تخريب منشاءات الكهرباء والنفط يتعارض مع قيمنا وعاداتنا
> غياب الجهات المعنية أدى إلى اندثار الآثار والمتبقي منها في طي الإهمال
> نعيش في ظلام دامس.. وأطفالنا يدرسون تحت الأشجار
دعاني مؤخراٍ أحد الأصدقاء لحضور حفل تكريم ولده في مدارس المثعف بمديرية بدبدة بمحافظة مارب فلم أتردد لحظة عن الموافقة وسعدت كثيراٍ بدعوته الكريمة إلا أنه سرعان ما تلاشت السعادة التي غمرتني حينها منذ اللحظات الأولى التي وطأت فيها قدماي هذه المديرية وكلما كنت أتوغل أكثر في المساحة الشاسعة لبدبدة كان الحزن يتضاعف حتى كاد يخنقني ويرديني صريعاٍ بسبب ما شاهدته من حرمان وألم ومعاناة جاثمة على صدور أبناء المديرية وملازمة لهم وبسبب الفجوة الزمنية بين المجتمع المحلي الذي خرجت منه باتجاه مديرية بدبدة وبين المجتمع المحلي فيها الذي مازال يعيش خارج التاريخ وما قبل العصور الوسطى.
“” تعد أول وسيلة إعلامية محلية وعربية ودولية تزور هذه المديرية وتطلع على معاناة أبنائها وتجولت في أرجائها والتقت المسئول الأول فيها الدكتور يحيى محمد القانصي مدير عام مديرية بدبدة رئيس المجلس المحلي والذي أدلى بدلوه حول وضع بدبدة بصوت لا يخلو من نبرات وآهات الألم والحزن.. فإلى التفاصيل:
• إلى ماذا يعود سبب الاعتداءات المستمرة على أنبوب النفط ببعض مناطق محافظة مارب¿
– هناك أسباب عديدة جعلت من أنبوب النفط عرضة للاعتداءات المستمرة من قبل المخربين في بعض المناطق الذين يطالبون بصرف تعويضات لهم بحجة أن الأنبوب مر من منطقتهم والسبب الرئيسي في استمرار هذه الاعتداءات يعود وبنسبة 80% للدولة التي ترضخ لتنفيذ طلباتهم منذ سنوات طوال وحتى وقتنا الراهن وقد قامت في إحدى المرات بصرف تعويض مالي كبير لهذه المناطق التي يمر منها أنبوب النفط يصل إلى نحو مليار و800 مليون ريال مع أنه من المفترض أن تقوم الدولة بفرض هيبتها وأن تقوم القوات الأمنية بحماية الأنبوب النفطي بدلاٍ من صرف مبالغ لأفراد بعض المناطق تصل من ( 30 – 40) ألف ريال شهرياٍ للفرد الواحد .
واجب وطني
• ما هو الدور الذي تقومون به لحماية المنشآت والخدمات العامة خاصة خطوط نقل الطاقة وأنبوب النفط ¿
– يا أخي حماية هذه المنشآت خاصة خطوط الطاقة وأنبوب النفط واجب وطني على كل اليمنيين فهي ملك للجميع وليس لجهة أو جماعة لذا يتوجب علينا الحفاظ عليها من أي عمل تخريبي يضر بالمصلحة العامة أما في سياق الإجابة عن سؤالك أؤكد لك بأن أنبوب النفط وخطوط الطاقة لا تمر بداخل المديرية وإنما بأطرافها مثل منطقة وادي حباب ولو كانت خطوط الطاقة تمر من المديرية لكنا اليوم ننعم بخدماتها.
ظلام دامس
• افهم من كلامك أن خدمة الطاقة الكهربائية لم تصل إلى بدبدة¿
– حتى اللحظة لم يتم رفد المديرية بخدمة الطاقة الكهربائية الأمر الذي جعلنا محرومين من هذه الخدمة الهامة والأساسية في حياتنا بالرغم من الوعود المستمرة من الجهات المسئولة التي سرعان ما تتلاشى وهناك وعود شفوية من الجهات المعنية بربط مديرية بدبدة مع منطقة حباب بمديرية صرواح التي تم رفدها بهذه الخدمة منذ أكثر من أسبوع ومازلنا ننتظر تنفيذ هذه الوعود وإدخال النور إلى مديريتنا التي مازالت حتى اللحظة تعيش في ظلام دامس.
أول وسيلة إعلامية
• أثناء وصولي للمديرية قمت بجولة استطلاعية بالمديرية ووجدت أن هناك مشاريع قيد التنفيذ وأخرى متعثرة وأخرى تفتقر لأبسط المقومات التي تجعلها قادرة على العطاء فما تعليقكم على ذلك¿
– أولاٍ أود أن أوضح لك شيئاٍ مهماٍ وهو أن “الثورة” تعد أول صحيفة ووسيلة إعلامية تقوم بزيارتنا للمديرية والتي نتمنى منها أن تنقل المعاناة التي يعيشها أبناء هذه المديرية بكل مصداقية ومهنية دون مزايدة أو تضخيم وبالعودة إلى سؤالك أقول بأنه منذ أن تم تعييني مديراٍ عاماٍ للمديرية قبل حوالي عام أو يزيد قليلاٍ قمت ومن معي من المجلس المحلي بالمديرية ببذل جهود كبيرة لتنفيذ بعض المشاريع وأيضاٍ استكمال المشاريع المتعثرة التي لم تحرك تجاهها ساكناٍ قيادات المديرية السابقة فمثلاٍ مشاريع الطرق بالمديرية والتي تعد شريان الحياة فهي وللأسف الشديد طرق متهالكة يصعب التنقل فيها بسبب وعورتها وأنت ممن شاهد وعانى أيضاٍ منها حتى تمكنت من الوصول إلى المديرية وأما في حال هطول الأمطار فإن أجزاء عديدة من هذه الطرق تنهار وذلك بسبب عدم وجود جدران ساندة بالإضافة إلى أن الأمطار تجعلنا تحت الإقامة الجبرية وذلك بسبب السيول التي تمنعنا من التنقل أما فيما يخص الجانب التعليمي فتوجد لدينا 24 مدرسة منها 12مبنية و12 أخرى هي عبارة عن ساحات مفتوحة يدرس الطلبة تحت أشجارها حيناٍ وحيناٍ أخر ينتقلون إلى أماكن أخرى بديلة ومن خلال تضافر الجهود استطعنا ومكتب التربية والتعليم تأثيث بعض هذه المدارس بمساهمة من شركة صافر وبصراحة هذا الجانب يحتاج إلى اهتمام خاص كون التعليم يْعد اللبنة الأساسية لبناء جيل قادر على العطاء وأما الجانب الصحي فحدث عنه ولا حرج حيث يفتقر المركز الصحي فيها إلى أبسط المقومات التي يتسنى لنا من خلالها تقديم الرعاية الصحية اللازمة لأبناء المديرية وباختصار المركز الصحي ببدبدة خالُ على عروشه .
واستطرد : كثيرة هي المعاناة التي نتكبدها فلا يوجد حتى مركز اتصالات – قاعدة بيانات- أو بريد ومكتب الأحوال المدينة بالمديرية هو الآخر يشكو من الإهمال وهل أزيد من الطين بلة وأحدثك عن الإدارة الأمنية التي تعد السيف والدرع الواقي الذي يحمي المديرية التي تشكو الإهمال وتفتقر لمقر خاص بها ولا تمتلك التجهيزات الأساسية التي تمكنها من القيام بواجبها.
مشاريع عديدة
• إذا ما هو الدور الذي قامت به قيادة المديرية في جانب المشاريع¿
– بالرغم من شحة الميزانية وبحسب إمكاناتنا تم مسح 28 كيلو من الطرق الداخلية بالمديرية والطرق المؤدية إلى بعض المديريات وبناء جدران سائدة في بعض المناطق حتى تمنع انهيار الطرق التي تتأثر بسبب هطول الأمطار والسيول وأيضاٍ تم تزويد المركز الصحي بكادر طبي مكون من طبيب عام وطبيب مختبرات وممرضتين وصيدلي بالإضافة إلى حراس وعامل نظافة والذين يتم دفع رواتبهم من خلال استقطاع مبالغ رمزية من مرتبات بعض الموظفين ومن المديرية أيضاٍ كما قمنا بتوفير المعدات اللازمة من أدوات مختبرية وغيرها البعض منها تم استئجارها مقابل مبالغ مالية تدفع نهاية كل شهر.. بالإضافة إلى تجهيز مركز الأحوال المدنية من أجهزة كمبيوتر وآلة التصوير من أجل تخفيف المعاناة على أهل المديرية من السفر إلى عاصمة المحافظة أو إلى صنعاء لاستخراج بطاقة شخصية وحتى اللحظة لا يوجد مركز اتصالات يمكننا من قطع البطاقة من مكتب الأحوال بالمديرية بطريقة مباشرة الأمر الذي يجعلنا نرسل البيانات عبر(فلاشات) ليتسنى لنا سحب البطائق من صنعاء أو عاصمة المحافظة وكذا قمنا بتأثيث بعض المدارس كما تابعنا سير العمل في المجمع الحكومي بالمديرية الذي كان متعثراٍ منذ حوالي ثلاثة أعوام وهو الآن على مشارف صب السطح للدور الأول بالإضافة إلى تواصلنا المستمر مع المقاولين الذين عملوا مع الإدارة السابقة من أجل إنجاز المهام المناطة بهم وأما حول ما تم تنفيذه من المشاريع خلال العام الجاري فقد انتهينا من مسح وصيانة طريق البياضة شمال المديرية وخلال الأيام القليلة القادمة سيتم الانتهاء من بناء مدرسة العقلة وسنعمل خلال الفترة القليلة القادمة على تحسين مستوى الجانبين التنموي والخدمي وبما يلبي احتياجات ومتطلبات المديرية.
تضافر الجهود
• هل يعني هذا أنك قمت بتنفيذ المشاريع التي أشرت إليها بمفردك دون تعاون أبناء المنطقة أو أية جهة أخرى¿!
– أنت الآن تتجنى عليِ فأنا أتحدث معك بكل صراحة وبدون أي مراوغة وأنا لا أملك عصا سحرية ليتحقق من خلاها المستحيل ولكن لولا قيادات وأبناء المديرية لما تمكنت حتى من أن أزيل حجراٍ من مكانه فبالحب والتعاون وتضافر الجهود استطعنا أن نوفر لهذه المديرية من الخدمات الشيء البسيط والتي تعد في نظري مجرد نقطة في بحر وسوف أبذل جهوداٍ كبيرة لأجعل من هذه المديرية أسطورة يتحاكى عنها الجميع.
الثار بعدد الأصابع
• ماذا عن الثأر في المديرية¿
– الثأر في مديرية بدبدة لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة حيث تحصل بعض المشاكل بين القبائل والعزل ولكن بجهود المشايخ والعقال يتم حلها واحتواؤها قبل أن تتوسع وأبناء بدبدة لا يستخدمون السلاح إلا إذا لزم الأمر فهم يجنحون إلى التعليم وينبذون كل أعمال العنف والتصرفات المسيئة من تقطاعات واعتداءات تخريبية على ممتلكات الدولة.
خريجون بدون عمل
• هل هناك بطالة في صفوف الشباب بالمديرية أم أنكم استطعتم القضاء عليها وفقاٍ لخططكم التنموية السنوية¿
– يوجد لدينا العديد من خريجي الجامعات والمعاهد من الجنسين (ذكور وإناث) ووثائقهم متواجدة في الخدمة المدنية منذ العام 2011م وحتى اللحظة لم تصدر فتوى بتوظيفهم أما ما تقوم به المديرية تجاه هؤلاء الشباب وبحسب إمكاناتنا فقد تم تعيين البعض منهم في مكاتب مختلفة مثل الإحصاء والتعليم الفني وغيرهما بالإضافة إلى أننا بصدد تعيين ثلاث من النساء في المكتب التنفيذي.
مدينة الأساطير المنسية
• هل هناك إقبال سياحي على المديرية خاصة وأنها تمتلك الكثير من الآثار والمعالم التاريخية¿
– تحظى بدبدة بالكثير من المعالم والآثار التي تجعلها في مقدمة صفوف المناطق السياحية على مستوى مناطق ومحافظات الجمهورية ومنها على سبيل المثال ( حصن سد العابسي غبراء حسن غيل كليب جبل الجليلة قلة الأمورة قبر جبر) وغيرها ولكن للأسف الشديد غياب الجهات المعنية وأيضاٍ التسويق الإعلامي جعل من بدبدة مدينة أسطورية منسية وآثارها اندثرت وأخرى طمرتها السيول وما تبقى من آثار ومعالم تاريخية وحضارية تعاني من الإهمال وهذا واقع الآثار بالمديرية.
أراضُ خصبة
• إذا ماذا عن الجانب الزراعي¿
– يوجد في المديرية العديد من الوديان والأراضي الزراعية الخصبة كما يوجد فيها ما لا يقل عن ألف بئر من زمن الحميريين والسبئيين وتزرع في بدبدة العديد من المحاصيل منها الذرة الصفراء والشامية – والرومي وأيضاٍ الشعير والبطاط والطماطم وغيرها فالمديرية تتمتع بمناخ يختلف عن الكثير من مناطق الجمهورية.
بداية البداية
• في حال عدم استجابة الجهات المعنية لمعاناتكم .. هل ستلجأون إلى ما تلجأ إليه بعض المناطق بالمحافظة¿
– اتعلم ما معنى كلمة بدبدة.. هي (بداية البداية) فكيف تريد لنا أن نبدأ البداية بالنهاية وأن نقابل البناء بالهدم.. طبعاٍ من المستحيل ذلك كنا ومازلنا نطالب الجهات المعنية بتوفير المشاريع للمديرية بطرق سلمية ولن يتغير ذلك وأنا على أمل بأن يأتي اليوم الذي تصحو فيه الضمائر وتعيد لهذه المديرية اعتبارها.
ابتزاز و تخريب
• كيف يمكنكم إعادة الاعتبار لمأرب الحضارة والتاريخ التي يشوهها قلة من أبنائها باستهدافهم لعصب الحياة الكهرباء والنفط ¿
– كلامك صحيح فهناك قلة من المخربين شوهوا كل ما هو جميل وهم قلة لا يتجاوزون عدد الأصابع منهم من يقوم بذلك لأغراض شخصية أو مصالح قطعت عليهم والبعض الآخر يستقدم أشخاصاٍ من مناطق أخرى للتخريب بهدف ابتزاز الدولة وهناك من يريد زعزعة أمن واستقرار الوطن ويحاول تشويه كل ما هو جميل وثمين فيه وبصراحة أبناء مأرب أكثر طواعية للنظام والقانون إذا بسطت الدولة هيبتها.
صعوبات عديدة
• ما هي الصعوبات التي تعيق تنفيذ خططكم وأعمالكم ¿
– انعدام الموارد المحلية انعداماٍ تاماٍ من أبرز الصعوبات التي نواجهها فلا يوجد لدينا دخل من ضرائب أو جمارك أو من غيرهما بالإضافة إلى قلة الدعم المركزي من السلطة المحلية وبدبدة هي منطقة جبلية وعرة مترامية الأطراف والاعتماد الذي يمكن أن يقدموه للمديرية من تعزيز ربع سنوي لتنفيذ أي مشروع أقل بكثير مما يقدم لبقية المديريات المجاورة التي يوجد لديها مستشفيات مركزية وطرق ولديها من عائدات البترول والحمايات ما يكفي ولكن نحن نعاني من قلة هذه الموارد وانعدام الموارد المحلية.
مصلحة الوطن
• كلمة أخيرة تودون قولها في نهاية هذا اللقاء ¿
– أجدها فرصة من خلال صحيفة الثورة الغراء لأناشد جميع اليمنيين دون استثناء أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة الوطن أولاٍ وأن يملأوا قلوبهم بحب اليمن وأن يحرصوا كل الحرص على وحدة وأمن واستقرار الوطن وأناشد الحكومة وقيادة محافظة مأرب ممثلة بمحافظ المحافظة سلطان بن علي العرادة أن يضعوا مديرية بدبدة ضمن اهتماماتهم .