وأسماء الشوارع من التجريف.
والنتيجة هو ما يحدث اليوم من فوضى وإرهاب واحتلال متعدد الجنسيات.
لقد كانت حرب ٩٤ قمة المؤامرة على اليمن بكاملها من قبل عصابة ٧/٧ والقوى الرجعية التي صدرت الإرهاب إلى اليمن.
كانت حرب ٩٤ فاتحة الحروب المتناسلة التي قادتها عصابة ٧/٧ بطول اليمن وعرضها، ولم تبق على منطقة، أو جماعة وطنية إلا ودمرتها.
تلك العصابة نهبت الشمال على مدى حكمها، ثم غزت الجنوب لتنهب كل ما فيه من إمكانيات.
لو أن هذه العصابة استثمرت ما نهبته من المال العام والثروات في اليمن، لكنا شكرناها، لكنها هربت كل ما سرقته إلى الخارج، وتركت الشعب مفقرا، يخوض حروبها القذرة.
وعندما ثأر الشعب ضد تلك العصابة، ذهبت للتآمر على الثورة واحتوائها وقتل شبابها، وعندما عجزت عن مواجهة الإرادة الشعبية ذهبت للتآمر مع العدوان والاحتلال ومساعدته في احتلال البلاد ونهب ثرواتها مقابل الحصول على الفتات من الأموال وخدمة الاحتلال.
لقد أعاد العدوان والاحتلال الجنوب إلى ما قبل الثورة اليمنية، وقضى على التنمية والوحدة والاستقلال. ومازال يشهر أطماعه على الملأ دون مواربة. والعصابات التي صنعها ويمولها من ثروات اليمن السيادية تنفذ أجنداته القذرة.
الرحمة لكل ثوار وثورات اليمن، ولا نامت أعين الجبناء.